ولاية الفقيه العادل :
اعتماداً على استمرار ولاية الأمر والإمامة، يقوم الدستور بإعداد الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط والذي يعترف به الناس باعتباره قائداً لهم (مجاري الأمور بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه)، وبذلك يضمن الدستور صيانة الأجهزة المختلفة من الانحراف عن وظائفها الإسلامية الأصيلة.
الاقتصاد وسيلة لا هدف :
إن الأصل فـي مجال ترسيخ الأسس الاقتصادية هو سد حاجات الإنسان فـي مسير تكامله ورقيّه، لا كما فـي سائر النظم الاقتصادية التي ترمي إلى تجميع الثروة وزيادة الربح. إذ أن الاقتصاد فـي المذاهب المادية هدف بنفسه ولهذا السبب يعتبر اقتصاد فـي مراحل النمو عامل تخريب وفساد وانحطاط (فـي هذه المذاهب) بينما الاقتصاد فـي الاسم مجرد وسيلة، والوسيلة لا يطلب منها إلا العلم بأفضل صورة ممكنة فـي سبيل الوصول إلى الهدف.
وعلى أساس هذه النظرة، فإن برنامج الاقتصاد الإسلامي هو توفير الفرص المناسبة لظهور المواهب الإنسانية المختلفة، ولذا فإنه يجب على الحكومة الإسلامية أن تؤمن الإمكانات اللازمة بصورة متساوية، وأن توفر ظروف العمل لجميع الأفراد، وتسد الحاجات الضرورية لضمان استمرار حركة الإنسان التكاملية.
المرأة فـي الدستور :
فـي بناء الأسس الاجتماعية الإسلامية تستعيد الطاقات البشرية التي ظلت حتى الآن فـي خدمة الاستغلال الأجنبي - هويتها الحقيقية، وحقوقها الإنسانية.
وخلال هذه الاستعادة فإن المرأة باعتبارها عانت المزيد من ظلم النظام الطاغي فمن الطبيعي أن تنال القسط الأوفر من هذه الحقوق.
فالأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع والمهد الطبيعي لنمو الإنسان وتساميه، وتقدمه، وعليه فالاتحاد فـي العقيدة والهدف أمر أساس فـي تشكيل الأسرة والذي يعتبر الممهد الأساس لحركة الإنسان نحو التكامل والنمو، وعلى الحكومة الإسلامية أن توفر الأرضية اللازمة لنيل هذه الغاية.
وبهذا المفهوم عن الأسرة تخرج المرأة عن كونها شيئاً جامداً أو أداة عمل تستخدم فـي إشاعة روح الاستهلاك والاستغلال الاقتصادي، وضمن استعادة المرأة مسؤولية الأمومة المهمة والقيمة فإنها تعقد العزم على تربية الإنسان المؤمن، وتشارك الرجل فـي ميادين الحياة العملية، وبالتالي تتقبل المرأة مسؤوليات أكبر وتحصل - بنظر الإسلام - على قيمة وكرامة أرفع.
الجيش العقائدي :
فـي مجال بناء وتجهيز القوات المسلحة للبلاد يتركز الاهتمام على جعل الإيمان والعقيدة أساساً وقاعدة لذلك، وهكذا يصار إلى جعل بنية جيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة على أساس الهدف المذكور، ولا تلتزم هذه القوات المسلحة بمسؤولية الحماية وحراسة الحدود فحسب، بل تحمل أيضاً أعباء رسالتها الإلهية، وهي الجهاد فـي سبيل الله، والجهاد من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي فـي العالم ]وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم[.
القضاء فـي الدستور :
تعتبر مسألة القضاء أمراً حيوياً يخص حماية حقوق الناس خلال مسيرة الحركة الإسلامية، فـي إطار تجنب الانحرافات الجانبية داخل الأمة الإسلامية.
ومن هنا تتجه النية لإيجاد نظام قضائي يقوم على العدالة الإسلامية، ويتكون من القضاة العدول ذوي المعرفة الواسعة بالأحكام الدينية الدقيقة.
ونظراً لحساسية هذا المرفق، وضرورة الحفاظ على بنيته العقائدية يجب أن يكون بعيداً عن جميع العلاقات والظروف غير السليمة (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
السلطة التنفيذية :
بالنظر لأهمية السلطة التنفيذية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام وتطبيق التشريعات الإسلامية كي تسود العلاقات والروابط الفاضلة فـي المجتمع ونظراً للأهمية التي تتصف بها هذه القضية الحيوية للتهيؤ والوصول إلى الهدف النهائي للحياة، فإن على هذه السلطة مهمة السعي والإعداد لبناء المجتمع الإسلامي.
إن النظام الإسلامي فـي الوقت الذي يرفض فيه التقيد والتأطُّر فـي نطاق أي شكل من أشكال الإدارة مما يعرقل الوصول إلى هذا الهدف فإنه يرفض تماماً الأسلوب الإداري البيروقراطي وليد الأنظمة الطاغوتية وذلك من أجل أن يتمكن النظام التنفيذي من النهوض بالأعباء الإدارية والمهام التنفيذية بسرعة واقتدار.
