شكلت هذه الجريمة (إعلانا) أمريكيا واقعيا بانتهاء الحرب على داعش وأن ما بقي منها في العالم العربي مجرد خلايا لا تصلح إلا للمشاغبة وليس بوسعها القيام بنفس الدور الذي قامت به في الفترة من 2011 إلى أن تمكن الحشد الشعبي العراقي من استعادة الموصل منتصف 2017.
التحالف الأطلسي العربي الذي استخدم الدواعش لتفكيك المنطقة انطلاقا من تركيا، قاعدة الإمداد بالمال والسلاح والأفراد كان يتصرف على طريقة (عين في الجنة وعين في النار) وهو لم يسع يوما للقضاء المبرم عليهم، معتبرا أن بوسعه توظيفهم والتحكم فيهم، ولولا الدور الذي قام به محور المقاومة بتشكيلته المعروفة لبقي الدواعش حتى الآن يرتعون ويلعبون ويقتلون ويدمرون، بينما يواصل محور دعم الإرهاب أو التواطؤ معه إصدار بيانات الاستنكار والإدانة لقتل الأبرياء، كما سيصدرون بيانات تطالب إعادة تشكيل النظام السياسي في سوريا والعراق وعودة البعثيين للحكم هنا أو هناك.
الأمريكي أدار المعركة على طريقة فخار يكسر بعضه، فهو رابح في الحالتين، إلا أنه لم يكن ليمانع أن تتحول الحرب إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ولعلكم تذكرون تصريحات أوباما القائلة بأن القضاء على داعش يحتاج إلى عشرين أو ثلاثين عاما، فإذا به يفاجأ بانتصار سريع وحاسم وهو ما لم يكن ليتحقق لولا عظمة قادة المواجهة.
جاءت عملية الاغتيال الأمريكي الغادر لمنع تحول القائد المنتصر إلى رمز حي وحجر أساس يبنى عليه كما كان الغل والحسد دافعا أساسيا لهذه الجريمة.
من الناحية الواقعية (انتهت) الحرب على الإرهاب، ولم يبق منها سوى نزر يسير وشيء من البروباجندا يمارسها الباحثون عن موقع ومكانة على الساحة العالمية.
لم يبق إلا ذيول المعركة ومن المنطقي أن استمرارها وبقاء تبعاتها المالية والسياسية – إعادة إحياء داعش- تحتاج إلى جهد لم يعد متاحا حيث أصبحت أغلب الدول التي مولت داعش والقاعدة في حالة إفلاس أو على حافته، وبات عليها أن تتدبر مستقبلها القاتم القادم.
ماذا عن التحالف الدولي لمحاربة داعش!!، هل ما زال على قيد الحياة؟!.
لا أظن؟!.
تغيرت إذاً المعادلات والموازين التي بنيت عليها بعض السياسات، وتقلص الرهان على حيثية (مستحقة) لكل من يرفع راية محاربة الإرهاب ليحل محلها سياسات مجتمعية ودولية وفكرية يتعين اتباعها لمنع تمدد وعودة ظهور هذا الوباء الذي لم يكن ليتخذ هذه الصورة البشعة لولا الدعم الذي تلقته الوهابية وجنود الشيطان.
إنه تنبيه ضروري فمن الضروري إعادة قراءة المشهد بدلا من البقاء ضمن الفريق المهزوم.
دكتور أحمد راسم النفيس
20/12/2020