واضاف عطوان امس السبت في افتتاحية صحيفة "راي اليوم "، قد يكون خطوة أكبر على طريق الاستِعداد لمواجهة ضخمة أو خوض، عمل عسكري كبير في المِنطقة، قد تكون دولة الاحتِلال الإسرائيلي المُستَهدف الرئيسي.
وكتب: ينص الاتفاق أبرز بُنوده على تقديم منظومات صاروخيّة دفاعيّة للجيش السوري تُعزّز دفاعاته الجويّة، مِثلَما تُعزّز التعاون العسكري والأمني في شتّى المجالات في “البَلدين الصّديقين”.
في قراءةٍ متأنية لظُروف هذا الاتّفاق، وما ورَد في المؤتمر الصحافي الذي عقده المَسؤولان السوري والإيراني على هامِش حفل توقيعه في مقرّ وزارة الدفاع السورية نجد لزامًا علينا التوقّف عند خمس نقاط رئيسية:
الأولى: تعمد نص الاتفاق التأكيد على أن أبرز أهداف هذا الاتّفاق تزويد إيران لسورية منظومات دفاع جوي متطوّرة من طِراز (باور 373) و”خرداد 3″، وهذه المنظومات الدفاعيّة الصاروخية هي الأحدث في التّرسانة الإيرانيّة، ونتائج تطوير الصناعة العسكريّة الإيرانيّة لمنظومات صواريخ تُحاكِي صواريخ “إس 300” الروسيّة التي حصَلَت إيران على مجموعةٍ منها بعد تلكّؤٍ روسيٍّ عن التّسليم استمرّ لسنواتٍ بسبب الضّغوط الأمريكيّة والإسرائيليّة ولم يتم التّسليم إلا بعد توقيع الاتّفاق النووي، حسب ما ذكرته لنا مصادر عسكريّة في محور المُقاومة.
الثانية: تسليم إيران هذه المنظومات الدفاعية الجوية يؤكد أن روسيا، وتنفيذا لاتّفاقٍ مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ترفض إعطاء الضوء الأخضر للقيادة العسكرية السورية لاستِخدام منظومة صواريخ “إس 300” التي تسلّمت أعدادا كبيرة منها، وجرى التّدريب على استِخدامها تحت إشراف خبراء روس قبل عام
على الأقل، وهذا الرفض الروسي هو الذي دفع القِيادة السورية اللجوء إلى الحليف الإيراني لمواجهة الاعتِداءات الإسرائيلية المُتكررة.
الثالثة: إضفاء صفة الشرعية على الوجود العسكريّ الإيراني في سورية، وربما تكثيفه أيضا، وتوجيه رسالة مزدوجة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل تقول بأنّ هذا الوجود سيبقى ويتطور، ويَعكِس تحالفًا استراتيجيا طويل المدى، ولا تحلموا بخروجه.
الرابعة: الرد على “قانون قيصر” الأمريكي الذي يريد تجويع الشعب السوري وعرقلة عمليّة إعادة الإعمار، وإجبار القَيادة السورية على “تغيير سلوكها” إذا أرادت تجنب آثار هذا القانون، وتطبيقاته، مثلما هدد جيمس جيفري، مبعوث أمريكا إلى سورية قبل أسبوعين.
الخامسة: توجيه رسالة إلى تركيا وردت مفرداتها على لسان اللواء باقري، تقول إنّ عليها أن تدرك أن حل مشاكلها الأمنية لا يتأتّي إلا عبر التفاوض والتفاهم مع الجانب السوري، بمعنى آخر أن إيران تقف في الخندق السوري في مواجهة الوجود التركي في شمال سورية.
هذا الاتفاق، أو المُعاهدة، لا يأتِي ردًّا على الغارات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع عسكريّة إيرانية وسورية، وإنما أيضا في إطار الاستِعداد لرد أوسع لحِلف المُقاومة، وربما وشيك، على الهجَمات الإسرائيلية المُتكررة على سورية ولمُنشآتٍ نووية إيرانية، وآخِرها مفاعل “نطنز” واغتيال الخُبراء النوويين الإيرانيين،
فالقِيادة الإيرانية، وحسب ما ذكر مصدر رفيع مُقرّب منها، باتت تُدرك أنّها لا يجب أن تُكرِّر خطأها في سورية، وتتجنّب الرّد، لأنّ عدمه سيُؤدِّي إلى تَناسُخ الهجمات وتِعدادها، وزيادة حجم الأضرار في الوقتِ نفسه.
إيران وسورية قررتا تجاوز “الفيتو” الروسي واتخاذ زمام المُبادرة، حتى لو تطور الأمر إلى مُواجهة شاملة، فزمن ضبط النّفس، ومحاولة امتَصاص الإهانات قد يكون ولى وأن مرحلة جديدة بدأت عُنوانها الرّد بكُل الطّرق والوسائل، سواءً جاء صريحًا أو “مُغمْغَمًا”، والسوريّون والإيرانيون يملكون خبرة عَميقة في الحالين.
المصدر: راي اليوم