وسائل الإعلام العامة :
يجب أن تعمل وسائل الإعلام العامة (الإذاعة والتلفزيون) على نشر الثقافة الإسلامية، بموازاة المسيرة التكاملية للثورة الإسلامية، وعليها أن تستفيد - فـي هذا المجال - من تحقق الأفكار المختلفة، وأن تحترز بشدة من نشر وإشاعة الاتجاهات الهدامة والمعادية للإسلام.
إن اتباع مبادئ مثل هذا القانون - الذي يجعل فـي مقدمة أهدافه حرية بني الإنسان وكرامتهم ويفتح سبيل النمو والتكامل للإنسان - يقع على عاتق الجميع، ومن الضروري أن تشارك الأمة المسلمة مشاركة فعالة فـي سبيل بناء المجتمع الإسلامي عن طريق انتخاب ذوي الخبرة والكفاءة والإيمان، بالإضافة إلى الإشراف الدائم على أعمالهم، على أمل بناء المجتمع الإسلامي (المجتمع الأسوة) الذي يستطيع أن يكون قدوة لجميع شعوب العالم وشهيداً عليها ]وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس[.
النواب (مجلس الخبراء) :
لقد أتم مجلس الخبراء المؤلف من ممثلي الشعب تدوين هذا الدستور على أساس مشروع الدستور المقترح من قبل الحكومة، والمقترحات المقدمة من مختلف الفئات الشعبية فـي اثني عشر فصلا (1)، والذي يشتمل على مائة وخمس وسبعين مادة (2) فـي مستهل القرن الخامس عشر لهجرة الرسول الأكرم(ص) نبي الدين الإسلامي المحرر للبشرية، على أساس الأهداف والدوافع التي سبق ذكرها.
على أمل أن يكون هذا القرن قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين وهزيمة المستكبرين كافة.
الفصل الأول
الأصول العامة
المادة الأولى
نظام الحكم فـي إيران هو الجمهورية الإسلامية التي صوت عليها الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية 98.2 % ممن كان لهم حق التصويت، خلال الاستفتاء العام الذي جرى فـي العاشر والحادي عشر من فروردين سنة ألف وثلاثمئة وثمان وخمسين هجرية شمسية، الموافق للأول والثاني من جمادى الأولى سنة ألف وثلاثمئة وتسع وتسعين هجرية قمرية.
لقد شارك الشعب فـي هذا الاستفتاء العام انطلاقاً من إيمانه الأصيل بحكومة القرآن العادلة الحقة، وذلك بعد ثورته الإسلامية المظفرة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني.
المادة الثانية
يقوم نظام الجمهورية الإسلامية على أساس:
1- الإيمان بالله الأحد (لا إله إلا الله) وتفرده بالحاكمية والتشريع، ولزوم التسليم لأمره.
2- الإيمان بالوحي الإلهي ودوره الأساس فـي بيان القوانين.
3- الإيمان بالمعاد ودوره الخلاق فـي مسيرة الإنسان التكاملية نحو الله.
4- الإيمان بعدل الله فـي الخلق والتشريع.
5- الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس فـي استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام.
6- الإيمان بكرامة الإنسان وقيمه الرفيعة، وحريته الملازمة لمسؤوليته أمام الله. وهو نظام يؤمن القسط والعدالة، والاستقلال السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتلاحم الوطني عن طريق ما يلي:
أ - الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط، على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.
ب - الاستفادة من العلوم والفنون والتجارب المتقدمة لدى البشرية، والسعي من أجل تقدمها.
ج - محو الظلم والقهر مطلقاً ورفض الخضوع لهما.
المادة الثالثة
من أجل الوصول إلى الأهداف المذكورة فـي المادة الثانية تلتزم حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن توظف جميع إمكانياتها لتحقيق ما يلي:
1- خلق المناخ الملائم لتنمية مكارم الأخلاق على أساس الإيمان والتقوى، ومكافحة كل مظاهر الفساد والضياع.
2- رفع مستوى الوعي العام فـي جميع المجالات، بالاستفادة السليمة من المطبوعات ووسائل الإعلام، ونحو ذلك.
3- توفير التربية والتعليم، والتربية البدنية، مجاناً للجميع، وفـي مختلف المستويات وكذلك تيسير التعليم العالي وتعميمه.
4- تقوية روح التحقيق والبحث والإبداع فـي كافة المجالات العلمية والتكنولوجية والثقافية والإسلامية عن طريق تأسيس مراكز البحث وتشجيع الباحثين.
5- طرد الاستعمار كلية ومكافحة النفوذ الأجنبي.
6- محو أي مظهر من مظاهر الاستبداد والديكتاتورية واحتكار السلطة.
7- ضمان الحريات السياسية والاجتماعية فـي حدود القانون.
8- إسهام عامة الناس فـي تقرير مصيرهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
9- رفع التمييز غير العادل، وإتاحة تكافؤ الفرص للجميع فـي المجالات المادية والمعنوية كلها.
10- إيجاد النظام الإداري السليم وإلغاء الأنظمة الإدارية غير الضرورية فـي هذا المجال.
