بسم الله الرحمن الرحیم
فضیلة الأخ الدکتور أحمد الطیب
شیخ الأزهر الشریف(دامت تأییداته)
السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
ارجوا أن تکونوا في صحة وعافیة وأن یکون الله في عونکم لأداء واجباتکم المقدسة في خدمة الدین والأمة، إنه سمیع مجیب!
نحن دائماً وأبداً نثمن جهودکم البناءة في سبیل توثیق اواصر الأخوة بین مختلف شرائح الأمة المرحومة، فإنها جهود مبارکة في ردم الهوة في بنیانها الشامخ فإنه بذلک تفوّت الفرصة علی الذین یریدون بالاسلام سوءاً!
إن التاریخ سیسجل لکم مواقفکم الشجاعة والحکیمة في التصدي لمحاولات المؤسسة الوهابیة الفاشلة في الاستیلاء علی الأزهر الشریف وتوظیفه لأغراضها الهدامة المشؤومة!
فإنّ مواقفکم هذه ستبقی صفحة مشرقة وساطعة في تاریخ الأزهر الشریف إلی الابد!
أخي الکریم قد طالعتنا وکالات الأنباء بخطابکم المتلفز عن زواج المتعة، أقولها بصراحة أن خطابکم هذا أثار استغرابي واستیائي في وقت واحد، لأننا لم نعهدکم أن تتحدثوا بهذه اللغة؛ فإنّ الخطاب کان استفزازیاً متطرفاً، في حین انکم کنتم ومازلتم من دعاة الوسطیة والانصاف والعقلانیة الراجحة!
إن خطابکم في التلفزیون المصري مثَّلَ هجوماً کاسحاً علی مذهب أهل البیت(علیهم السلام) في مفردة «زواج المتعة» بل کان هجوماً علی کل من أراد أن یتبنّی هذا الموقف من أهل السنة فیفتي به حیث أنکم وصمتموه بالخیانة وهذا سلوک غریب لم یسبق له مثیل في تاریخ الفقه الإسلامي علی الإطلاق! فقد کان ابن عباس یفتي بالجواز ـ کما هو معروفـ ، فهل یصح منکم أن تلصقون علیه وصمة الخیانة؟! ألیس في ذلک تجني وغمط علی حساب الحقیقة؟!
ویلزم ـ في هذا الشأن ـ أن نسترعي انتباهکم الکریم الی ما یلي:
*
أولاً: أن نکاح المتعة لم یکن وسیلة لاستغلال المستهترین والشاذین جنسیاً! ولذلک قد افتینا في الاستفتائات التي وجهت الینا بأن نکاح المتعة لایجوز الا من دفعته الضرورة لیلجأ إلی هذا النکاح کما لو کان الإنسان بعیداً عن أهله وخشي أن یقع في الفجور لو لم یستعین بذلک علی نفسه أو کان اعزباً ولم یتمکن من الزواج الدائم مع حاجته الملحة جنسیاً!ومن هنا لو اطلقنا علی هذا النوع من النکاح، نکاح الضرورة لم نذهب بعیداً عن الصواب!
وهذا ما دلت علیه الروایات التي وصلتنا من أهل البیت(علیهم السلام) في ذلک.
*
ثانیاً: ناتي فیما یلي بشواهد من اعلام اهل السنة في ما ذهب الیه ابن عباس فإن فیها إشارات هامة معبرة، علّها تقوّض التصویر المعروف لمقالة نکاح المتعة عند الجمهور من الفقهاء:
فالزیلعي في «تبیین الحقائق» في شرح القول (و بطل نکاح المتعه) صرح:
«وَقَالَ مَالِکٌ : هُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ کَانَ مَشْرُوعًا فَیَبْقَى إلَى أَنْ یَظْهَرَ نَاسِخُهُ وَاشْتَهَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ تَحْلِیلُهَا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِکَ أَکْثَرُ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ وَمَکَّةَ وَکَانَ یُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِکَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت جَابِرًا یَقُولُ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِی بَکْرٍ وَنِصْفًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ نَهَى النَّاسَ عَنْهُ وَهُوَ مَحْکِیٌّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَإِلَیْهِ ذَهَبَتْ الشِّیعَةُ».
