واضاف اللداوي في مقال له انه لا فرق أبداً بين حل الدولتين من وجهة النظر الديمقراطيين الأمريكيين، وبين صفقة القرن التي دعا إليها الجمهوريون، فكلاهما يؤدي إلى كيانٍ فلسطينيٍ مسخٍ منزوع السيادة، ممزق الأشلاء مرقطٌ، لا رابط بين أطرافه ولا تواصل، يقوم على إدارة السكان وتقديم الخدمات لهم بينما يتعذر عليه ممارسة السيادة والتحكم في الأرض والحدود والبحر والفضاء، الذي يجب أن يبقى تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، لكن الفرق بين المشروعين فقط هو في المدخل والأداة.
وتابع بالقول انه لا يختلف الديمقراطيون عن الجمهوريين الذين يبالغون في التعبير عن مواقفهم بجلاءٍ ووضوحٍ، وبخشونةٍ وقسوةٍ، وقد طرح آخرهم دونالد ترامب صفقة القرن وأملاها على الدول العربية، وأراد أن يستخدم حكوماتها في فرض وجهات نظرهم على الشعب الفلسطيني، وقد ظن أن الدول العربية تستطيع أن ترغم الفلسطينيين على القبول بالصفقة والتماهي معها، بينما يرى الديمقراطيون أنه يمكن الوصول إلى ذات الأهداف التي أعلن الجمهوريون، وفرض حل الدولتين بما يرضي الإسرائيليين، ولكن بواسطة طرفٍ فلسطيني يقبل العودة إلى طاولة المفاوضات، ويوافق على إعادة النظر في شروط وقواعد الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
واكد بانه استبشر بعض الفلسطينيين بفوز الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية، وتولي جوزيف بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، الذي ينادي وحزبه الديمقراطي بحل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، لتبقى إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، إلى جانب كيانٍ فلسطيني يتفق عليه، ويرفض مصادرة الأراضي والتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية، ويؤيد العودة إلى السياسات الكلاسيكية الأمريكية القديمة، السطحية الشكلية التي تتعامل مع القشور وتبتعد عن قلب الأزمة ولب المشكلة، ويريد استئناف علاقاته مع الجانب الفلسطيني وتحسين تعامله معهم، كأن يعيد فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ورفع الحظر عن مساهمة بلاده في ميزانية الأونروا، وإعادة الدعم إلى مؤسسات السلطة الفلسطينية الأمنية والاجتماعية والصحية والإعلامية وغيرها.
واعتبر شكل هذا الطرح القديم الجديد برنامج ورؤية الحزب الديمقراطي الأمريكي، الذي اعتادت عليه الإدارات الديمقراطية الأمريكية السابقة كلها، منذ كارتر وكلينتون وأوباما، وصولاً إلى بايدن أخيراً وقال أما الجمهوريون الذين يعرفون بخشونتهم ورعونتهم، وقوميتهم ينفذون وعد الإله ويطيعون أمره، ويعتقدون أنهم واليهود شركاء، يتبعون الكنيسة الإنجيلية واليهودية ذاتها، ويقرأون العهد نفسه القديم والجديد، ويؤمنون أن نصرة إسرائيل أمرٌ رباني وواجبٌ ديني، يجب القيام به إنفاذاً للتعاليم والتزاماً بالتوصيات، ولهذا فإنهم لا يهتمون لنظرة الآخرين لهم، ورد فعل أعدائهم عليهم، فما يهمهم هو أمرهم وعلو شأنهم فقط، سواء رضي العرب أو سخط المسلمون، فهذا أمرٌ لا يعنيهم كثيراً، ولا يشغلون به أنفسهم، وعلى الجميع إدراك ذلك وفهمه والعمل بمقتضاه، وإلا نزل عليهم السخط وحل بهم الهلاك.
واضاف بان الديمقراطيون يريدون إسرائيل دولةً قويةً متفوقة قادرة على العيش بأمانٍ وسلامٍ في دول المنطقة وشعوبها، وهم يتبنون الرؤيا الإسرائيلية للحل كما يأمل الإسرائيليون ويتمنون، ويحملون برنامجهم الاستراتيجي ويدافعون عنه، ولا يختلفون أبداً عن الجمهوريين في ولائهم وصدقهم، وحرصهم ورعايتهم، بل إنهم قد يتفوقون عليهم، ويقدمون لهم ما عجز الجمهوريون عن تقديمه، فها هم يدرجون كيانهم ضمن قيادة أساطيلهم الخارجية في منطقة الشرق الأوسط (غرب آسيا)، ويعلن وزير دفاعهم الجديد أن أمن إسرائيل مسألة أمريكية بامتيازٍ، وتدخل في صُلب الأمن القومي الأمريكي.
وشدد المقال، ويلٌ لمن صدق الكاذبين، وآمن بمظهر المخادعين، وركن إلى الخبثاء الظالمين، وحسرةً على الجهلة عديمي التجربة وناقصي الخبرة، السفهاء السذج، الذين يجربون المجرب ويصدقون المخرب، ويعتقدون أن الغرب قد يصدقنا، وأن أمريكا قد تكون معنا، وقد تحب الخير لنا، ونسوا أنهم لا يرضون عنا حتى نتبع ملتهم، ونؤمن بروايتهم، ونصدق حكايتهم، ونعترف بكيانهم، ونقبل بمشروعهم، وننسى أحلامنا ونكفر بأهدافنا، ونتنكر لماضينا ونلعن أسلافنا، ورغم ذلك فإنهم عنا لن يرضوا، وبنا لن يقبلوا، ولنا لن يطمئنوا.