خاص الكوثر - أفلا يتدبرون
يفصّل السيد نذير الحسني أن الذنوب نوعان: كبائر وصغائر، فالكبائر تُعبّر عنها الآية الكريمة بلفظ الفاحشة، أما الصغائر فهي ما عبّر عنه القرآن بقوله وظلموا أنفسهم. ويشير إلى أن الله تعالى علّم الإنسان الطريقة القرآنية للتخلّص من الذنب، إذ يقول سبحانه:
«والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله». (سورة آل عمران / الآية الـ135)
ويشرح أن أول خطوة هي ذكر الله، أي لحظة الوعي بالخطأ وتأنيب الضمير التي يشعر بها الإنسان بعد ارتكاب الذنب، وهذه – كما يقول – مثل كاميرا داخلية زرعها الله في النفس البشرية، تلتقط لحظة الخطأ وتنبه الإنسان إلى أن هناك خللاً وقع.
لكن الذكر وحده لا يكفي، كما يوضح السيد الحسني، فالله تعالى أراد أن يُتبع الذكر بالفعل العملي وهو الاستغفار، أي تحريك الإرادة نحو التوبة الحقيقية. ويشبّه ذلك بالكاميرا التي لا تكتفي بالعمل الداخلي بل يجب أن تُظهر الضوء الخارجي، أي أثر التوبة في السلوك.
إقرأ أيضاً:
ويضيف أن الاستغفار المطلوب ليس مجرد ترديد اللسان «أستغفر الله»، بل أن يتجسد في تصحيح الفعل:
من ظلم شخصًا يعتذر له.
من أكل مالاً بغير حق يعيده إلى صاحبه.
من أساء لغيره يسعى لطلب الصفح.
وأكد الخبير الإسلامي أن التوبة الحقيقية هي أن تعمل الكاميرا الداخلية والخارجية معًا: شعور بالذنب يعقبه سلوك إصلاحي ظاهر. فإذا كان الذكر هو الشعور الداخلي بالخطأ، فإن الاستغفار هو الفعل الخارجي الذي يُثبت صدق التوبة ويجعل الصورة واضحة ونقيّة، لا مشوّشة.
ويختم السيد الحسني بأن الاستغفار العملي هو ما يجعل الإنسان في طريق الصفاء الروحي، وأن الله سبحانه وتعالى لا يريد من عبده مجرد الندم القلبي، بل أن يترجم هذا الندم إلى فعلٍ صالحٍ يُطهّر النفس ويعيدها إلى النور.