وقال ابن رشد في «بدایة المجتهد»:
«وَأَکْثَرُ الصَّحَابَةِ وَجَمِیعُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى تَحْرِیمِهَا . وَاشْتُهِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَحْلِیلُهَا ، وَتَبِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا أَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ مَکَّةَ وَأَهْلِ الْیَمَنِ ، وَرَوَوْا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ کَانَ یَحْتَجُّ لِذَلِکَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ) وَفِی حَرْفٍ عَنْهُ : إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، وَرُوِیَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا کَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلَّا رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَحِمَ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْلَا نَهْیُ عُمَرَ عَنْهَا مَا اضْطُرَّ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شَقِیٌّ».
و قال الثعلبي في «الکشف و البیان»:
«... قلت: ولم یرخص فی نکاح المتعة إلاّ عمران بن الحصین وعبد الله بن عباس وبعض أصحابه وطائفة من أهل البیت».
ثم قال عن نکاح المتعة :
«ثم اختُلف فی الآیة أمحکمة هی أم منسوخة ؟ فقال ابن عباس : هی محکمة ورخّص فی المتعة».
والزرقاني في «شرحه علی الموطاء»:
«وتعقب قوله (... یخالف إلا الروافض) بأنه ثبت الجواز عن جمع من الصحابة کجابر وابن مسعود وأبی سعید ومعاویة وأسماء بنت أبی بکر و ابن عباس وعمرو بن الحویرث وسلمة وعن جماعة من التابعین ...واختلف هل رجع ابن عباس إلى التحریم أم لا قال ابن عبد البر أصحابه من أهل مکة والیمن یرونه حلالا».
و ابن حزم في «المحلّی»:
«وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى تَحْلِیلِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله علیه وسلم - جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ - رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِی بَکْرٍ الصِّدِّیقِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ، وَأَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ، وَسَلَمَةُ، وَمَعْبَدٌ ابْنَا أُمَیَّةَ بْنِ خَلَفٍ...».
وابن تیمیه في «مجموع الفتاوی»:
«فَإِنَّ نِکَاحَ الْمُتْعَةِ خَیْرٌ مِنْ نِکَاحِ التَّحْلِیلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .... " الثَّانِی " أَنَّهُ رَخَّصَ فِیهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ».
والسرخسي في «المبسوط»:
«بَابُ نِکَاحِ الْمُتْعَةِ .... وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَنَا جَائِزٌ عِنْدَ مَالِکِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ».
فهذه النصوص تشیر الی مذهب ابن عباس وفریق من الصحابة والتابعین والفقهاء من اهل السنة فهل یصح بعد هذا وصف من افتی به بذلک الوصف المشین المنکر؟!!!
*
ثالثاً: قلتم فیما قلتم: «... هذا زواج المتعة، والعقد باطل بإجماع أهل السنة...»
قد ادعیتم الإجماع في عبارتکم هذه إلا أن د عوی الإجماع في ذلک بهذه الصیغة بعد العرض الذي تقدم لا یخلو من تکلف واعتساف! وقد اشار أحد علمائکم إلی ذلک حیث قال:
«... فصار تحریمه عند فقهاء أهل السنة کالمجمع علیه. ونقول: کالمجمع علیه؛ لما نقل من جوازه عن ابن عباس ـ رضی الله عنه ـ وکذلک جوازه عند أکثر أصحابه: عطاء وطاوس، وبه قال ابن جریح...
... وقال أبوبکر، فیها روایة أخری: إنها مکروهة غیر حرام؛ لأن إبن منصور سأل أحمد عنها فقال: یجتنبها أحب إلیَّ وقال: فظاهر هذا، الکراهة دون التحریم...».
فهذا هو حال الإجماع المدّعی! فصناعة الفقه تقتضي أن یقال: المشهور عند أهل السنة هو الحرمة!
ثم قلتم: ]الشیعة الامامیة خالفوا أهل السنة، واباحوا نکاح المتعة والزواج الموقت، وقد ذهبوا مذهبهم هذا اتباعا لروایات عندهم وفهم خاص بهم لبعض نصوص القرآن لکن علماء السنة فنّدوا کلامهم ونقضوه وهنا یقول الدکتور علي حسب الله ردّاً علیهم:
«إذا اردتم أن تبرروا لمذهبکم فابتعدوا عن القرآن، لأنه لیس لکم فیه کلمة واحدة، تدل علی أن هذا الزواج مباح...»[.
