اليوم يزداد ضجيج مكنات إعلام الناتو بهذا الشان وبجانبها الكهنة وحملة المباخر ومن لديهم عقم في التفكير السياسي أن بايدن هو هو وهو و قد وافق على إلغاء القرار وإقتراب إشهاره يوم الثلاثاء، وكأن إدارة بايدن نزلت من السماء بزنبيل .
من يغوص بعمق بقراءة مضمون نص قرار الالغاء سيجده لا يحمل في طياته إلغاء لمجمل ما ورد بنص القرار السابق من حيث الشكل او المضمون بل هو تجديد لقرار بأمبيو لكن بشكل ناعم وبنفس الوقت يمنح واشنطن صلاحيات بالتدخل عسكريا في اليمن بشكل مباشر على غرار التدخل السعودي في اليمن الذي بدأت نسجه تحت إسم المبادرة الخليجية كما ان الترويج الاعلامي وبالذات منابر الامبريالية حين تشيع ان مملكة المنشار ضد قرار الالغاء وان بايدن ومن معه سوف يلقنونها جرع تأديبية مع ان كل هذا من وجهة نظري مسرحية وهمية ١٠٠% سوءا كانت تصيب او تخيب لكنها تظل وجهة نظر كما ان الأمريكان من خلال هذه المسرحية لديهم مصفوفة من الاهداف يسعون لتنفيذها ضمنها وضع برنامج تنفيذي للقرار السابق الذي اصدره بأمبيو بشكل ناعم وعبر بايدن والتعتيم علي إستمرارية مشاريع التطبيع مع كيان صهيون ونسج المبررات لتواجد اساطيل ومساطيل الغرب في البحر الاحمر والعربي والشروع بناء قواعد عسكرية في بلدنا مع وضع الترتيبات لإستمرارية الوصاية الامبريالية علي اليمن والتعتيم على مشاريع التدعيش الممولة غربيا وخليجيا ولمزيد من الايضاح ينبغي ان ندرك.
في حال توفرت المصداقية لإدارة بايدن كما يروجه الاعلام بموافقته على إلغاء القرار نتمنى في هذه الحالة أن تكون ديباجة القرار تنص بإلغاء قرار التصنيف السابق شكل ومضمون دون إستثناء أي شخص سوءا السيد القائد عبدالملك الحوثي او شقيقه او ابو علي الحاكم ممن هم على راس الهرم القيادي لحركة انصار الله او بقية القوى المناهضة للعدوان .بينما الموافقة بإدراج الاسماء المذكورة بقرار بأمبيو ضمن سياق قرار الالغاء يعني ان هذا ليس قرار الغاء بل مشروع خداعي لتنفيذ ما ورد في القرار السابق وهذا الموضوع برمته قد المح اليه الدبلوماسي نبيل خوري لان الاشارة لتلك الاسماء في قرار الالغاء الواردة بالقرار الترامبي يعني أن إدارة بايدن تمارس الخداع الناعم وتسعي من تحت الطاولة لتمرير قرار بامبيو بنعومة وفي هذه الحالة لن يتغير في الامر شيء . وكل ذلك اوصلني لقناعة ذاتية ان ما تقوم به البيت الابيض والرياض هي مسرحية مشتركة ولا خلاف بينهما .
