فحسب العقيدة الاسلامية، كلُّ البَشر هُم عبيد لله الذي خلقهم، و لا يملكون من أمرهم شيئاً؛ و هذا مثبت في أول سورة من القرآن الكريم: {إياك نعبد و إياك نستعين}، و جاء في سورة المائدة: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖوَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (سورة المائدة، الآية: ١١٨).
ولكن؛ ألا يجب أن نعبد مَن خلقنا، و لم نكُ شيئاً، و منحنا الحياة و فرصةً عظيمةً لدخول الجنة؟
فضلاً عن ذلك؛ فإننا إذا لم نعبد الله، سنتجه مباشرة لعبادة غير الله، لأن فطرة البشر تنبئه أنه مخلوق و له خالق: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}، (سورة المائدة، الآية: ٧٦).
فالبعض يعبد الأصنام أو التماثيل، و البعض يعبد مظاهر الطبيعة، مثل الشمس و القمر، أو يعبد شجرة، أو حيواناً! و البعض يعبد حتى بشراً آخر مثله! فقد عبدوا فرعون، و نمرود، و عبدوا المسيح، و عبدوا الأحبار،أما اليوم فقد ظهر من يعبد الشيطان، فيما البعض الآخر يعبد نفسه و هواه، و هذا الأخير هو الذي يسمي نفسه متحرراً، و نحن نسميه مُلحداً، فهو يعبد أهواءه و شهواته، و يتبع غريزته، و يرفض قبول فكرة الخلق، و يظن أنه لا يعبد أحداً لكنه في الحقيقة وقع في ما هرب منه.
ما ينبغي ملاحظته أن الحرية الحقيقية هي في عبادة الله، لأن من يعبد غير الله فلن يحصل على شيء منه، و الله يعدنا بالجنة.
و من يعبد غير الله و يخافه فهو يخاف مِن لا شيء، لأن القوة الحقيقية لله وحده، بينما من يعبد الله عليه أن يخشاه و يتجنب ناره؛ و هكذا سيكون إنساناً معتدلاً في الحياة، لا يؤذي الآخرين و لا يعمل السوء.
و أخيراً؛ لابد أن نعرف أنّ عبوديتنا لله هي الحرية الحقيقية، لإنك لن تعرف الله إلا إذا حررت عقلك من أهوائك و شهواتك و ضغوطات المجتمع وضغوطات الحياة ايضاً، ثُمّ إن الله -تعالى- يعطي الحرية لعباده في الدنيا و الآخرة؛ يعطيهم حرية عظيمة وكيبرة جداً، فمع أنه –تعالى- خالقنا، بيد أنه يعطينا الحرية في أن نختار بين عبادته و عبادة غيره، و هذا هو امتحان البشر، حيث من يتحرر من الضغوط و يحرر عقله سيعرف الله، و يتجه لعبادته، و من يخضع و يقيد عقله بقيود الشهوة أو المجتمع أو يخضع للشيطان فهو الذي يخسر حريته التي يبجث عنها.
كاتب المقال: كرار المدني
المصدر: مجلة الهدى الثقافية