خاص الكوثر - الوجه الآخر
وقال الشيخ ميرزائي إن الباطن والجوهر في الحدثين، أو في الوجهتين، أو في المرحلتين، هو واحد لا يختلف، وهذا لا شك فيه. فمعركة الحق والباطل معركة بدأت مع الإنسان، مع آدم عليه السلام وابنيه. لأن الإنسان كائن مختار، صاحب إرادة، ويملك في داخله الفجور والتقوى في آنٍ واحد، ما يؤدي بالضرورة إلى الاشتباك، إلى التوتر بين الغرائزية والروح الإلهية، بين الفساد والتقوى، لذلك، فإن الجوهر واحد.
وأضاف: لكن ما يلفت الانتباه هو أن الحسين عليه السلام، في تلك الظروف المعقدة والصعبة، قام ونهض من أجل إنقاذ الإنسان من الظلم. وهذا بالضبط ما نعيشه اليوم. فثنائية الظلم والعدل، وثنائية الحق والباطل، هي الأساس في كلا الحدثين. الفلسطيني اليوم لا يقاتل فقط من أجل الأشياء المادية؛ بل هو يقاتل من أجل استعادة الكرامة، والشرف، والإنسانية. إن الأرض والتراب حاضران، ولكن الجوهر هو الكرامة. فالإنسان يمكن أن يعيش في المنفى، في غير أرضه، لكن مع شرف وكرامة. أما أن يعيش في أرضه وهو يُهان، وتُسلب كرامته، وتُحتقر إنسانيته، فهذه حياة لا تُطاق. لذلك، كما عبّر الإمام الحسين عليه السلام: "الحياة مع الظالمين هي البَرم".
إقرأ أيضاً:
أما الأمر الآخر، الذي أشار إليه الشيخ ميرزائي، فهو وضوح الحدود التام في هذه المعركة، بما لا يقبل الشك. فالإسلام، قديمًا وحديثًا، مليء بالتجارب والمعارك، وتاريخ المسلمين حافل بالحروب. لكن ما الذي يجعل كربلاء متميزة عن صفّين مثلًا؟ هناك، في صفّين، كان يمكن التلاعب والتمويه، وربما لم يدرك عامة الناس الحقيقة، إلا من خلال النخب والعلماء. أما في كربلاء، فقد ظهر الحق بأجلى صوره، وظهر الباطل بأوضح أشكاله، فأصبحت الحجة الإلهية تامة على كل إنسان، في كل لحظة من لحظات الزمن.
وأكد رئيس مركز المصطفى للدراسات الفكرية أن هذا الوضوح أيضًا حاضر في قضية فلسطين اليوم، فالقضية ليست سياسية مجردة، بل هي قضية احتلال في مواجهة أصحاب الأرض، قضية ظالم يعتدي على صاحب الحق، ومجرم لا يتورع عن سفك دماء الرضّع والأطفال والنساء والابرياء. إن العدو لا يخجل، ولا يُدان، ولا يُنكر فعله دوليًا، بل هناك محاولات متواصلة لشرعنة جرائمه، تمامًا كما كانوا يفعلون في عام 1961، وما قبله، واليوم يعيدون الكرّة بنفس الطريقة.
وأشار الى البعد العاطفي والإنساني والعائلي، إسرائيل اليوم لا تواجه جيشًا نظاميًا، بل تقتل يوميًا عشرات المدنيين: 100، 150 شهيدًا في اليوم، معظمهم أطفال ونساء. هذا يشبه ما حدث في كربلاء؛ فالذين قُتلوا هناك لم يكونوا كلهم من المقاتلين، بل كانوا من عوائل الحسين عليه السلام: أبناؤه، أحفاده، أبناء عمومته، ونساؤه. هذا الجانب العاطفي، رغم ألمه، يساعد على تثبيت الحقانية، ويجعل الناس أكثر استعدادًا للتضحية، والارتباط بالقضية. وإن شاء الله، ستكون النتيجة الانتصار.