مقدمة :
لا يخفى ما لعلماء الدين من دورٍ رياديٍّ في حياة الأمم، فدورهم لا يقتصر على بعد من الأبعاد فحسب بل يتعدّى ليكون القيادة في جوانبها المختلفة، وهو مقام وراثة الأنبياء" ونيابة الأئمة"، يضطلعون بمسؤولية الوعظ والارشاد والقيادة في الذود عن حريم الدين وحياض المؤمنين وحفظ كيان الأمة وعزّتها وكرامتها، فالعلماء والمرجعية الدينية هم الحصون المنيعة للدين والسياج الحامي لصف المؤمنين وهم الملاذ الحاني للمستضعفين والمحرومين.. وحياتهم منهل يُستلهم منها وعين صافية يُستقى من معينها، بل غنية بالدروس ثريّة بالعِبر كمّاً وكيفاً وحريّة بالبحث والتحليل..
وإن تاريخ البلدان لا ينفصل عن تاريخ رجالاتها، ولا ينفك عن كتابة تاريخ البحرين بأمانة وصدق كتابة المنعطفات التاريخية وإبراز دور رجالاتها.
وهذه سطور قليلة تحوي نبذةً مختصرةً ونزراً يسيراً من سيرة عالمٍ رباني لعب دوراً محورياً في حركة شعب البحرين فكرياً وسياسياً واجتماعياً في نصف قرن خلت تركّز على البُعد السياسي والاجتماعي ألا وهو سماحة آية الله المجاهد الشيخ عيسى أحمد قاسم الاثني عشري المصلي البحراني كبير علماء البحرين، وصاحب أكبر قاعدة شعبية وجماهيرية في الخليج..
– ولادته : ولد آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في قرية الدراز من قرى البحرين في الإربعينات من القرن العشرين الميلادي (1941م)على وجه التقريب أي مع بدايات الحرب العالمية الثانية، ولد لأبوين مؤمنين في قرية الدراز بالبحرين.
- والدا سماحته:
أبوه المرحوم الحاج أحمد بن حجي قاسم الذي يتصل نسبه للحاج عبد الاثني عشر –الذي تسمّى العائلة باسمه-، ووالدته المرحومة الحاجة خاتون بنت الحاج يوسف بن حجي محمد المرزوق عُرفا بالتدين والإيمان والتقوى والورع والتسليم، وممن لا يترك صلاة الليل.. وكان والده يمتهن الصيد (بحّار) منذ صباه؛ حيث كان الصيد هو الحرفة الغالبة التي يحترفها أهل المنطقة عموما ومنهم آباء وأجداد سماحته، إلا أن هذا المولود المبارك سرعان ما خطف الموتُ أباه عنه؛ فلم يُكمل سنته الرابعة حتى أصبح يتيم الأب، بعد أن توفي أبوه شاباً، فأخَذَت أمه الجليلة (رحمها الله) –بعد رحيل أبيه- دور الأمومة والأبوة فكانت تظله وإخوته بظل الأبوة وتجمعهم بحب الأمومة وحنانها وتربيتها، تلك التربية التي كان لها الأثر الواضح في علاقة الأخوة ببعضهم وبها كأم.
- اخوة سماحته:
لسماحة الشيخ أربعة إخوة وثلاث أخوات.
وهو أصغر إخوته الثلاثة بالترتيب (عبد الله، مهدي، جعفر) سنّاً وأمّا أخوه الرابع وهو (عبد النبي) فكان أصغر منه.
– اشتهر بحدة ذكائه وقدراته بين أقرانه منذ صباه أثناء دراسته في المدارس النظامية مضافا ً على حرصه الشديد على الإلتزام بحكم الشرع في تحركاته واهتمامه ببث الوعي الديني منذ ذلك الحين.
– توفي والده وهو صغير السن لا يتجاوز الرابعة من عمره، ورعاه أخوته فعاش في كنفهم وتربى تربية إيمانية محاط بأخوته”رحمهم الله” وأمه المؤمنة الصبورة “رحمها الله”.
– تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب منذ نعومة أظفاره.
في سنة 1951ادخل المدراس الحكومية إذ تتلمذ بمدرسة البديع الابتدائية للبنين، وتخرج منها وانتظم بثانوية المنامة وحصل على الشهادة الثانوية وكان ذلك في عام 1958 . ويشهد له اقرانه بأنه من أفاضل التلاميذ خلقا ودينا وتحصيلا، وسجله الأكاديمي يدل على ذلك.
