قراءة في خطاب الإمام القائد الخامنئي بيوم القدس العالمي

الأحد 9 مايو 2021 - 15:38 بتوقيت غرينتش
قراءة في خطاب الإمام القائد الخامنئي بيوم القدس العالمي

مقالات-الكوثر: حديث الإمام القائد الخامنئي (حفظه الله) عن القدس وفلسطين ومستقبلها ليس حديث أماني ومنامات، بل انه حديث مرجع وقائد للأمة منذ عقود بعد رحيل مؤسس الجمهوريةِ الاسلامية ومحور المقاومة، مغير وجه التاريخ ومعيد الاسلام الى واجهة الوجود والعزة والكرامة، انه الامام الخميني (قدس سره الشريف).

وليس عاطفة نقول هذا الكلام وانما نابع من يقين واعتقاد راسخ ان الامام القائد السيد علي الخامنئي(قائد الثورة الاسلامية في إیران) يرى بنور الله تعالى، ويستشرف المستقبل بثقة مطلقة، هذا الايمان والثقة المطلقة بالله تعالى تنعكس في مواقفه وهو يتحدث عن المستقبل بضرس قاطع وكأنه يراه رأي العين (نهم يرونه بعيداً ونراه قريباً).

وحديث الامام القائد الخامنئي عن القدس وفلسطين ومستقبلها ليس حديث أماني ومنامات، بل انه حديث مرجع وقائد للأمة منذ عقود بعد رحيل مؤسس الجمهوريةِ الاسلامية ومحور المقاومة، مغير وجه التاريخ ومعيد الاسلام الى واجهة الوجود والعزة والكرامة، انه الامام الخميني ( قدس).

كل المعطيات المادية والقدرات العسكرية والاجتماعية وظروف تحققها حاضرة في وجدان وضمير أمام الامة . لهذا هو يتحدث بلغة هي أقرب الى (الإخبار) عما يحدث،  وليس بلغة الاحتمالات او الاستنتاجات.

نعم البُعد الغيبي، والوعد الالهي حاضر في كلام الامام الخامنئي وهو يراه رأي العين، وهذه الأبعاد الغيبية والمادية، والتاريخ القريب وتطورات الاحداث والحقائق على الارض كلها مستحضرة في كلام القائد وهو يتحدث عن القدس ويومها بلغة ( التبليغ) لا بلغة( الأماني والتشجيع).

البُعد التاريخي

ويتحدث القائد الخامنئي عن التاريخ الذي قام به اعداء الانسانية والإسلام بالتلاعب بجغرافية ومقدسات المجتمعات الاسلامية من خلال قيام النظام الرأسمالي الظالم السفاك بان يحرم شعباً من مغناه من موطن ابائه وأجداده ، ليقيم مكانه كياناً ارهابياً واناساً غرباء من شذاذ الافاق.

وموطن الاباء والاجداد هذه يقتطعها النظام الراسمالي الظالم ويضعها تحت وطأة اكثرُ ابناء البشر خبثاً، انهم عنصريون مارسوا القتل والنهب والسجن والتعذيب ضد اصحابِ الارض منذ اكثر من سبعين عاماً.

البُعد الغيبي في قضية فلسطين

كما ذكرنا في المقدمة فان حتمية انتصار الحق الاسلامي على باطل الاستكبارِ العالمي الذي يتحدث به الامام الخامنئي (بضرس قاطع) نابع من المدد الغيبي والوعد الالهي الذي ذكره في القرآن الكريم وعلامات تحقق هذا الوعد بدات تلوح بالافق، ويستشرفها الامام  بعين البصيرة، بصيرة القائد الرباني الذي قرأ القرآن بتدبر وأسبر أغوار آياته واحكامه، هذه القراءة العميقة امتزجت بمعرفته بالتاريخ ومعاصرته ومعايشته لأحداثه، ومشاركته في صنع هذا التاريخ الاسلامي المتجدد بوصفه قائداً لمحور المقاومة.

والامام القائد عندما يتوعد الكيان الغاصب بانه الى زوال وانه لن يبقى بعد عقدين ونصف، انما يتوعد من خلال استحضار ما تحقق من امارات الوعد الألهي.

فان محور المقاومة الذي تشكل بعد انتصار الثورة الاسلامية الايرانية انما تحقق بإعجاز الهي كبير، من بزوغ فجر الثورة الاسلامية الى تحقق الانتصارات على كل الجبهات، ان رجال محور المقاومة هم عباد الله الذين اختصهم بقرآنه الكريم وبقوله العزيز " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا".

البُعد المادي في تفاؤل القائد

لم يكتف الامام القائد الخامنئي بالبعد الغيبي والوعد الألهي في تفاؤله من تحقق النصر على العدو الصهيوني، فهو دائماً وفِي كل مناسبة يحذر من الانتظار السلبي المبني على اساس السكون والانزواء تحت ذريعة انتظار الفرج.

ان القائد يؤكد على ضرورة النزول الى الميدان والاستعداد للمنازلة من خلال تهيئة كل متطلبات المعركة وفِي مقدمتها الاقتدار العسكري والتكنولوجي ومن ثم التوكل على الله، وكما يقول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله "اعقلها وتوكل".

لذا فان اعتقاد القائد من حقيقة النصر بعد التوكل على الله هو التطور الكبير الذي طرأ على محور المقاومة وامتلاكه للقدرات العسكرية التي تكافئ سلاح العدو وتتفوق عليه احياناً، وهذا ما أثبتته تجارب السنين القريبة، يقول الامام الخامنئي "موازين القوى تغيرت بقوة لصالح الفلسطينيين، فالعدو الصهيوني وجيشه الذي كان يقول عنه انه الجيش الذي لا يقهر هو اليوم بعد تجربة 33 يوماً في لبنان وتجربة 22 يوماً وتجربة الثمانية ايام في غزة قد تبدل الى جيش لن يذوق طعم الراحة".

