بعد ان نجح نبي الله ابراهيم (على نبينا وآله وعليه السلام) في الامتحان الصعب بتنفيذ الأمر الإلهي في رؤيا منامه بتقديم القربان، بعث الله تعالى كبشا كبيرا إلى إبراهيم (ع) ليذبحه بدلا عن ابنه إسماعيل (ع)، ولتصير سنة للأجيال القادمة التي تشارك في مراسم الحج وتأتي إلى صعيد منى "وفديناه بذبح عظيم".
وإحدى دلائل عظمة هذا الذبح، هو إتساع نطاق هذه العملية سنة بعد سنة بمرور الزمن، وحاليا يذبح في كل عام أكثر من مليون أضحية تيمنا بذلك الذبح العظيم وإحياءا لذلك العمل العظيم.
" فديناه " مشتقة من (الفداء) وتعني جعل الشئ مكان الشئ لدفع الضرر عنه.
النجاح الذي حققه إبراهيم (عليه السلام) في الامتحان الصعب، لم يمدحه الله فقط ذلك اليوم، وإنما جعله خالدا على مدى الأجيال "وتركنا عليه في الآخرين".
إذ غدا إبراهيم (عليه السلام) " أسوة حسنة " لكل الأجيال، و " قدوة " لكل الطاهرين، وأضحت أعماله سنة في الحج، وستبقى خالدة حتى تقوم القيامة، إنه أبو الأنبياء الكبار، وإنه أبو هذه الأمة الإسلامية ورسولها الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله).
ولما امتاز به إبراهيم (ع) من صفات حميدة، خصه الباري عز وجل بالسلام "سلام على إبراهيم".
نعم، إنا كذلك نجزي ونثيب المحسنين "كذلك نجزي المحسنين" جزاء يعادل عظمة الدنيا، جزاء خالد على مدى الزمان، جزاء يجعل من إبراهيم (ع) أهلا لسلام الله عز وجل عليه.
وعبارة "كذلك نجزي المحسنين" تثير الانتباه، إذ أنها أتت قبل عدة آيات، وتكررت ثانية هنا، فهناك حتما علة لهذا التكرار.
المرحلة الأولى ربما كانت بسبب أن الله سبحانه وتعالى صادق على نجاح إبراهيم (ع) في الامتحان الصعب، وأمضى نتيجة قبوله، وهذه بحد ذاتها أهم مكافأة يمنحها الله سبحانه وتعالى لإبراهيم (ع)، ثم تأتي قضية (الفدية بذبح عظيم) و (بقاء اسمه وسنته خالدين على مدى التاريخ) و (إرسال الباري عز وجل سلامه وتحياته إلى إبراهيم) التي اعتبرت ثلاث نعم كبيرة منحها الله سبحانه وتعالى لعبده إبراهيم (ع) بعنوان أنها مكافأة وجزاء للمحسنين.
إقرأ أيضا: قبسات قرآنية (81).. ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴿۱۰۳﴾ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿۱۰۴﴾... سورة الصافات