إيران والجيش السيبراني: من «ستاكسنت» إلى اختراقات دقيقة ضد إسرائيل| العشرات

الأربعاء 22 أكتوبر 2025 - 11:05 بتوقيت غرينتش

تشير تقارير إلى تطور واضح في قدرات إيران السيبرانية منذ أواخر التسعينيات، حيث تحولت إلى لاعب فاعل في ساحات الحرب الرقمية، قادراً على تنفيذ عمليات دقيقة ومعطِّلة ضد أهداف إسرائيلية وغربية. في هذه الحلقة نستعرض نشوء الجيش السيبراني الإيراني وأبرز عملياته وإنجازاته وتأثيرها الإستراتيجي.

خاص الكوثر - العشرات 

في عام 2023، كشفت تقارير استخباراتية إسرائيلية عن اختراق شبهي لنظام دفاع «القبة الحديدية» خلال مناورة كبرى، نفّذته مجموعة سيبرانية يُعتقد أنها تعمل بإشراف إيراني مباشر. المفاجأة لم تكن في حجم الاختراق فحسب، بل في دقته وقدرته على تعطيل النظام مؤقتًا من دون كشف فوري لجهة الفاعل.

تطرح هذه الحادثة سؤالًا جوهريًا: كيف وصلت إيران إلى هذا المستوى من القدرة السيبرانية رغم الحصار والعقوبات والقيود التكنولوجية؟ وهنا سنستعرض مسار التطور وأهم العمليات التي شكّلت خارطة هذا المجال.

منذ أواخر التسعينيات، أدركت طهران أن الحروب القادمة لن تقتصر على السماء أو الأرض فحسب، بل ستُحسم أيضاً خلف شاشات الحواسيب. وبعد هجوم «ستاكسنت» الشهير عام 2010 الذي دمّر آلاف أجهزة الطرد المركزي النووي الإيراني، بنت طهران نواة ما يُعرف اليوم بالجيش السيبراني الإيراني، مكوَّناً من خبراء ومهندسين يعملون وفق استراتيجيات هجومية ودفاعية متوازنة.

وصنّفت بعض المؤسسات العالمية إيران ضمن قائمة أكبر دول تملك قدرة هجومية سيبرانية فعالة، إلى جانب دول كبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة وكوريا الشمالية. أما أبرز الإنجازات السيبرانية المنسوبة لإيران، فكانت على النحو التالي:

اختراق كاميرات شوارع بتل أبيب (2022): حيث نشر حساب إيراني على تلغرام فيديوهات حية من كاميرات مراقبة إسرائيلية، شملت مواقع أمنية حساسة.

هجمات ضد شركات المياه والكهرباء الإسرائيلية (2020–2023): أكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية وقوع أكثر من عشر محاولات ضد البنية التحتية، وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أصابع اتهام تشير إلى مجموعات إيرانية.

عملية "بيتِك" (2020): هجوم أدى إلى تسريب آلاف الملفات والبيانات المالية للشركات الإسرائيلية الكبرى، واتهمت شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية (شاك بوينت) إيران كمصدر محتمل للهجوم.

تشويش على بث أقمار صناعية (2024): شهدت بثوث تلفزيونية إسرائيلية وأمريكية تشويشًا مؤقتًا خلال تغطية ضربات على جنوب لبنان، وهو ما نسبته تقارير إلى وحدات إلكترونية قادرة على التشويش المؤقت.

هل تشكل هذه الإنجازات ضمانة للأمن الإيراني أم أنها تفتح أبوابًا لحروب رقمية جديدة؟ القادة الدوليون يتعاملون مع إيران الآن كـ«خصم رقمي» ذو تأثير؛ فمسؤول القيادة السيبرانية الأميركية صرّح عام 2024 بأن إيران باتت خصمًا رقميًا يوازي روسيا في بعض مسارات الهجوم الإلكتروني. كما أشار رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال مؤتمر عام 2025 إلى قدرة إيران على تنفيذ عمليات دقيقة «دون أثر مباشر»، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية. وفي السياق نفسه، أوصت تقارير وزارة الدفاع الأميركية بزيادة ميزانيات الدفاع الإلكتروني لمواجهة التهديد الإيراني المتنامي.

من جانبها، لم تخفِ القيادة الإيرانية اعتزازها بهذه القدرات الرقمية؛ فقد أشار الإمام الخامنئي في خطاب عام 2023 إلى أن «الميدان الرقمي هو جبهة المقاومة الجديدة»، وأن من يحسن استغلاله يحمي أمن أمته «دون طلقة واحدة».

في الخلاصة، تبدو معركة إيران مع الكيان الإسرائيلي وحلفائه مزيجًا من الصراع المادي والصراع الذهني: حين تطلق طهران صاروخًا فهي تطلق في المقابل شفرة. معركة العقول والذكاء والصبر قد تكون مفتاح حسم المواجهة الكبرى، وأي اختراق سيبراني مستقبلًا سيكون أصعب الأضرار على الخصم.