ويشير الامام الخامنئي بهذا الصدد الى أن "تصاعد قدرات جبهة المقاومة، وتزايد امكاناتها الدفاعية والعسكرية، وانتشار الوعي الذاتي لدى الشباب واتساع دائرة المقاومة في جميع ارجاء الارض الفلسطينية وخارجها والهبّة الاخيرة للشباب الفلسطيني دفاعاً عن المسجد الأقصى كلها تبشر بعد مشرق".

ان الامام القائد يقارن قوة جبهة المقاومة بين الامس واليوم لنرى كيف أن محور المقاومة وجبهة الحق تحقق تطوراً هائلاً في معركة التوازن والاقتدار العسكري حيث يقول  ان الشباب الفلسطيني كان يدافع عن نفسه بالحجارة ،واليوم فانه يرد على العدو بإطلاق الصواريخ الدقيقة.

وهذه المعطيات المعنوية والغيبية والمادية تجعل الامام يتحدث بتفاؤل ويقول "إنني اقولها بضرس قاطع ان الخط البياني الانحداري باتجاه زوال العدو الصهيوني قد بدأ وسوف لن يتوقف".

مسؤولية الامة تضامنية

بعد ان بين الامام القائد  ان فلسطين والقدس قضية إنسانية واسلامية تلامس صميم  مقدسات المسلمين، حيث ان القرآن الكريم أضفى قداسة على هذه الارض المباركة (وقد ورد ذكرهما في القرآن الكريم باسم الارض المقدسة)، لهذا حمل القائد وعلى نحو الوجوب الشرعي مراجع الامة وعلمائها، بل وعلماء المسيحيين ايضاً مسؤولية  تحريم التطبيع شرعاً.

كما حمل النخب الثقافية  والاحرار مسؤولية النهوض بشرح نتائج الخيانة في التطبيع والتي تشكل طعنة في ظهر فلسطين الى الجميع.

والسيد القائد في توجيه الوجوب الى الامة بمراجعها وعلمائها ونخبها ومثقفيها لانه يرى ان فلسطين قضية اسلامية عقائدية، وانسانية وفيها من المظلومية ما توجب على علماء الامة ونخبها ان يتحملوا مسؤوليتهم الشرعية والقانونية والأخلاقية ازاءها.

أثار الكيان الصهيوني على أمن واستقرار فلسطين وشعوب المنطقة

ويربط الامام الخامنئي كل مأسي الشعب الفلسطيني وشعوب العالم  الاسلامي بوجود  هذا الكيان الإرهابي حيث يؤكد القائد على أن اسرائيل ليست دولة، بل معسكراً إرهابياً ضد الشعب الفلسطيني  والشعوب المسلمة الاخرى، وان مكافحة هذا الكيان السفاك هي كفاح ضد الظلمِ ونضال ضد الارهاب، وهذه مسؤولية عامة.

وهذه المسؤولية العامة التي أكد عليها القائد تحتم علينا جميعاً أن نحدد موقعنا في هذا التحرك الشامل، فهذا يسجل للوعد الالهي - أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون-.

وتتجلى المسؤولية والتحرك الشامل من خلال  عدة عناصر يشير إليها القائد وهي:

 
1 ـ ضرورة تواصل المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين، بوصفها تمثل حائط الصد الأمامي بوجه العدو، وان ديمومة هذه المقاومة تعطي روحاً وحياةً متجددة لقضية فلسطين، وتعطي زخماً للأمة باستمرار دعمها وتبنيها والدفاع عنها.


٢- الدعم العالمي للمجاهدين الفلسطينين، وهذا الدعم يتضمن دعماً مادياً ومعنوياً، فعندما يشعر الشعب والمقاومة الفلسطينية ان قضيته هي قضية امة وعقيدة ودين، وانه يتصدى للدفاع عن هذه القضية بالنيابةِ عن الامة، عندها يزداد في جهاده واندفاعه لمقاومة الاحتلال البغيض.

3 ـ  أشار الامام القائد الى مسألة في غاية الأهمية وهي وحدة الشعب الفلسطيني وكذلك وحدة الامة الاسلامية ومحور المقاومة في وجه الغطرسة والاحتلال والاستكبار، فالوحدة كما يصفها الامام القائد هي أعظم السلاح الفلسطيني.

ولأهمية الوحدة الاسلامية بصورة عامة والفلسطينية بصورة خاصة في قضية فلسطين والقدس وجدنا ان الامام العظيم روح الله الخميني ( قدس) يؤكد عليها مراراً وتكراراً، حتى عاد لسانه لهجا في ذكرها والتأكيد عليها، وقد خصص أسبوعا كاملاً للوحدة الاسلامية تجتمع فيه مراجع وعلماء ونخب الامة ومثقفيها لتدارس همومها والتحديات التي تواجهها، والتعالي على الخلافات والاختلافات الفقهية والفكرية، لان العدو يراهن على تفرقة الامة وتمزقها.

ولان الوحدة كفيلة بتحقيق الانتصار على العدو بأسرع وقت وأقل الخسائر يصف الامام الخميني ( قدس سره) ذلك بقوله "لو ان كل مسلم القى بدلو من الماء على "اسرائيل" لجرفها السيل"، فمليار ونصف  مليار مسلم لو توحدوا لن تبقى هناك غدة سرطانية تسمى "اسرائيل" تغتصب الارض وتنتهك المقدسات، ولهذا يشير القائد الخامنئي  على انها اعظم سلاح الفلسطينين.

والحمد لله رب العالمين

بقلم المحلل السياسي/ جمعة العطواني