وبعد ان طلبت اوروبا من ايران عدم الانسحاب من الاتفاق النووي، وطلبت مهلة اسابيع لإيجاد آلية للتبادل المالي مع ايران، من اجل ان تنتفع ايران من ايجابيات الاتفاق النووي. ولكن هذه الاسابيع تحولت الى سنة، ولما تنفذ اوروبا وعودها، وما تم انجازه تحت عنوان آلية "اينستكس" لا يرقى الى واحد بالمائة مما كانت تأمله ايران من اوروبا. وللواقع فإن اوروبا لا يمكنها التفريط بمصالحها مع اميركا من اجل مصالح ايران. والعقود الاربعة الماضية اثبتت هذا الامر.
وبعد ان مضت قرابة سنة من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، صرح الرئيس الايراني حسن روحاني، ان صبر ايران ينفذ، وانها ستبدأ بتنفيذ بعض الخطوات في التخفف من القيود التي فرضت عليها في اطار الاتفاق النووي.
وأفادت مصادر مطلعة ان الجمهورية الاسلامية الايراني ستطبق قريبا قرارات جديدة ردا على الحظر الذي تفرضه اميركا على ايران، واجراءاتها المعادية.
وبناء على هذا القرار، فإنه ما لم يتم إلغاء الحظر النفطي والمصرفي خلال الساعات القادمة، فإن هذه الاجراءات الخاصة سيتم تطبيقها في إطار محتوى الاتفاق النووي.
الجدير بالذكر، ان مسؤولي الاتحاد الاوروبي الذين اكتفوا خلال السنة الماضية، فقط بتقديم الوعود غير المنجزة، تم اعلامهم بشكل غير رسمي بهذا القرار.
علما ان يوم الاربعاء الموافق 8 ايار/مايو 2019، يوافق الذكرى السنوية الاولى لانسحاب اميركا من الاتفاق النووي.
وفي يوم السبت 4 ايار/مايو 2019، وخلافا لمضمون الاتفاق النووي، فرضت الادارة الاميركية حظرا على قسم جديد من النشاطات النووية الايرانية السلمية، حيث زعم وزير الخارجية الاميركي، مايك بومبيو، ان هذا القرار اتخذ لحرمان ايران من اي مسار نحو الاسلحة النووية.
وجاء في جانب من البيان الاميركي، انه بدءا من يوم 4 ايار/مايو ممكن يفرض الحظر على المساعدة في توير محطة بوشهر النووية، اكثر من وحدة المفاعل الحالية. وفضلا عن ذلك، فإن النشاطات لنقل اليورانيوم المخصب الى خارج ايران في مقابل اليورانيوم الطبيعي يمكن ان يشملها الحظر. وعلى ايران ان توقف جميع النشاطات الحساسة للانتشار النووي، بما فيها تخصيب اليورانيوم، وأن اميركا سترفض اي اجراءات تدعم استمرار التخصيب.
وكان البيت الابيض قد اعلن في 22 نيسان/ابريل 2019، في بيان، ان دونالد ترامب قرر عدم تمديد الاستثناءات المرتبطة بالحد من شراء النفط الايراني والتي تنتهي في شهر ايار/مايو (الاعفاءات من الحظر)، معلنا ان الهدف من ذلك هو تصفير صادرات النفط الايراني.
وفي نفس اليوم، وردا على ذلك، صرح المتحدث باسم الخارجية الايرانية، عباس موسوي: نظرا لكون الحظر غير قانوني اصلا، فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تعير اي قيمة واعتبار للاعفاءات الممنوحة على الحظر.
واضاف: ورغم ذلك، ونظرا للتبعات السلبية العملية لهذا الحظر، واحتمال زيادة هذه التبعات السلبية مع عدم تمديد الاعفاءات، فان وزارة الخارجية الايرانية، تجري اتصالات مستمرة مع جميع المؤسسات الداخلية وكذلك مشاورات مكثفة مع الشركاء الخارجيين بمن فيهم الاوروبيين ودول الجوار.
وتابع: ان نتيجة هذه الاتصالات والمشاورات الداخلية والخارجية تنقل الى الجهات العليا لاتخاذ القرارات، وسيتم قريبا اتخاذ القرار المطلوب في هذا الخصوص وسيتم الاعلان عنه.
وكانت الخارجية الاميركية قد اعلنت استثناءات واعفاءات لفترة 180 يوما لـ8 دول لشراء النفط الايراني، وهي: تركيا وكوريا الجنوبية وايطاليا وتايوان واليونان واليابان والصين والهند، لكي تبحث خلال هذه الفترة عن بديل للنفط الايراني، وقد انتهت هذه الفترة في الثاني من ايار/مايو 2019.
ويبدو ان الرد الايراني، او لنقل ان جزءا من الرد الايراني والذي يأتي بالتدريج، وفي اطار استراتيجية النفس الطويل التي جربت ايران مرارا نجاحها، باعتبارها دولة واثقة من قدراتها وامكاناتها. فقد اعلن مصدر قريب الصلة بلجنة مراقبة الاتفاق النووي بان ايران ستستأنف قسما من انشطتها النووية المتوقفة في اطار الاتفاق النووي، وذلك ردا خروج اميركا من الاتفاق.
وافادت وكالة انباء الاذاعة والتلفزيون الايرانية في نبأ لها اليوم الاثنين بان المصدر قال، انه وفي الرد على خروج اميركا من الاتفاق النووي وعدم التزام الدول الاوروبية بتنفيذ تعهداتها، ستقوم الجمهورية الاسلامية الايرانية في خطوة اولى باستئناف قسم من انشطتها النووية التي كانت متوقفة في اطار الاتفاق النووي.
واضاف، ان البرامج المتوقعة لبلادنا ستكون في اطار البندين 26 و 36 من الاتفاق النووي، وان مسالة الخروج من الاتفاق ليست مطروحة في الوقت الحاضر الا ان الخفض الجزئي والكلي لبعض التعهدات سيدرج في جدول الاعمال.
واوضح بانه سيتم الاعلان قريبا عن اجراءات الجمهورية الاسلامية الايرانية المضادة تجاه خروج اميركا من الاتفاق النووي، وقال، من المحتمل ان رئيس الجمهورية سيعلن في حوار اذاعي تلفزيوني بعد غد الاربعاء برامج البلاد المرحلية للاجراءات المضادة لخروج اميركا من الاتفاق النووي.
وتابع: ان مسؤولي الاتحاد الاوروبي الذين اكتفوا باعطاء الوعود من دون تنفيذ خلال العام الاخير، قد تم اطلاعهم على هذا القرار عبر جهات غير رسمية.
ولقد اثبتت الجمهورية الاسلامية الايرانية بقيادتها الحكيمة، وعلى مدى العقود الاربعة الماضية، انها تتحسب لكل الاحتمالات، وانها تتعاطى مع الاحداث والتطورات والمستجدات انطلاقا من مسؤولية وطنية واسلامية عالية وإدراك عميق لمجريات الساحة الدولية، ولذلك لن تتخذ قرارات متهورة قد تعطي الاعداء الذريعة التي يحتاجونها، او قد تحول المحايد الى حليف للعدو، بل على العكس، فإنها تتصرف بشكل يسحب البساط من واشنطن، الامر الذي يجعل حتى حلفائها يدعم ايران ولو باليسير، وهذا فن تجيده طهران واختبرته مرارا.