الكوثر- مقالات
ونظام الاقتصاد الإسلامي يشمل أفكار جديدة ومعتقدات نبيلة تؤكّد على مفهوم الوسطيّة وترسّخ معنى العبودية لله تعالى والاستجابة لأوامره والسّير وفق منهجه الحكيم في جميع شؤون الحياة، وبما يحقّق السّعادة والرّخاء لجميع النّاس .
خصائص الاقتصاد الإسلامي
تفوّق النّظام الاقتصادي الإسلامي بلا شكّ على جميع الأنظمة الوضعية بفضل الخصائص التي تميّز بها، ومن أبرز هذه الخصائص نذكر منها :
خاصيّة الربانية
فالنّظام الإسلامي هو جزءٌ من الإسلام بشريعته الكاملة ومنهجه الحكيم، وبالتّالي يستمدّ النّظام الاقتصادي أفكاره وتصوّراته وخصائصه من هذا الدّين العظيم، ومن بين هذه الأفكار والمعتقدات الإيمان بأنّ الانسان هو مستخلف في هذا المال، وأنّه مأمورٌ بإصلاح الأرض وتعميرها، كما بني الاقتصاد الإسلامي على وجود الضّوابط في التّعاملات الماليّة حيث تحريم الخبائث وإباحة جميع الطّيبات، كما حرّم الإسلام كنز المال وتوعّد من يفعل ذلك بالعذاب يوم القيامة .
الخاصية العقدية
النّظام الاقتصادي مبنيٌّ على عقيدةٍ واضحة وإيمانٍ كبير بأنّ الله تكفّل للإنسان برزقه منذ أن كان جنينًا في بطن أمّه، وبالتّالي لا يدفع الطّمع الإنسان إلى الكسب غير المشروع أو أكل أموال النّاس بالباطل لعلمه بأنّه لن يأتيه إلاّ ما كتبه الله له، كما ينبني الاقتصاد الإسلامي على فكرة أنّ الإنسان هو مالكٌ مؤقّت لهذا المال لأنّ الله تعالى سيرث الأرض ومن عليها، وأن النّاس يتفاوتون في الرّزق فلا ينبغي لذلك أن يطمح الإنسان فيما بين يدي أخيه لأنّ الحقيقة تؤكّد على أنّ لكلّ مجتهدٍ نصيبٌ في الحياة.
خاصيّة الأخلاق
النّظام الإقتصادي الإسلامي هو نظامٌ أخلاقي بامتياز أكّد على جملةٍ من الأخلاق في تعامل الإنسان وتجارته وأعماله، فالتّاجر المسلم لا يبيع أخيه، ولا يرابي، ولا يحتكر، ولا يرشي، ولا يأكل أموال النّاس بالباطل، ويبتعد عن التّغرير أو إيقاع النّاس في الغبن، وهو تاجرٌ صادق أمين لا يغشّ في تجارته و لا يدلسّ.
اقرأ أيضاً
خاصيّة الإنسانيّة والعالميّة
أكّد الإسلام على إباحة التّعامل مع جميع النّاس ومهما اختلفت عقائدهم، لذلك سجّل التّاريخ انتشار الإسلام في الصّين ودول آسيا بفضل تجارة المسلمين مع غيرهم واطّلاعهم على أخلاقهم في التّعامل.
خاصّية الواقعيّة
النّظام الاقتصادي الإسلامي هو نظامٌ واقعيّ يدرك رغبات الإنسان الخاصّة في التّملك، ويدرك كذلك قدرات البشر فلا يكلّف أحدًا فوق طاقته، كما يدرك أهميّة اشتراك المجتمع بعموم أفراده في ملكيّة عددٍ من الموارد مثل الماء وكنوز الأرض التي لا يتصوّر وجودها في يدٍ واحدة قد تحتكرها فيتضرّر المجتمع لذلك.
الاعتدال والتوازن
يغلب على الأنظمة الاقتصادية المختلفة النظر إلى جانب واحد من الحقيقة وإغفال الجوانب الأخرى؛ مما يؤدي إلى اختلالها وضعفها، أما نظام الاقتصاد الإسلامي فقد جاء معتدلًا متوازنًا لكون مصدره من الله الحكيم، فلم يطغى فيه جانب حق الفرد على جانب حق المجتمع كما في النظام الرأسمالي؛ الذي أعتنى بحماية الملكية الفردية وما يتصل بها في حين أغفل حق المجتمع، فنتج عن ذلك أضرار كثيرة.
وصار الأمر في النظام الشيوعي إلى عكس ذلك؛ فحرص واضعوه على تحقيق مصلحة المجتمع، وأغفلوا حقوق الأفراد، فأدى ذلك إلى ظلمهم ومنعهم من حقوقهم في حرية التملّك والعمل، ولكن الإسلام كان نظاماً وسطاً بين هذا وذاك؛ فوازن بين حقوق الفرد ومصالح المجتمع بما يؤدي إلى تحقيق الاعتدال والتوازن.