في العام 1959انخرط في سلك التدريس فصار معلما لمادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية وكانت علاقته بالتلاميذ علاقة الأب لصغيرهم والأخ فكان ناصحا لهم باذلا وقته لتقويم دينهم وأخلاقهم.
في العام 1962 بدأ شيخنا يفكر بجدية في تجنيد نفسه لخدمة الدين الحنيف، فاتجه إلى جانب عمله كمعلم نحو تعلم الفقه على يد السيد علوي الغريفي، مصطحبا معه صديقه المرحوم سماحة الشيخ عباس الريس، وبعد أن أنهى المقدمات الفقهية مثل شرائع الاسلام ، فكر جدّيا في الهجرة للتحصيل الديني، وما لبث حتى اتخذ قراره الحاسم في الاستقالة من مهمة التعليم ومن ثم الهجرة إلى خارج الوطن.
– الهجرة الأولى:
هاجر شيخنا إلى النجف الأشرف حيث كانت آنذاك حاضرة العلوم الدينية وبها أساطين العلماء والفقهاء والحوزات العلمية، فانتظم في كليه الفقه التي كانت آنذاك الكلية الأكاديمية الوحيدة في النجف الأشرف، وكان مثابرا باذلا جل وقته في التحصيل العلمي.
– كان إلى جانب دراسته الحوزوية الأكاديمية يدرس في الحوزات العلمية، ويجالس الفقهاء فينهل من معين علومهم وأفكارهم.
في العام 1969، عاد إلى وطنه بعد أن نال شيخنا درجة الليسانس في العلوم الإسلامية والشرعية.
– في نفس العام عاد شيخنا إلى مزوالة التعليم، في المدراس الحكومية وأخذ يدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية في مدرسة الخميس الإعدادية ولمدة عام واحد فقط.
– الهجرة الثانية:
في العام 1969 أثناء مزاولته التعليم عنّ له من جديد أن يواصل الدرس في النجف الأشرف، وأن يكون في هذه الفترة طالبا حوزويا، وأن ينتظم في البحث الخارج في دروس آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر -قدس سره- فهاجر بمعية السيد عبدالله الغريفي وإنتظم في الدرس لمدة عام واحد، وقد كان شيخنا كما ينقل من المجدين والمثابرين في الدرس.
– العودة الأولى إلى الوطن:
في العام 1971 أعلن استقلال البحرين بشرط ان يكون شكل الحكم دستوريا، وبعد التحضير لانتخابات المجلس التأسيسي لوضع دستور دولة البحرين بعث له جموع من الشخصيات والوجهاء والمؤمنين في البحرين للقدوم والترشيح لهذا المجلس، وهكذا كان، فعزم على العودة إلى البحرين تقديرا منه ضرورة خوض العمل السياسي، ثم قام باستشارة بعض اساتذته فوافقوه على ذلك، قرر خوض الانتخابات والدخول في المجلس خدمة للدين والمجتمع، وكان له ذلك حيث حصل على أعلى الأصوات في كل الدوائر الانتخابية قاطبة، وكان دخوله المجلس إيذانا ببدء مرحلة جديدة في حياته الجهادية، وقد كان له مع المجموعة الإسلامية في المجلس التأثير البارز في إدخال كثير من المواد الإسلامية في الدستور.
قي العام 1973م اُنتخب بأكثر الأصوات على الإطلاق لعضوية المجلس الوطني وبرزت شخصيته في جلسات المجلس كأبرز رمز من رموز الكتلة الدينية التي ما برحت داعية لتطبيق أحكام الشرع المبين وصائنة للمجتمع من الأفكار الدخيلة على الدين إلى حين حل المجلس الوطني عام 1975 م.
– المرحلة السياسية:
المجلس التأسيسي:
كان لانتخاب سماحة الشيخ دوي كبير في الأوساط الاجتماعية وعلى الخصوص الوسط المنحرف حيث كانوا يرون فيه سدا منيعا في وجه تمرير ما يصبون إليه من خلال المجلس كما كان له أثر بالغ في أوساط المؤمنين حيث شعروا بالعزة والمنعة.