هذه القضية دفعتني للغوص بعمق تفكيري لأستحضر من ارشيف ذاكرتي الوجدانية بعض المسرحيات التي كان يهندسها الصريع عفاش ليضحك بها علي عامة الشعب من خلال أساليبه الخداعية والتضليلية على سبيل المثال مسرحيته البهلوانية. التي نسجها في الانتخابات الرئاسية الوهمية عام ٩٩م حين قررت المعارضة مقاطعة الانتخابات ما دفعه لجلب منافس وهمي يمكنه من خوض انتخابات وهمية وإضعاف المعارضة كوسيلة للإستمرار في إغتصاب السلطة عبر انتخابات وهمية تطلبت منه ضخ بعض الكاش موني لنفيسه الوهمي الذي جلبه من مستودع الوهميين بحيث يقول للرائ العام انه يومن بالديمقراطية وظل يضحك على الذقون وكانه فعلا يخوض معركة الديمقراطية مع نفيس قوي بينما الواقع برهن انه كان يستهدف الهامش الديمقراطي ويشوهه ويعمق ثقافة الغلاط والتزوير والاغتصاب وفي حقيقة الامر تحول ذاك النفيس الوهمي الي منسق مع الصريع عفاش مقابل منحه سيارة وبضعة ملاميين من الريالات ليصبح شاهدا للزور وشريكا اساسيا في المسرحية الاغتصابية وفي النهاية اتقن ذاك الصريع تلك المسرحية لاغتصاب الحكم والضحك على الشعب ووضع كلبشات قوية للمعارضة واليوم حين نقف امام نفس المسرحية لإدارة بايدن ومحمد إبن منشار عنوانها وهمي ينص بالحل السياسي لقضية اليمن والغاء قرار إدارة ترامب عن تصنيف حركة انصار الله واخشى أن تمارس الإدارة البايدنية نفس المسرحية الوهمية لتصبح السعودية شريكة في نسجها حتى وإن حاولت ان تبرز بحلقات المسلسل انها منزعجة من عزم خارجية بايدن بإلغاء القرار السابق ثم يأتي المهرج خلفان ليسوق لنفس المسرحية .
على ضوء ما سبق استطيع الوقوف امام بعض الملاحظات .
اولا: الاشارة للأسماء التي وردة في القرار السابق هي مدونة ضمن سياق قرار الالغاء ولم يشملها قرار الادارة البايدنية هنا يكون قرار بأمبيو ساري المفعول ويتحول قرار الالغاء لبرنامج تنفيذي بشكل ناعم على إعتبار أن ورود إسم السيد القائد عبدالملك الحوثي حفظه الله وشقيقه وعبدالله الحاكم في قرار بامبيو وكذلك بقرار خلفه الجديد يعني الاتفاق بين صناع القرارين بتنفيذ ما ورد في الاول عبر الثاني من خلال توجيه التصنيف للرمز الاول في هذه الحركة الثورية وشقيقه ونجل الحاكم على إعتبار أن التصنيف والاتهام الامريكي لاهم رمز في قوى ٢١سبتمبر هو تصنيف لكل الاطراف المناهضة للعدوان في طليعتها حركة انصار الله، ويوفر المبرر للتدخل الامريكي عسكريا وسياسيا بشكل مكشوف .
الثاني: من يرحب بالقرار السابق او اللاحق إما لديه فائض من الغباء السياسي او أنه مصاب بفيروس الامركة الخفية ويصنف ضمن من يسعون لاستهداف هذه الرموز الثورية بشكل ناعم .
هنا يتجلى الغلاط الناعم لإدارة بايدن ومؤشر ان لعبتها راهنا اصبحت بالتعاون والتنسيق مع الرياض كما ان ترحيل الاعلان للقرار ليوم الثلاثاء وتزامن ذلك مع معركة مارب في ظل صياح ونياح الغرب عن هذه المعركة وتسابقهم في الادانات ضد انصار الله عن هذه المحافظة إضافة لتطابق موقف السمسار الاممي غريفيث مع مضمون المسرحية موشرا لوجود إما مساومة بين السعودية و البيت الابيض وخفافيش مجلس الامن ليوفر الفرصة لقوى العدوان من حسم معركة مارب . او من اجل ان تقبل الرياض شروط العقد الجديد مع واشنطن .
اما من يسوقون ان الرياض منزعجة وقلقة من إدارة بايدن فهذا كلام إستهلاكي له طابع وهمي لان واشنطن تبحث عن مصالحها ولن تفرط في البقرة الحلوب بل ستجلب لها لوبيات ومشاريع الحلابة سوءا باليات الديمقراطي او الجمهوري .
