فقد نقل في الأولى، أن بعضا من اتباع معاوية أبن أبي سفيان، عندما وصلهم خبر، شهادة الإمام علي ابن أبي طالب، عليه وأله أفضل الصلاة، في المحراب أثناء صلاته، قولهم متعجبين" أو كان علي يصلي؟!".
في حادثة ثانية، تتعلق بالثورة الحسينية، وما رافقها من أحداث جسام، ومواقف تستعصي أحيانا على قدرة البشر.. يسب أحدهم عياله، متصورا أنهم من الكفار.. أو يطلب أحدهم منحه، إحدى بناته، لتكون خادمة عنده، معتقدا أنها من أسرى الروم أو الترك؟!
توضح لنا تلك المواقف، وغيرها كثير.. أن التجهيل المتعمد، والتعتيم الإعلامي على الأمة، دوما كان أداة ناجحة بيد الطغاة والمتسلطين، لتثبيت حكمهم، وكسب تأييد عامة الناس، من خلال رسم صورة كاذبة، يمكن إقناعهم بها، بشكل أو بآخر.
خداع الرأي العام، ليست عملية سهلة، فهي تتطلب شخصيات وأدوات محترفة ومتمكنة، تقبل بيع عقيدتها وإنسانيتها، وشرفها المهني، مقابل المال أو الجاه والمنصب.. وتمويل ضخم، يمكن أن يشتري الذمم، ويشغل العقول عن التفكير، ويجعلها تكذب حتى نفسها، متنعمة بخير الحاكم ، وما يدفعه لها، من رشوة مبطنة بإسم التكريم والهدايا.
الحسين لم يكن شخصا، يمكن تغييبه بسهولة، فهو إبن بنت النبي، وهو صحابي جليل في الأقل.. وقال جده فيه وفي عظم قدره، من الأحاديث ما لا يحصى، ولا يتيح إخفاء شخصه أو مكانته.. ومع ذلك، نجح الحاكم، في خداع جمهوره، الذي كان بدوره مستعدا، لغسل دماغه جماعيا، بجهله وعدم رغبته بالمعرفة، وتمتعه بالمال دون معرفة مصدره، وببحبوحة العيش الرغيد.. كل ذلك خلال خمسين عاما من التجهيل المستمر.
الموقف يتكرر، والدور نفسه، يلعبه بعض القادة والحكام الآن، تغيير وإعادة تفسير للحقائق، وجمهور مستعد مسبقا ليتم خداعه.. فيهيج مع من يريدون الحرب والدمار، ويكره من يتحدث بالتعقل والحكمة والوسطية، أو العكس.. دون أن يعرف أي الموقفين، هو الأفضل للقضية.
صحيح أن يزيد قتل الإمام الحسين، عليه وآله أفضل الصلوات، لمعرفته الكاملة، بأنه أحق منه بالخلافة، لكن جهل الأمة، كان الأداة التي نفذت بها هذه الجريمة.
المهندس زيد شحاثة