أما سماحة الشيخ فقد تمكن من تكوين كتلة من بعض أعضاء المجلس ممن لهم توجه إسلامي للوقوف في وجه من تسول له نفسه تمرير نظام يخالف الشريعة الغراء، أو يريد شرعنة نظم تحارب الدين أو يقدح فيها أو يؤثر سلبا على المسيرة الإسلامية في الواقع المنظور والمستقبل، وتمكن بمساعدة إخوانه من تثبيت بعض النظم التي تعزز الهوية الإسلامية للمجتمع البحريني، ويدفع عنه شرور التغريب أو التنكر للثوابت الاسلامية الأصلية.
– المجلس الوطني: بعد الانتهاء من صياغة الدستور والتوقيع عليه، أصبحت البلاد تتمتع بدستور يحدد العلاقة بين أطراف الحكم والشعب، وكانت هذه بداية لتكوين مجلس وطني يكرس القوانين في الواقع العملي ويقترح أخرى، وكان تكوين المجلس الوطني عن طريق الاقتراع السري إلى جانب التشكيلة الوزارية.
وقد رشح سماحة الشيخ نفسه لعضوية المجلس، ففاز على أقرانه بفارق كبير في الأصوات، مما يعطي مؤشرا واضحا على أصالة المجتمع البحريني وانتمائه العقائدي، وبدأ يؤدي دوره السياسي الاجتماعي من خلال المجلس مدافعا عن الشرع والشعب، حتى حُلَّ المجلس في عام 1975م وذلك بسبب معارضة أعضاء المجلس لقانون أمن الدولة السييء الصيت.
في العام 1972م أسس أكبر وأول جمعية إسلامية في الخليج وهي “جمعية التوعية الإسلامية” التي كان لها دور بارز ومشهود في مواجهة المد القومي واليساري في تلك الحقبة الزمنية وإرساء قواعد الإلتزام وبث الوعي الديني حتى شكّلت بداية الصحوة الاسلامية لدى شريحة كبيرة من أبناء المجتمع وقد انتخب لرئاستها في ثلاث دورات (1972-1983م) كان العلامة الجمري نائبه في إحداها.
في العام 1984م أغلقت جمعية التوعية الاسلامية وتعرض عدد من نشطاء الحراك السياسي والفكري والاجتماعي والتبليغي إلى الاعتقال والتعذيب والأحكام القاسية. أما سماحته فقد فرضت عليه الاقامة الجبرية بعد جلسات من الاستجواب والتحقيق والملاحقة اليومية، وبقي كذلك حتى بداية التسعينات من القرن المنصرم ومع ذلك لم تثن عزيمته عن تأدية واجبه الشرعي.
في العام 1984م أيضا و بعد إغلاق جمعية التوعية من قبل السلطة، اشتغل بالتدريس للسطوح والسطوح العليا والتصدي للتبليغ من خلال إمامته للصلاة المركزية في أهم مساجد وجوامع البحرين كالمنامة والدراز ومدينة عيسى ومشاركاته في شتى المناسبات الدينية والسياسية.
الهجرة الثالثة:
في العام 1992م ، قرر الهجرة إلى مدينة قم المقدسة لتحصيل المزيد من المراتب العلمية، وقد طلب منه رجال كثر وعلماء دين بالبقاء في البلاد للحاجة الماسة له، إلا أنه بثاقب بصيرته وجد أن الهجرة للإستزادة من علوم الدين ومرافقة العلماء والفقهاء في مدينة قم المقدسة تجعل منه في موقع آخر يتطلبه الوطن في المرحلة القادمة.
فحضر أبحاث الآيات العظام فيها كالسيد كاظم الحائري والشيخ محمد فاضل اللنكراني والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي، حتى نال مناه وحقق مراده بشهادة وتصريح أهل الخبرة.
في العام 1994م، كان من قادة الانتفاضة المطالبة بإرجاع الحقوق الدستورية وتفعيل الحياة البرلمانية، وكان لبياناته وخطاباته الصدى المسموع.
في العام 1999م، بعد طلب والحاح جمع من فضلاء الحوزة في مدينة قم المقدسة بدأ رسميا بإلقاء دروس (البحث الخارج) في مسجد أمير المؤمنين (دورشهر) ثم في الحسينية البحرانية (قرب حرم السيدة المعصومة.)