من الملفت هنا أنکم أکّدتم علی بطلان زواج المتعة بإجماع أهل السنة کافة، فجعلتموه حجةً إلا أنه یبدوا قد غاب عنکم أن أئمة أهل البیت جمیعاً قد افتوا بالجواز وأن فقهائهم ایضاً افتوا جمیعاً بالجواز، وعلیه: هل یصح منکم أن تأخذوا بالإجماع الأول دون الإجماع الثاني؟! مع أنکم في لقائکم مع قناة النیل قلتم تبعاً للمغفور له الشیخ محمود شلتوت أن المذهب الامامي هو المذهب الخامس وأن الانتقال الیه من المذاهب الأخری لا بأس به، فیصح الانتقال کما یصح من المذهب المالکي مثلا الی المذهب الشافعي!
فما هو سبب التنکر للإجماع الثاني في المقام؟!
والأنکی من ذلک قولکم: «أن علماء السنة فنّدوا کلامهم ونقضوه».
ثم اردفتم هذه العبارة بما قاله الدکتور علي حسب الله!
فإنه کلام عجیب! لأنه مجرد دعوی! فمن متی اصبحت الدعوی دلیلاً في الاحتجاج لدی علماء المسلمین؟! إن ذلک کلام خطابي لم یستند الی برهان فلا یسمن ولا یغني من جوع!
هذا مضافاً إلی أن المعروف من أن عمر بن الخطاب قال: «... وأنهما کانتا متعتان علی عهد رسول الله(ص) وأنا أنهی عنهما وأعاقب علیهما أحدهما متعة النساء... والاخری متعة الحج...».
ونحن في هذا المقام نقول بما قاله عبدالله بن عمر في متعة الحج حیث روي کما في سنن الترمذي:
«... عن بن شهاب أن سالم بن عبدالله حدثه أنه سمع رجلاً من أهل الشام وهو یسأل عبدالله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلی الحج، فقال عبدالله بن عمر: هي حلال، فقال الشامي أن أباک قد نهی عنها، فقال عبدالله بن عمر: أرأیت إن کان أبی نهی عنها وصنعها رسول الله(ص): أأمْرُ أبي یتبع أم أمرُ رسول الله؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله(ص) فقال: لقد صنعها رسول الله».
قد وصف الألباني هذا الحدیث بالصحیح.
فنحن في متعة النساء أیضاً نتبع رسول الله(ص) ونضع رأي عمر جانباً کما صنع ابنه عبدالله!
إلا أن لموقف عبدالله بن عمر من رأي ابیه دلالة صارخة لأنه یؤکد بأن قرار حظر المتعتین کان قراراً قد تفرّد به عمر ولم یکن حاکیاً عن رأي رسول الله في ذلک کما أکد عمر ذلک بنفسه من قبل، خلافاً لما ادعاه الفخر الرازي ومن لف لفه بهذا الشأن وبذلک تذهب محاولات الفخر واتباعه في توجیه فعل عمر من دون نتیجة!
وینبغي القول بأن عبدالله بن عمر في مقالته هذه قد وضع النقاط علی الحروف لأنه کشف عن أمر خطیر للغایة وهو أنه في قضیة تحریم المتعتین قد وظف القوم نسخ الآیة والروایات المنسوب للرسول ودعوی الاجماع من أجل تبریر موقف عمر في القضیة فإنهم اصّلوا الشخصیة وهمّشوا التراث بل وظفوه للدفاع عن الشخصیة وهو الخلیفة عمر.
ویبدو أن ذلک منهج متبع في ادبیاتهم علی طول الخط وما أخطره من منهج!!!
*
رابعاً: أن تصویرکم لزواج المتعة عند الشیعة کان مشوهاً وتسقیطیاً لا یتوائم مع ما تتطلبه الامانة العلمیة في نقل رأي الآخر! اسمح لي أن أقولها بصراحة إنکم تحدثتم في هذا الشأن بلغة أهل السیاسة! في حین أنکم قد واعدتم في بدایة تصدیکم لإمامة الأزهر في مؤتمر حوار الأدیان في واشنطن بأنه: «... الخلاف بیننا وبین الشیعة کالخلاف بیني انا السني کمالکي وبین الحنفي السني ... وهذا الذی نؤکد علیه ونحافظ علیه ونحمیه من عبث السیاسة» فما عدی مما بدی؟!
