ان مدينة الباب الواقعة شمالي سوريا احتلها داعش في يناير 2014 وهي تبعد 30 كيلومترا فقط عن الحدود التركية وحسب اهداف عمليات "درع الفرات" التي يشنها الجيش التركي يريد الاتراك اخراج داعش من المدينة وتسليمها لما يسمى الجيش الحر.
وبعد ان اعلن اردوغان في 23 ديسمبر الماضي ان الجيش التركي سيخرج داعش بالكامل من الباب قالت وكالة أنباء "اعماق" التابعة لداعش ان القوات الخاصة التركية التي شنت عملية للسيطرة على مستشفى الفاروق في غرب الباب قد واجهت مقاومة شرسة وعمليات انتحارية من الدواعش ومنيت بخسائر كبيرة واجبرت على الفرار وخلفت ورائها دبابات ومدرعات وآليات غنمها داعش ومن ثم نشر تنظيم داعش الارهابي مقطع فيديو يظهر احراقه لجنديين تركيين اثنين وهما أحياء، وكان هذا أكبر الخسائر التي تتكبدها الجيش التركي منذ دخوله الى سوريا في اغسطس 2016.
لاشك ان هزيمة الجيش التركي الذي يعتبر رابع اكبر جيش في العالم وثاني اكبر جيش في الناتو تشكل ضربة كبيرة لاعتبار الجيش التركي على الصعيد الدولي لأن اردوغان كان قد تكلم عن ضرورة حضور القوات التركية في معركة الموصل مع بدء عمليات الجيش العراقي والحشد الشعبي هناك رغم معارضة العراقيين لهذا التواجد التركي.
ولهذه الهزيمة التركية تبعات كبيرة خاصة اذا قارنّا الأداء الضعيف للجيش التركي في مواجهة داعش في الباب مع الانتصارات الكبيرة للجيش السوري وقوات المقاومة في تحرير مدن تدمر وحلب من يد مجموعات اكبر من المسلحين الارهابيين ومن بينهم داعش ايضا، كما ان القوات العراقية ايضا استطاعت دحر داعش من معظم مناطق محافظة الانبار ونينوى دون مشاركة اية قوات برية اجنبية وقطعت طريق هروب الدواعش نحو سوريا.
وهناك من يعتقد ان الجيش التركي ضعف بعد الانقلاب العسكري الفاشل الذي حصل في 15 يوليو الماضي بسبب خسارته للكثير من قياداته من الصف الأول والثاني والذين تم اعتقالهم، لكن مهما تكن الأسباب فالجيش التركي عجز عن التقدم نحو مركز مدينة الباب ولذلك استنجد الاتراك بالطائرات الروسية لقصف داعش فاردوغان يخشى من تبعات سقوط عدد كبير من المدنيين في الباب بسبب قصف الطائرات التركية كما يخاف اردوغان من رد الجيش السوري وصواريخ اس 300 واس 400 لأن الجيش السوري كان قد اصدر بيانا في السابق وجه من خلاله الانذار للطائرات التركية حينما قصفت هذه الطائرات قرية في تلك المنطقة وقتلت عددا من المدنيين، وحذرها من تكرار هذه الحوادث.
ان هذا السيناريو سيصبح كارثيا اكثر بالنسبة للأتراك اذا حصل هناك نوع من التنسيق بين دمشق والأكراد خاصة بعد ان تحدثت بعض وسائل الاعلام عن وجود نوع من التنسيق بين الجيش السوري والقوات الكردية السورية في القرى الواقعة غرب مدينة الباب.
ومن جهة أخرى يمكن القول ان استنجاد الأتراك بالروس يدل على مدى السخط التركي على الامريكيين بسبب خلاف الجانبين حول الموقف الامريكي من أكراد سوريا، ويمكن ان يشكل هذا الاستنجاد أداة ضغط تركية لتغيير الموقف الامريكي، وبالفعل فقد اعلن المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك ان امريكا تتعاون مع تركيا في عملياتها ضد داعش وان الحكومة الامريكية تدعم العمليات التركية التي تشن ضد داعش وتشكل دعما للجيش الحر.
ورغم ذلك هناك من يقولون بأن موسكو اشترطت على تركيا ان يسجل الانتصار في الباب باسم الجيش السوري لكن يبدو ان الجيش الحر هو من يستعد الان لشن عملية واسعة في الباب وذلك ضمن الاتفاق التركي الروسي الذي أبرم مؤخرا، كما اعلنت المصادر العسكرية التركية ان القوات التركية ستتجه الى منبج بعد الباب، اما الرئيس التركي فقد ذهب أبعد من هذا وقال ان العمليات العسكرية لن تتوقف بعد السيطرة على الباب وستذهب باتجاه الرقة معقل داعش في سوريا.
المصدر : الوقت