كلمة سر المسيرات المليونية التي شهدتها مدن ايران يوم الجمعة 10 شباط / فبراير 2017 ، لم تكن سوى دعوة لم تتجاوز كلمات معدودة اطلقها قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد علي الخامنئي ، و وعي اسلامي اصيل و شعور وطني متجذر في اعماق الشعب الايراني ، يتدفق بشكل اسطوري كلما لاح في افق مسيرة الجمهورية الاسلامية في ايران خطر يهدد مستقبلها او يعرقل انطلاقتها.
التهديدات المتتالية التي اطلقها الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب ، ضد الجمهورية الاسلامية في ايران ، وتلويحه بخيار الحرب ، كانت وراء كلمة السر التي ميزت تظاهرات هذا العام عن الاعوام الماضية ، فجاءت كالرد الشعبي الصاعق على هذه التهديدات ، الذي حمل رسائل في غاية الاهمية ، من مصلحة ترامب ان يقرأها ويستوعبها ومنها:
-من الصعب جدا تهديد امة عظيمة قوامها اكثر من 80 مليون نسمة ، خرجت للدفاع عن حاضرها ومستقبلها بهذا الشكل الملحمي.
-ليس هناك من فجوة ، كما يحاول البعض ايهام ترامب ، بين الشعب والنظام في ايران.
-هذه القوة الشعبية الهائلة ، هي التي منحت القيادة في ايران القوة ، ودفعتها للوقوف بشموخ وكبرياء امام اكبر التحديات خلال الاعوام ال38 الماضية.
-لولا هذه القوة الشعبية الهائلة ، لما كان بامكان النظام في الجمهورية الاسلامية في ايران ، ان يستمر بعد التحديات الكبرى التي واجهها ، ومنها الحرب التي فُرضت على ايران على مدى ثماني سنوات ، والحظر الشامل الذي فُرض على ايران ، والحرب النفسية التي تُشن على ايران على مدى 38 عاما.
-ليس بامكان اقوى نظام في العالم ان يدفع بالملايين من مواطنيه للنزول الى الشارع ، لو لم يكن النظام من الشعب.
-القوة الشعبية الهائلة التي تقف وراء النظام في ايران ، هي التي جعلت كل خيارات رؤساء امريكا على الطاولة يعلوها التراب.
-كل رؤساء امريكا الذين دخلوا البيت الابيض خلال السنوات ال38 الماضية ، كان يعشعش في رؤسهم هدف واحد وهو اسقاط النظام في ايران ، الا انهم رحلوا وبقي النظام ايران.
على ترامب ان يقف مليا امام هذه الرسائل التي حملها الرد الشعبي الايراني على تهديداته ، فهي تهديدات تُطلق على بلد كان من اكبر ضحايا الارهاب في المنطقة ، حتى قبل ظهور “داعش” ، الا انه اليوم هو من اكبر المدافعين عن الشعوب الاخرى التي تواجه ارهاب “داعش” ، كما لم يسجل تاريخه على مدى اكثر من قرنين ونصف القرن ، ان اعتدى جيرانه ، بل على العكس تماما ، تعرضت ايران للعدوان الصدامي على مدى ثمانية اعوام بتحريض ودعم وتسليح امريكا والغرب وبعض دول الخليج الفارسي ، وبعد انتهائه لم تفكر يوما بالانتقام من الدول التي وقفت الى جانب صدام.
ترامب يعرف اكثر من غيره ان “جريمتين كبيرتين ” ، “ارتكبتهما” ايران ، ومن وجهة نظر امريكا ، هما اللتان تقفان وراء عداء امريكا للشعب الايراني ، الاولى كسر ايران للقيود وتحررها من التبعية لامريكا ، وحرمت امريكا من نفطها وموقعها الاستراتيجي ، بفضل ثورتها ، وقاومت ومازالت كل الضغوط الامريكية لدفعها للعودة الى بيت الطاعة الامريكي ، اما “الجريمة” الثانية ، فهي وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ، الذي تعرض وما يزال للتشريد والقتيل والتجويع ، وتعرضت ايران بسبب ذلك ومازالت للتهديد من قبل امريكا و”اسرائيل”.
ترامب الذي يجهل حتى دستور بلاده ، بشهادة القضاء الامريكي الذي علق قراره بمنع مواطني سبع دول اسلامية من الدخول لامريكا ، لانه يخالف الدستور الامريكي ، فهو من المؤكد اكثر جهلا بإيران وشعبها وقيادتها وثورتها ، لذا لا بد من يتخذ قرارته الخاصة بعلاقة بلاده بإيران بالتشاور مع من سبقوه الى البيت الابيض ، فتداعيات اخطاء مثل هذه القرارات لن تكون محدودة كخطأ قراره العنصري ضد العرب والمسلمين.
اتخذ ترامب مواقف متسرعة وخاطئة من الصين ومن استراليا ومن العراق ومن قضية نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس ، ومن المستوطنات الصهيونية ، ومن الاتفاق النووي بين ايران ومجوعة 5+1 ، وتراجع عنها سريعا ، واعتذر عن بعضها ، لذلك من مصلحته ومن مصلحة المنطقة والعالم ، الا يتعجل في اتخاذ مواقف عدائية من الشعب الايراني ، لانه قد لا يكون بمقدوره حينها ان يتراجع او يعتذر عنها.
بقلم:ماجد حاتمي
المصدر:شفقنا