كان من البديهي والمُتوقَّع، أن يصدُر ذلك البيان الشاجب والمُستنكِر، للأعمال التي قامت بها “ميليشيات مدعومة من إيران” ضد الدولتين المذكورتين وِفقَ زعم البيان.
ومن الطبيعي أن تكون هذه القِمَم الخائبة رسائل أميركية الى إيران، إيران التي وُلِدَ يوم القدسٍ من رحم ثورتها العظيمة بمواجهة “الشيطان الأكبر” وربيبته إسرائيل، وأثبتت الأحداث الرهيبة التي حصلت في العالم العربي، خاصة منذ العام 2011، صِحَّة التوصيف الإيراني، لأن الشيطان الأميركي وأدواته العميلة التي تأتمر به، وتتآمر معه على القضايا العربية وفي طليعتها القدس، مهامهم مُحدَّدة، القضاء على القضية التي كانت تجمع العرب، عبر إعلان أشرس الحروب على محور المقاومة، واستقدام مئات آلاف شياطين الإرهاب من حول العالم، لإستخدامهم في صناعة الموت وقرع طبول الجنازات في ما يُسمّى الربيع العربي.
لا تستحق كل القِمَم التي تستدِرُّ التعاطف مع المملكة بإسم مكَّة المكرَّمة أن نتوقف عندها، لأن خلاصتها مع كل القِمَم السابقة سوف تنتهي في غربال ما يُسمى “قِمَّة المنامة” في نهاية شهر حزيران القادم، لتسويق ما يُسمُّونه “صفقة القرن”، في آخر محاولات بعض الغرب وبعض العرب لتصفية القضية العربية المركزية والتي من بعدها على هذه الأمَّة العربية السلام.
ولعل في متابعة التطورات، خلال السنة والنصف التي تَلَت الحديث عن صفقة القرن، تبيَّن أن حصار العدو الإسرائيلي لقطاع غزة، ترافق مع توقُّف الولايات المتحدة عن مساهماتها في “الأونروا” لا بل الإنسحاب منها، في ما يُشبه التمهيد لصفقة القرن هذه، التي من أساسيات تسويقها، تجويع الشعب الفلسطيني وتدمير بيئته معيشياً واقتصادياً وصحياً واجتماعياً، لتغدو فلسطين المحتلة “جمهورية موز” أميركية تعيش فيها أفواه الجائعين وتخرس فيها فوهات مدافع المقاومة، وتكون البيئة حاضرة أن تكون حاضنة لصفقة القرن.
وفيما تظهّر رفض حركات المقاومة الفلسطينية المدعومة من محور المقاومة الإقليمي لهذه الصفقة التي يتوقع ان يكون هدفها تصفية القضية الفلسطينية مقابل وعود مالية مزعومة واستبعاد دولة فلسطينية بسيادة حقيقية وتكريس قضم اراضي الفلسطينيين واستبعاد القدس واللاجئين من الموضوع، فإن الفشل سيكون من نصيبها لاعتبارات عديدة خاصةً اذا اجمع الفلسطينيون على رفضها بالاضافة الى اشكالية وضع القدس وحساسيتها عند الفلسطينيين والشعوب العربية والاسلامية فيما عين السعودية على القُدس لتكون “الوَصِي الدولي” على مقدساتها بدلاً من الأردن، وهذا ما سوف ترفضه غالبية دول العالم، المسيحية منها قبل الإسلامية، لِمَا للسعودية من صيتٍ سيء في مسائل حوار الأديان والحضارات، كذلك مسألة تأجيل البحث بقضية عودة اللاجئين، وهنا تنقل وكالات أنباء موثوقة، أن الملِك الأردني مُحرَج أكثر من سواه في موضوع صفقة القرن، لأنه في حال موافقته عليها سوف يواجه غضباً من الشعب الأردني وغضباً آخر من الفلسطينيين المُقيمين في الأردن، والمُطالِبين بحق العودة الذين سوف تحرِمهم منه صفقة تصفية وجودهم وحُلم عودتهم وتصفية فلسطين، وهذا خط أحمر محور المقاومة المرسوم بأحمر الشهادة…
بيروت (اسلام تايمز)