نأمل أن تعود الأمور الی نصابها الحقیقي ونتکلم بلغة یرتضیها أهل العلم ونلتزم بقواعد الحوار البناء في قضایا الأمة الساخنة!
وقد قلتم عن زواج المتعة:
«وما هو الا عبارة عن لقاء موقت بین الرجل والمرأة من أجل قضاء الشهوة فقط...».
إن نکاح المتعة لیس لقضاء الشهوة بل هناک حاجة عاطفیة ملحة أیضاً لعلها لا تقل أهمیة من إطفاء نار الشهوة! وقد ذکرنا آنفاً أن هذا النکاح یختص بحالات الضرورة فإن الذین یعانون من ضغط جنسي قاتل بحیث یحدو ببعضهم الی الاصابة بالجنون لو کانوا محافظین! فلو کان الغرض من زواج المتعة هو حل العقدة الجنسیة للملائین من النساء والرجال لکفی به غرضاً مشروعاً!
*
خامساً: وقد ورد في خطابکم:
«.... ومن هذه الحرة التي تقبل هذا الإذلال؟! ألیس هذا بیع لجسدها لقاء حفنة من المال؟! وما الفرق بینها وبین البغایا؟!...».
وا أسفاه! هل أن زواج المتعة في الصدر الأول الذي قد أمر به رسول الله هل کان اذلالاً للحرة وبیعاً لجسدها وکانت الحرة فیه بغیة؟!، کذلک الامر في الوقت الراهن، فإن نکاح المتعة حاجة ملحة من طرفي العقد تدعوهما لانشاء عقد بمحض ارادتهما لیستمتع کل منهما بالآخر! کما هو الحال في الزواج الدائم! لا ینتهي اسفي من أن یوصف حکم الله بهذه الاوصاف ولو فرضنا کونه منسوخاً!
إن زواج المتعة هو نفس الزواج الدائم إلا أنه قد استثني منه بعض الشروط وهذا لیس أمراً مستغرباً فإن بعض الفقهاء من أهل السنة ذهب الی مشروعیة زوج المسیار وقد استثنیت فیه النفقة والمبیت فأفتی بذلک فقهاء أهل السنة بملء أفواههم ولم یتهمهم أحد في فتواهم بالخیانة! فما هو الفرق؟!
واما السکنی والمودة والرحمة التي وردت في خطابکم فانها حکمة ولا یدور الحکم مدارها، فان عدم توفرها في العقد الدائم لا یؤدي إلی بطلانه وقد تتوفر هذه کلها في زواج المتعة لانه لم یشرّع لیوم او یومین بل قد یکون لمدة شهور أو سنوات وعلیه فقد یحصل ذلک في زواج المتعة فلا یصلح ذلک بحال دلیلاً لتفنید مشروعیة نکاح المتعة.
*
سادساً: ومن جملة ما ورد في خطابکم ما یلي:
«أن الأزهر یقول: إن زواج المتعة حرام وأنه قرین البغاء».
هل یصح للأزهر الشریف أن یصف فتوی أحد المذاهب الخمسة التي اعتراف بها بأنها فتوی الاقتران بالبغاء؟!
قد ورد في صحیح مسلم أنه رخص رسول الله عام او طاس في المتعة ثلاثاً...
فهل أن الرسول رخص بالبغاء ـ العیاذ بالله! ـ ؟!
قال جابر بن عبدالله في حدیث کما في صحیح مسلم ایضاً:
«استمتعنا علی عهد رسول الله وأبی بکر وعمر».
وکذلک عنه في صحیح مسلم:
«کنا نستمتع... علی عهد رسول الله وأبی بکر حتی نهی عنه عمر في شأن عمرو بن حریث...».
هل کان جابر بن عبدالله وغیره من الصحابة کانوا یمارسون البغاء؟!
ومن العجب أنه بعد کل هذا التهویل والتنکیر والتضخیم في تحریم نکاح المتعة قال فقهاء أهل السنة:
«ورغم بطلانه فإنه يترتب عليه أحكاماً بيانـها ما يلي:
1- إنه لا يقع على المرأة في نكاح المتعة طلاق ولا إيلاء ولا ظهار، ولا لعان ولا يجري التوارث بينهما، ولا يثبت به إحصان للرجل ولا للمرأة ولا تحصل به إباحة للزوج الأول لمن طلقها ثلاثًا.
