وهنا یرشدنا الإمام الرضا(عليه السلام) إلى دوام الصلاة على النبي الأکرم(صلى الله عليه و آله و سلم) عرفانا بالجمیل، وتقدیرا للجهود الجبارة التي بذلها من أجل أمته: عن عبیداللّه بن عبداللّه الدّهان، قال: دخلت على أبي الحسن الرضا(عليه السلام) فقال لي: « ما معنى قوله: ( وَذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) (٢)» قلت: کلّما ذکر اسم ربّه قام فصلّى، فقال لي: « لقد کلّف اللّه عزَّوجلَّ هذا شططا » (٣) فقلت: جعلت فداک فکیف هو؟ فقال: « کلّما ذکر اسم ربّه صلّى على محمّد وآله »(٤).
أما أهل البیت علیهم السلام: فهم شمس الهدایة الأبدیة لهذه الأمة وسفن نجاتها، وفي هذا المورد یقول أمیر المؤمنین(عليه السلام) :« انظروا أهل بیت نبیکم فالزموا سَمْتَهُم واتَّبعوا أثَرهم، فلن یُخرجوکم من هُدى، ولن یُعیدُوکم في ردى» (٥)، ویرشد الإمام الرضا(عليه السلام) شیعته إلى إحیاء ذکر أهل البیت(عليهم السلام) وإقامة مجالس العزاء لهم. عن علی بن الحسن بن فضال عن أبیه، قال الرضا(عليه السلام) : «من تذکر مصابنا فبکى وأبکى لم تبکِ عینه یوم تبکي العیون، ومن جلس مجلسا یحیي فیه أمرنا لم یمت قلبه یوم تموت القلوب» (٦).
وهذا الحدیث فیه أسلوب تربوي قیم یُعمق من رابطة الولاء بین المسلم وأئمته (عليه السلام) :فإدامة ذکرهم وذکر مصائبهم تُنمي في وعیه ووجدانه الأفکار والمفاهیم الإسلامیة الصحیحة، فتنطلق في داخله ینابیع العواطف الإنسانیة الخیرة، إضافة إلى المعطیات الإیجابیة التي یحصل علیها یوم الحساب حیث الثواب الجزیل.
*کتاب الإمام الرضا(ع) سیرَةٌ وتاریخ- عباس الذهبي/ مَع التصَرف.
1- نهج البلاغة / تحقیق : السید جعفر الحسیني ، خطبة ١١٠.
2- سورة الأعلى : ٨٧ / ١٥.
3- الشطط : مجاوزة القدر في کل شیء ، یعني لو کان کذلک لکان التکلیف فوق الطاقة.
4- اُصول الکافي ٢ : ٤٩٤ ـ ٤٩٥ / ١٨ باب : الصلاة على النبي محمد 6 وأهل بیته : ، کتاب الدُّعاء.
5- نهج البلاغة ، خطبة ٩٧.
6- عیون أخبار الرضا 7 ١ : ٢٦٤ / ٤٨ باب (٢٨).
المصدر: الموقع الرسمي للعتبة الرضوية المقدسة