- العودة الثانية لأرض الوطن:
في العام 2001م، عاد سماحته إلى أرض الوطن بعد غياب استمر تسع سنوات تقريبا وكان ذلك في الثالث عشر من ذي الحجة 1421هـ الموافق 8 مارس 2001م، وقد استقبلته الجموع المؤمنة استقبالا يليق به، فقد اصطفت له الجماهير سماطين على طول الشارع الممتد من مطار البحرين الدولي بمدينة المحرق وحتى قرية الدراز في الركن الشمالي الغربي من جزيرة المنامة بمسافة تقدر 20 كيلو متر تقريبا، حيث سار موكبه في وسط الزحام والناس تسير من خلفه ومن جنبيه وهي تهلل الله وتكبره، فلم تر البحرين في تاريخها القديم والحديث استقبالا لأحد أكثر مما شهدت في استقبال سماحة الشيخ وقد تزينت شوارع البحرين بكل أنواع الزينات وأصبح ذلك يوم عيد المؤمنين فسادت التبريكات، ناهيك عن أن موكب سماحته قطع المسافة في خمس ساعات من النهار وكان يشبّه بعودة الإمام الخميني (قده) من باريس.
– شعيرة إمامة الجمعة :
وبدأ سماحته منذ عودته الميمونه إلى الوطن بالصلاة جماعة وجمعة في جامع الإمام الصادق عليه السلام بقرية الدراز، وافتتح مكتب البيان للمراجعات الدينية، وإلقاء المحاضرات الدينية والثقافية المختلفة في شتى مناطق البلاد وفي مختلف المناسبات، وقد شكل سماحته المرجعية الدينية والسياسية للطائفة في البحرين.
عاد مباركاً من قبل أكبر المراجع ، فمسك زمام قيادة الساحة المحلية وأثبت كفاءته في إدراة دفة أخطر الأزمات السياسية وهو إلى اليوم يؤم أكبر صلاة جمعة في الخليج، مضافاً لاهتمامه بهموم وأزمات العالم الإسلامي (كالعراق ولبنان وفلسطين وغيرها) والمجتمع الدولي ومشاركته في المؤتمرات الخارجية.
في العام 2005م ، أسس أكبر مجلس للعلماء في البحرين وهو “المجلس الإسلامي العلمائي” الذي يهتم برعاية الواقع الديني وتواصل العلماء لجوانب متعددة يحتاج إليها العمل الإسلامي كالجانب التربوي والإجتماعي والتبليغي والسياسي حتى أصبح نورا يشع في دنيا الوطن لتبدد ظلمة الجهل أينما وجدت، وقد ترأسه في الدورة الأولى، أما الآن فرئاسة المجلس تستظل بظلال مرجعيته وتسير بهداه ورشده في الدورتين الثانية والثالثة وهي الحالية.
في العام 2005م أيضا ، دعا لأكبر مسيرة في تاريخ البحرين –في حينها- أسقط بها توجّه السلطة لتقنين قانون وضعي غير ديني للأحوال الشخصية.
– كان للنظام أكثر من مرة تعدٍّ سافر عبر أبواقه كوزير العدل وبعض النواب على شخص سماحة الشيخ إلا أن الرد المدوّي الجماهير الشعب في كل مرة كان بمثابة الصاعقة حيث يخرج الناس بالألوف في مسيرات تلقائية في مختلف المناطق يرفعون صور سماحته ويهتفون بالولاء والفداء له يتقدمهم كبار العلماء والشخصيات وليست مسيرة “لبيك يا فقيه” في 2009م و”جمعة الفقيه” ومسيرة “لبيك يا وطني” في 18 مايو 2012 إلا شواهد واضحة على ذلك.
– فبراير 2011م كان لخطابه (دام ظله) في 11 فبراير –بعد دعوات الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي- دوراً بارزاً في تهيئة الأرضية ومنها قوله “الطوفان بدأ لا ليهدأ ولا يقف عند حدود بلد..”.
في ظل التحرك الشعبي العارم الذي حصل في البحرين في سياق انبعاثة الكرامة والصحوة الإسلامية المتفجرة والتي عرفت إعلاميا ب”الربيع العربي” رأى سماحته بثاقب بصيرته أن لا مناص إلا التصدي المباشر للشأن السياسي للثورة لذا رأيته المرشد والمدافع بكل ما أوتي من قوة وممسكا بزمام أمورها في كل مفاصلها محفوفا بالسادة العلماء وأهل الخبرة في السياسية والاجتماع وكثير من أبناء الشعب يستضيئون برأيه ويستنيرون بحكمته وخبرته فقاد الثورة عملياً ولازال ، بعد قمع المعتصمين في دوار اللؤلؤة الذين حيّاهم أكثر من مرة بل ودعا لأكبر مظاهرة نحوه أثناء تواجدهم فيه .
