والهداية لا يستحقها من عاند الكتاب ومن الواضح أن هؤلاء (المجرمين) الذين فصّل الله الآيات ليستبين سبيلهم (والسبيل هو الطريقة والمذهب) هم غامضون وإلا لما احتاج الأمر للتفصيل.
وكل ضلالة وجريمة حدثت في الأمة على امتداد تاريخها إنما كانت نتيجة للاستخفاف بتحذير الله من سبيل المجرمين، وعدم الالتفاف لخطورتهم. فصّل الله الآيات لتستبين (سبيل المجرمين) فأتى هؤلاء وقالوا لا داعي لهذا التفصيل ولم يبحثوا عن هذا السبيل وأعلامه ليجتنبوه فوقعوا في الفخ وأصبحوا يرددون (الله أكبر) عند كل جريمة لا يعرفون مجرماً إلا من خالفهم ولا صالحاً إلا من تابعهم فالمعروف عندهم ما عرفوا وليس ما عرّفهم الله، والمنكر عندهم ما أنكروا وليس ما أنكر الله فهم لا يهتمون بالكتاب الذي نزل بالحق والهدى والنور وإن تشدقوا في قراءته فهو لا يجاوز حناجرهم، وبعد هذا كله نستغرب من وحشية بعض المجرمين أو طائفيتهم أو محاولتهم الاستيلاء على حقوق الله في الآخرة بتقديمها للدنيا وأن يفصلوا بين الناس، سيبقى المسلمون في هذا العنت حتى يتعبوا كثيراً ثم يعودوا صاغرين ويعترفوا اعترافاً ذليلاً بتفريطهم في أوامر الله الأولى وتحذيراته الأولى.
سيذيق الله المسلمين بأس بعض حتى يعودوا لله صادقين يجب أن يتوقف المسلمون عن العودة الانتهازية التي ظاهرها لله وباطنها لسبيل المجرمين، يجب على المسلمين تطليق هذه الدنيا برمتها. أكثر خصومات المسلمين هي للدنيا (سبيل المجرمين) وإن أظهروا أنها للدين، لكنهم لا يتأملون ذلك، فتجد أكثر مما يسمونه (جهاداً) هو لعودة سبيل المجرمين وسنتهم الأولى من قمع الآراء والقهر والاستتابات والقتل على المذهب والصلاحيات المطلقة، فهم يجاهدون في سبيل (عودة سبيل المجرمين) حيث لا رأي ولا حقوق ولا تنوع ولا معرفة ولا عقل ولا تدبر للقرآن ولا براءة من الظالمين الخ ...
والسبب في هذا الخلط الواقع في عقولهم وقلوبهم هو استهانتهم الأولى بتحذير الله من (سبيل المجرمين) فهو سبيل، أي مذهب كامل في العلم والسلوك. هذا الحجاج بن يوسف الثقفي أكبر مجرمي التاريخ الإسلامي، قد وضعوا في فضائله خمسة كتب، وهذا ما لم يحصل عليه عندهم الأنبياء مجتمعين!
تتبعوا الذين يحبون المجرمين ويثنون عليهم هل لهم مؤلفات في فضائل الأنبياء وسِيَرهم؟ كلا .... هم مشغولون بحب المجرمين! فبالله كيف تطمعون في من استخف بتحذير الله من سبيل المجرمين والذي أوضح من أيام بدر أن من غاياته تمييز الخبيث من الطيب؟ فيصرون ويخلطون!
*حسن فرحان المالكي