هناك مسألتان قد يقال أنهما نقطتا ضعف في الحج: تقديم القربان، وتعظيم الحجارة!
الإشكال الأول
القربان هو أولاً ظلم وإيذاء ولا يمكن أن يكون مقرِّباً بل الظلم مبعِّد! ثمّ ما العلاقة بين رضا الله وبين إراقة دم الحيوان؟ فهل يسرّ اللهَ أن يرى حيواناً يذبح ويسفك دمه؟!
ثانياً إنّ القرابين من بقايا عصور التوحش حيث كانت مذابح في الديانات الوثنية يقدّم فيها الناس قرابينهم للأصنام كي يكسبوا رضاها ...
الجواب:
أما إراقة الدماء فالإشكال يثبت إذا كان الهدف مجرد إراقة الدم حيث لا يكون العمل مقرّباً إلا إذا استتبع رضا الله، ورضاه سبحانه هو أن يبلغ الإنسان كماله الفردي والاجتماعي في حين لا يساعد إراقة الدم لا على الكمال الفردي للإنسان ولا كماله الاجتماعي.
لكن إذا كان الهدف الرئيس هو الإطعام والإنفاق من باب ﴿أطعموا البائس الفقير﴾ [الحج: 28] فلا إشكال في البين. كما في الحديث النبوي: «إنما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينُكم من اللحم فأطعِموهم» [الفقيه ج 2، ص200].
هذا ولا بأس أن نقول إنّه إحياء جماعي لذكرى بطل التوحيد نبي الله إبراهيم حيث أُمِر أن يذبح حبيبه وقرة عينه فامتثل الأمر حتى أُبلِغَ أنّ المقصود هو التسليم لله فأُمِر بذبح كبش بدل الابن..
والسرّ في كون اليوم يوم عيد هو أنه نُسِخت فيه سنة قتل الأولاد. أما قضية عبد المطلب وعبد الله ونذره بأنه إذا رزق عشرة بنين سيذبح أحدهم قرباناً لله ... فالظاهر أنها من الموضوعات في التاريخ.
الإشكال الثاني
أما الإشكال الثاني فيقولون إنّ الطواف حول بيت من أحجار واستلام الحجر الأسود والتبرك به، بقايا من الشرك قد تسرّبت إلى الإسلام، لذلك فحتى الإسلام لم يأت بتوحيد خالص وإلا كان عليه أن ينسخ الحج من أساسه.
الجواب:
القضية على العكس فالقرآن يرى الحج تراثاً لإبراهيم (ع) حيث يعدّه المؤسس لهذه الفريضة، كما يعتبره عدوّاً لعبادة الأصنام: ﴿واجنُبْني وبَنيَّ أن نعبدَ الأصنام﴾ [إبراهيم:35] بل محطّماً لها: ﴿وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم..﴾ [الأنبياء: 57 و58]
فالقرآن بصورة خاصة يؤكد أن الحج من شعائر الله: ﴿ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾ [الحج: 32]
ثم هناك فرق بين التعظيم والعبادة، حيث يجيز الإسلام التعظيم والتواضع [لغير الله] لكن يمنع من العبادة.
والفرق بين هاتين هو أنّ العبادة هي نوع من التقديس والتنزيه والتسبيح والتحميد وقلنا إن التسبيح والتحميد والتنزيه من كافة النقائص وكذلك التكبير أمور تختص بالله؛ لأنه هو الكامل المنزّه من جميع النقائص وهو الذي له مطلق الحمد وهو الأكبر والأعظم المطلق.
*المفكر الشهيد المطهري، الحج