وبذلك مثل سماحته القيادة الحكيمة والشجاعة التي وقفت مع الشعب في ثورته ضد الاستبداد والظلم.
وكان سبباً لمنعطفات كبيرة غيّرت المعادلات في حين أنه بلسم جراحهم والمضمد لها وباعث الروح الثورية فيها وكانت أهم تلك المحطات:
– حين زأر بعد القمع والقتل ودخول قوات الاحتلال السعودي: (لن نركع إلا لله، هذه دماؤنا هذه رقابنا فداء ديننا وعزتنا) كانت بمثابة القنبلة الناسفة لمخططات الاعداء وكانت كالماء الزلال على القلوب المجروحة لابناء الشعب وأعاد بها روح الثورة بعد مآسي دامية.
– وهكذا ثبات خطاب العزة طول فترة الطوارئ وما بعدها حيث يلتجأ الشعب كل الشعب لحضنه الدافئ وكنفه الحاني.
– الخطاب الشهير “اسحقوه” الذي قلب فيه المعادلة حين قال: (من وجدتموه يعتدي على عرض فتاة مؤمنة فاسحقوه، نعم اسحقوه).
– مسيرة “التاسع من مارس 2012″ الشهيرة التي سميت بـ”لبيك يا بحرين” والتي دعا لها عبر منبره الشريف وتقدّمها مع كبار العلماء ردّاً على تصريح لحاكم البحرين عندما وصف الشعب الثائر بـ”الشرذمة” فخرجت فيها مئات الألوف وفاقت كل التصورات والخيالات فكانت الوحيدة الفريدة التي لم يحصل مثلها في تاريخ البحرين على الإطلاق وشارك فيها كل أطياف المجتمع وشرائحه.
– والفضل ما شهدت به الأعداء؛ فهذه وثيقة موقع الويكيلكس تقول: (إن قاسم عنيد بنحو لا يصدّق، فمنذ عودتهِ من إيران، أصبح يشكل لغزاً لا يمكن حلّه لدى الأنظمة المحلية والإقليمية والدولية، لما يمتلكه من وعي وحكمة وتريث في قيادة دفة العملية السياسية والدينية والاجتماعية) وهو بحق لغز ومستودع خفايا وأسرار.
زهده وتقواه:
– كل من عاشر سماحة الشيخ يدرك بانه رجل زاهد في الدنيا، وكل حياته عمل وجهاد لنصرة الدين، وقد عرضت عليه لذائذ ومكاسب في زمن - ما- لكنه أعرض عنها لمرضاة الله، حتى لا يكون أسير لذة زائلة، فآثر الحياة البسيطة وجشوبة العيش، والتواضع وقد كان يردد دائما ماذا بعد الحياة إلا الموت وماذا بعد الموت إلا الحساب!! وقد رأيته أكثر من مرة إذا ذكر الدنيا يتأفف ويحزن وتبدو عليه كآبة وعلى الخصوص عندما تردد على مسامعه التجازوات الشرعية من الكثير من أهل وطنه …. وهكذا ديدنه كما عرفته.
وأما علاقته بأصدقائه وممن حوله فهو يعيش معهم كأحدهم فلا ترى في نفسه شعورا بالعلو والترفع، فهو يتحدث إلى الصغير والكبير ويكن لكل منهما الاحترام المناسب له.
إسقاط الجنسية.. وتهديده بالترحيل القسري :
الاثنين 20 يونيو/ حزيران 2016، أسقطت السلطات البحرينية، الجنسية عن الشيخ "عيسى أحمد قاسم"، وطالبته وعائلته بالخروج الفوري، وهددته بالترحيل القسري.
هذه نبذة من سيرة سماحة الشيخ، وإن كنت لم أتمكن أن أفي بكل الجوانب في حياته إلا أنني أتمنى أن أكون قد وفقت لعرض بعض ذلك ليقف المؤمنون على شييء من سيرة هذا العالم الجليل والرجل المعطاء.
المصدر : موقع المقاوم ، فجر البحرين ...