11- تقوية بنية الدفاع الوطني بصورة كاملة، عن طريق التدريب العسكري لجميع الأفراد، من أجل حفظ الاستقلال ووحدة أراضي البلاد والحفاظ على النظام الإسلامي للبلاد.
12- بناء اقتصاد سليم وعادل وفق القواعد الإسلامية من أجل توفير الرفاهية والقضاء على الفقر، وإزالة كل أنواع الحرمان فـي مجالات التغذية والمسكن والعمل والصحة، وجعل التأمين يشمل جميع الأفراد.
13- تحقيق الاكتفاء الذاتي فـي العلوم والفنون والصناعة والزراعة والشؤون العسكرية و أمثالها.
14- ضمان الحقوق الشاملة للجميع نساء ورجالاً وإيجاد الضمانات القضائية العادلة لهم، ومساواتهم أمام القانون.
15- توسيع وتقوية الأخوة الإسلامية والتعاون الجماعي بين الناس كافة.
16- تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين والحماية الكاملة لمستضعفـي العالم
المادة الرابعة :
يجب أن تكون الموازين الإسلامية أساس جميع القوانين والقرارات المدنية والجزائية والمالية والاقتصادية والإدارية والثقافية والعسكرية والسياسية وغيرها، هذه المادة نافذة على جميع مواد الدستور والقوانين والقرارات الأخرى إطلاقاً وعموماً. ويتولى الفقهاء فـي مجلس صيانة الدستور تشخيص ذلك.
المادة الخامسة
فـي زمن غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة 107.
المادة السادسة
يجب أن تدار شؤون البلاد فـي جمهورية إيران الإسلامية بالاعتماد على رأي الأمة الذي يتجلى بانتخاب رئيس الجمهورية، وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وأعضاء سائر مجالس الشورى ونظائرها، أو عن طريق الاستفتاء العام فـي الحالات التي نص عليها الدستور.
المادة السابعة
طبقاً لما ورد فـي القرآن الكريم: (وأمرهم شورى بينهم) و (شاورهم فـي الأمر)، تعتبر مجالس الشورى من مصادر اتخاذ القرار وإدارة شؤون البلاد، وتشمل هذه المجالس: مجلس الشورى الإسلامي، ومجالس شورى: المحافظة والقضاء والبلدة و القصبة والناحية والقرية وأمثالها.
مجالات وكيفية تشكيل مجالس الشورى ونطاق صلاحياتها ووظائفها تتعين فـي هذا الدستور والقوانين الصادرة بموجبه.
المادة الثامنة
فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية جماعية ومتبادلة بين الناس فيتحملها الناس بالنسبة لبعضهم البعض، وتتحملها الحكومة بالنسبة للناس، والناس بالنسبة للحكومة، والقانون يعين شروط وحدود وكيفية ذلك.
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
المادة التاسعة
فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تعتبر الحرية والاستقلال ووحدة أراضي البلاد وسلامتها أموراً غير قابلة للتجزئة، وتكون المحافظة عليها من مسؤولية الحكومة وجميع أفراد الشعب، ولا يحق لأي فرد أو مجموعة أو أي مسؤول أن يلحق أدنى ضرر بالاستقلال السياسي أو الثقافـي أو الاقتصادي أو العسكري لإيران أو ينال من وحدة أراضي البلاد باستغلال الحرية الممنوحة، كما أنه لا يحق لأي مسؤول أن يسلب الحريات المشروعة بذريعة المحافظة على الاستقلال ووحدة البلاد، ولو كان ذلك عن طريق وضع القوانين والقرارات.
المادة العاشرة
بما أن الأسرة هي الوحدة الأساسية فـي المجتمع الإسلامي فيجب أن يكون هدف جميع القوانين والقرارات والبرامج المرتبطة بالأسرة تيسير بناء الأسرة والحفاظ على قدسيتها وتمتين العلاقات العائلية على أساس الحقوق والأخلاق الإسلامية.
المادة الحادية عشرة
بحكم الآية الكريمة (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية فـي العالم الإسلامي.
المادة الثانية عشرة
الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب هو المذهب الجعفري الاثنى عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير.
وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفـي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل، واتباع هذه المذاهب أحرار فـي أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي فـي مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية) وما يتعلق بها من دعاوى فـي المحاكم.
وفـي كل منطقة يتمتع أتباع أحد المذاهب بأكثرية، فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة - فـي حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية - تكون وفق ذلك المذهب، هذا مع الحفاظ على حقوق اتباع المذاهب الأخرى.
المادة الثالثة عشرة
الإيرانيوين الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية فـي أداء مراسمها الدينية ضمن نطاق القانون. ولها أن تعمل وفق قواعدها فـي الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية.
المادة الرابعة عشرة
بحكم الآية الكريمة (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فـي الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)، على حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى المسلمين أن يعاملوا الأشخاص غير المسلمين بالأخلاق الحسنة والقسط والعدل الإسلامي، وأن يراعوا حقوقهم الإنسانية، تسري هذه المادة على الذين لا يتآمرون ولا يقومون بأي عمل ضد الإسلام أو ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.