علاء, [۱۷.۰۷.۱۷ ۱۴:۲۸]
[Forwarded from محمد علي]
2- وإنه لا شيء على الرجل في نكاح المتعة؛ من المهر والمتعة والنفقة ما لم يدخل بالمرأة، فإن دخل بـها فلها مهر المثل، وإن كان فيه مُسمَّى عند الشافعية ورواية عن أحمد وقول عند المالكية؛ لأن ذكر الأجل أثر خللا في الصداق. وذهب الحنفية إلى أنه إن دخل بـها فلها الأقل مما سمى لها ومن مهر مثلها إن كان ثمة مسمى، فإن لم يكن ثمة مسمى فلها مهر المثل بالغًا ما بلغ. وذهب المالكية والحنابلة في المذهب إلى أنه يجب لها بالدخول المسمى؛ لأن فساده لعقده، وهو اختيار اللخمي من المالكية.
3- وإنه إن جاءت المرأة بولد في نكاح المتعة، لحق نسبه بالواطئ سواء اعتقده نكاحًا صحيحًا أو لم يعتقده، لأن له شبهة العقد والمرأة تصير به فراشًا. وتعتبر مدة النسب من وقت الدخول وعليه الفتوى عند الحنفية.
4- وإنه يحصل بالدخول في نكاح المتعة حرمة المصاهرة بين كل من الرجل والمرأة وبين أصولهما وفروعهما.
5- وإنه لا حدَّ على من تعاطى نكاح المتعة سواءً كان ذلك بالنسبة للرجل أو المرأة؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات، والشبهة هنا هي شبهة الخلاف، بل يُعزَّر إن كان عالـمًا بالتحريم لارتكابه معصية، لا حدَّ فيها ولا كفارة».
وفي الختام نعود ونؤکد بان زواج المتعة لیس استجابة لاشباع جنون جنسي ورغبات مجونیة جامحة، بل هو حل شرعه الله سبحانه وتعالی ـ حسب مذهب اهل البیت(علیهم السلام)ـ لمعالجة مشکلة قائمة في المجتمعات البشریة فهي داخلة في دائرة الضرورات ـ کما یستشف من روایات اهل بیت النبوة ـ لا في دائرة هلوسات آثمة وفاجرة!
ثم أنه قد ناشدتم فضیلتکم البنین والبنات بأن یسألوا من یفتیهم بإباحة نکاح المتعة بقولکم:
«أسألوا من یفتیکم بإباحة نکاح المتعة، هل ترضاه لابنتک؟! فاذا رفض فقولوا له: اتق الله في بنات المسلمین...».
أولاً: أن رسول الله الذي أسس هذا الاساس اولی بهذا التسائل وأحق بهذا العتاب!
ثانیاً: أن زواج المتعة شرع للضرورات کما أسلفنا ولیس کل من أفتی بذلک مبتلی بها فلیس هو محلاً لها کی نستجوبه بهذه الأسئلة! وإن لم تکن إلا لاحراج المفتي بهذه الفتوی!
وزائداً الی هذا وذاك لا أظنّ أن اسلوب الإثارة والتحریض، امراً محبذاً ومجدیاً في معالجة القضایا الفقهیة العالقة!
وعلیه ینبغي أن تعالج مثل هذه القضیة الجادة تحت قبة مراکز البحث العلمي من خلال مناقشات علمیة موضوعیة ورصینة بعیداً من أی تحریض طائفي ثم یحکم بمالها او علیها لا أن تعرض في وسائل الاعلام بلغة استفزازیة وغاضبة لکي تُستغل من قبل الذین لا یریدون للإسلام واهله خیراً!
نحن نأمل ـ في هذه الظروف العصیبة التي ألمّت بالأمة ـ أن نعمل جمیعاً لإسکات المنصات الداعیة الی الفتنة الطائفیة ونشر الکراهیة والبغضاء وأن نسمع منکم اخباراً طیبة ـ ایها الطیب ـ تلم الشمل وتنبذ الفرقة والتشرذم! وترضی الله ورسوله والشرفاء من ابناء الأمة! کما سمعناه منکم سابقاً ونرجو لکم حسن العاقبة ودوام العمر في عافیة.
استودعکم الله
والسلام علیکم ورحمة الله
أخوکم ناصر مکارم الشیرازي
20 شوّال 1438 هـ ق / 15 جولای 2017م