بالعودة لبحث الاسباب عن تأخير الاعلان عن القرار الى يوم الثلاثاء هنا يكون إحتمالين الاول: إما ان السعودية دخلت بهذه اللعبة الوهمية مع بايدن خصوصا بعد المصالحة القطرية السعودية.
الثاني: قد يكون هناك مساومة بين واشنطن والرياض بترحيل الاعلان لإتاحة الفرصة للسعودية بدراسة موقفها او لترويضها بقبول موافقة البيت الابيض .وطالما هذا القرار لازال حبر علي ورق في ظل المعركة القتالية بمحيط مدينة مارب مع تعالي الصياح والنياح للناتو ودول الخليج الفارسي وبقية اجندات العدوان حول هذه المعركة وبروز شراكة سمسار الامم المتحدة في طباخة المسرحية وتنامي درجة القلق لديه فإن الامر فيه إن.
اما الترحيب بقرار بايدن من بعض الاطراف المحسوبة مع او ضد العدوان فإن كانوا لا يدركون خطورة اللعبة فالمصيبة اعظم، اي اذا لم يفهموا عمقها فإن ترحيبهم جزء من الكارثة، وبهذه الحالة لا ينبغي ان يكونوا صناع للقرار السياسي والمصيري لمستقبل البلد، وإذا كانوا يفهمون ويدركون عمق هذه المسرحية فإن المصيبة اعظم، اي قد يكونوا إما موامركين او مطبعين مع الصهيونية الغربية والعربية من الباطن، ويقفون ضد رمز الثورة والحركة ليكفل تحقيق مصفوفة الاهداف لواشنطن، كما ان صمت البعض جزء من المشكلة لان الصمت عار والخوف عار و علامة الرضا .
بالتالي اذا كان هناك مصداقية من واشنطن بالحل السياسي العادل والشامل لليمن يتطلب موقف صريحا وفوريا من إدارة البيت الابيض يكون مدخلها العملي التالي .
ان تصدر إدارة بايدن قرار بإلغاء كل ما ورد في قرار بامبيو شكل ومضمون بحيث لا يرد أي اسم ضمن قرار الالغاء دون شروط من هذا او ذاك .
أن يتوقف عدوان دول التحالف البري والجوي والبحري وتنسحب كافة القوى الاجنبية من اليمن علي راسها الامارات والسعودية الي حدود عام ٩٠ م .
أن تتولي واشنطن كسر الحصار الشامل علي اليمن وتسمح بدخول المشتقات النفطية وغيرها.
أن تلتزم إدارة بايدن توفير الضمانات الدولية بإلزام دول العدوان بإعادة إعمار اليمن من جراء عدوانها وتوفير مرتبات موظفي جهاز الدولة منذ إنقطاعها ويكون هناك توازن دولي بصناعة الحل من خلال دخول روسيا والصين على المستوى الدولي وإيران على المستوى الاقليمي .
ان تلتزم إدارة بايدن تسليم عناصر الارهاب الى الاجهزة الامنية بصنعاء لمحاكمتهم ممن قدمت لهم واشنطن والرياض الرعاية والدعم وفتحت لهم معسكرات لقتال اليمنيين .
.. ان تلغى كافة الاتفاقيات والمعاهدات التي تم ابرامها خلال فترة هذا العدوان بين حكومة فنادق الرياض واطراف اخرى .
أن لا تتواجد اي اساطيل عسكرية للناتو في المياه السيادية اليمنية .
أن تعاد كافة الاموال المنهوبة الى البلد والقبض على المتورطين بتهربيها .
.. شروط اخرى ..
اذا في حال وافقت واشنطن على هذه الشروط فإنها ستكون بوابة الولوج لإيجاد الحل السياسي برمته . وهو المراد والامل ..
*فهمي اليوسفي - نائب وزير الاعلام اليمني