البطالة وباختصار هي زيادة أعداد العاطلين عن العمل في الدّول والمجتمعات ممّا يمنع هذه الطّاقات الهائلة من الأيدي البشريّة العاملة من الإنتاج والفاعليّة في الحياة، الأمر الذي يؤدّي إلى تراجع الدّول، واختلال الأمن المجتمعيّ؛ فللبطالة أثر سلبيّ على المجتمعات لأنّها تؤدّي إلى ارتفاع مستويات الفقر، وشيوع الجرائم، والانحلال الأخلاقيّ خاصّةً بين فئة الشّباب، فالشّباب يتميّز بأنّه يمرّ في مرحلة الذّروة بالنّسبة للطّاقة التي يمتلكها، فإن لم تُفرّغُ هذه الطّاقة فيما هو نافع، ستُفرّغ حتماً في كلّ ما هو سلبيّ وسيّء.
السبب الرّئيسيّ للبطالة هو سوء التّخطيط الحكوميّ؛ إذ يؤدّي ذلك إلى فشل الحكومات في استغلال العاطلين عن العمل الذين يتميّزون بالكفاءة العالية والّلياقة المطلوبة من أجل القيام بالأعمال المختلفة، وبالتّالي تحقيق النّهضة للبلد. كما أنّ سوء التّخطيط الحكوميّ يتمثّل عادةً بعدم قدرة الحكومات على السّيطرة على التّعليم الجامعيّ ، إذ يُعتبر التّعليم الجامعيّ غير المدروس، والذي لا يُراعي احتياجات السّوق والدّولة من خرّيجي مختلف التّخصّصات أحد أبرز وأهمّ أسباب البطالة أيضاً إلى جانب ما سبق. ومن الأسباب الأخرى لهذه المشكلة، غياب الوعي لدى الأفراد ممّا يجعلهم يقبلون على نوع معيّن فقط من أنواع الأعمال، وهو الذي يوفّر لهم الرّاحة إلى أقصى حدودها، من هنا فقد تنامت مشكلة البطالة في ظلّ انعدام البرامج التّثقيفيّة التي تدفع الأشخاص إلى محاولة السّعي وراء ذواتهم، واكتشاف مكامن قوّتهم ومواهبهم التي قد تكون في الأعمال الحرفيّة وليس في أنواع أخرى من الأعمال، فالاستغلال الأمثل للمواهب من شأنه أن يحسّن دخل الفرد بشكل كبير وجيّد.
إنّ البطالة آفة حقيقيّة تهدّد المجتمعات على اختلافها، وارتفاع نسبتها عن الحدود الطّبيعيّة ما هو إلّا مؤشّر على رداءة النّظام الحكوميّ والإداريّ في الدّولة، فتوفير فرص العمل من أبرز أولويّات ومهام الحكومات، وفشلها في إدارة الموارد الاقتصاديّة بالشّكل الأمثل بالإضافة إلى فشلها في توفير فرص عمل للمواطنين أمران يؤدّيان إلى التّهلكة، فالدّولة بذلك ستكون عبارة عن قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أيّ لحظة.