وقد شكلت عملية تطهير شرقي حلب من الارهابيين والضغط الدولي لانقاذ المعارضين المسلحين فرصة لانقاذ أهالي الفوعة وكفريا ايضا حينما أصرت سوريا وحلفاؤها على ربط خروج الارهابيين من شرقي حلب بخروج اهالي الفوعة وكفريا لكن الضغوط الدولية وارادة كل الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي منعت حدوث هذا الأمر ولم تتم الموافقة على خروج هؤلاء المدنيين من الفوعة وكفريا، وبإصرار من سوريا وحلفائها وافق الارهابيون وحماتهم الدوليون على خروج 2500 شخص فقط من اهالي الفوعة وكفريا وباتت المعادلة هي خروج 2500 من النساء والاطفال والجرحى من الفوعة وكفريا مقابل خروج 40 الف ارهابي مع عوائلهم من شرقي حلب.
وقد انضم هؤلاء الـ 40 ألف شخص الى مثيلاتهم في ادلب ونقلت سيارات الاسعاف الحديثة جرحاهم نحو المستشفيات لكن في المقابل خرج 1000 شخص من الفوعة وكفريا في المرحلة الاولى ونام الجرحى في قاع الحافلات وقطعوا الطريق الذي يستغرق عدة ساعات في 3 أيام بعد ان احرق الارهابيون في البداية عددا من الحافلات، وقبل اسبوعين من الان دخلت 21 حافلة أخرى الى الفوعة لإجلاء 1000 شخص آخرين لكن الأوان قد فات لأن كافة الارهابيين كانوا قد خرجوا من شرقي حلب ولم يسمح الارهابيون بعدها بخروج هذه الـ 21 حافلة من الفوعة ومنذ ذلك الحين تنتظر الحافلات سماح المسلحين لهم بالخروج وقد قال سائقو الحافلات في اتصالات لهم مع الخارج انهم معرضون للموت بسبب الجوع. وهكذا أصبح أهالي الفوعة وكفريا العزل أول ضحايا الاستعجال في إخلاء حلب.
أهمية الفوعة وكفريا
تحظى الفوعة وكفريا بأهمية لطرفي النزاع في سوريا لأنهما صامدتان وعصيتان على الارهابيين ومحاولات هؤلاء الارهابيين لاقتحاهمهما باءت بالفشل حتى الان بسبب المقاومة الشرسة التي يبديها أهالي البلدتين وهكذا بقيت البلدتان شوكة في عيون الارهابيين وحماتهم الدوليين.
ويتم قصف الفوعة وكفريا بالهاونات يوميا من قبل مسلحي احرار الشام وجبهة النصرة، واضافة الى ذلك هناك قناصون يتربصون بالأهالي فهم يقتلون الرجال والشبان برصاصهم لكنهم يجرحون النساء والاطفال من أجل ممارسة حرب نفسية. ويعتبر الارهابيون وحماتهم ان 20 ألف رهينة في الفوعة وكفريا هم "رصيد" جيد بالنسبة لهم في الأيام العصيبة.
ان الفوعة وكفريا تم محاصرتهما قبل عامين حينما سقطت محافظة ادلب بيد الارهابيين الذين كانوا يستعدون لاقتحام هاتين البلدتين ايضا وقد هددوا أهاليهما بالذبح لكن في تلك الظروف الحساسة والمصيرية بادر الجيش السوري الى شن عملية في منطقتي مضايا والزبداني في ريف دمشق وحاصرهما وكانت رسالة تلك العملية انه سيتم اقتحام مضايا والزبداني اذا اقتحم الارهابيون الفوعة وكفريا وحينها تم التوصل لاتفاق سمي باتفاق المدن الاربع وتم ربط قضية هذه البلدات ببعضها البعض ويتم ارسال مساعدات الى مضايا والزبداني بالتزامن مع ارسالها الى الفوعة وكفريا، لكن الارهابيين خرقوا هذا الاتفاق تدريجيا وباتت اهمية الفوعة وكفريا بالنسبة للارهابيين أكبر من أهمية مضايا والزبداني.
الاوضاع الانسانية
ان عدد ضحايا الهجوم بالهاونات والقنص في الفوعة وكفريا هو أقل من عدد ضحايا نقص الدواء والغذاء، فلا غذاء ولا مياه صالحة للشرب ولا دواء كاف ومناسب ولا وقود هناك وان المساعدات التي تصل الى البلدتين في اطار اتفاقية المدن الاربع لاتكفي سوى لبضعة اسابيع وبات الاهالي يحرقون أدواتهم المنزلية من اجل التدفئة في الشتاء ولايمتلك هؤلاء ملابس كافية ايضا.
وتتفشى الأمراض هناك بسبب الاستفادة من المياه والغذاء الملوث وتعجز المشفى الصغيرة الموجودة في الفوعة عن مداواة الناس بسبب نقص الأدوية، وتفيد التقارير الواردة ان الحصة الغذائية لكل مواطن هناك هي رغيف ونصف من الخبز لكل أربعة أيام! وقد نسي اطفال الفوعة وكفريا طعم الكثير من الفواكه والاطعمة.
لقد تم السماح لمراقبي الامم المتحدة بالدخول الى مضايا والزبداني عدة مرات لكن الارهابيين لم يسمحوا بدخولهم الى الفوعة وكفريا ولو مرة واحدة.
من الواضح ان المجتمع الدولي قد صم آذانه ازاء هذه "الإبادة" التي تحصل في الفوعة وكفريا اللتين يقول الارهابيون انهم يعاقبون أهاليهما بسبب عقائدهم الدينية، والان فإن المطلوب من تركيا والسعودية وقطر ان يقوموا بدور ايجابي لوضع حد لهذه الكارثة الانسانية واذا لم يفعلوا ذلك فإن العالم سيكون على موعد مع وقوع عملية إبادة أخرى ووصمة عار جديدة على جبين البشرية.