الوحدة الإسلامية لمواجهة التحجر والتخلف

السبت 27 إبريل 2019 - 10:18 بتوقيت غرينتش
الوحدة الإسلامية لمواجهة التحجر والتخلف

أفكار ورؤى – الكوثر: هناك أصوات كثيرة تعلو وترتفع لرد أي صدمة لحركة الوحدة الإسلامية. ضمن هذا الجو، يتحدث الكثيرون عن الوحدة الإسلامية بما يشبه اليأس، ويؤكدون أن جهودهم ذهبت أدراج الرياح، لأن المسألة ليست واقعية في هذا الجو من الحقد والبغضاء والتحارب، فيما الكثيرون ممن يعملون في هذا الاتجاه يعملون بطريقة المجاملة.

 

لكن هل هذه الصورة حقيقية؟ إنها ليست كذلك، وهي لا تلامس العمق في حركة الوحدة الإسلامية، لأن مسألة الوحدة الإسلامية هي من المسائل التي تمثل الثورة على كل هذا التخلف في الوعي الإسلامي لدى المسلمين، هذا التخلف الذي جعل من المذاهب المتعددة التي تمثل وجهات نظر في فهم الإسلام، أدياناً، وجعل الاختلاف فيها أعمق من الاختلاف بين الأديان المختلفة.

 

إن التخلف الذي انطلق من الجهل، جعل المسلم يعيش التحجر، بحيث إنه لا يسمح لأي نبضة أن تتحرك في اتجاهٍ مخالف لما يفكر فيه.

 

نحن عندما ندعو إلى الوحدة الإسلامية، فإننا نواجه كل التاريخ المتحجر، وكل التخلف الذي استطاع أن يعشش في أعماقنا وانطبعت به شخصياتنا، ونكون كمن يريد أن يهدم الجبل بفأس صغير. فقد نحتاج إلى وقتٍ طويل حتى نستطيع أن نزلزل هذا الجبل من الجهل والتخلف.

 

ثم نحن عندما نتحرك في الوحدة الإسلامية، نتحرك أمام المعادلات الدولية التي أفرزت قراراً دولياً جماعياً على مستوى الدول الكبرى والمحاور الإقليمية الوسطى، وعلى مستوى الدويلات التي تعيش في العالَم الإسلامي، وقررت أنه يمنع على المسلمين أنْ يتحدوا، ويمنع عليهم أنْ يفكروا في مشروع سياسي إسلامي، ويمنع عليهم أن يكونوا قوة مستقلة أمام القوى الموجودة في العالَم، واعتبرت المسألة خطاً أحمر في ما يتعارَف عليه الناس من الخطوط الحمر.

 

إذاً، نحن عندما نطلق حركة الوحدة الإسلامية، نطلقها في وجه الكفر كله، وفي وجه الاستكبار العالمي كله، وفي وجه الخطط السياسية الموضوعة لكل قضايانا المصيرية، ونطلقها أمام كل القوى العسكرية التي تريد أن تصادر فكرنا.

 

المسألة ليست نزهة، ولا خطابات، ولا ندوات، ولا اجتماعات مشايخ، ولا بيانات، ولا شعارات تكتب على الجدران، القضية أنك تتحرك في ساحة كلها ألغام، وواقع يحمل لك كل التحدي، واقع يريد أن يقهرك ويصفيك ويلغي وجودك كله.

 

ولهذا، فإن كل ما يحدث في العالَم الإسلامي منتظر، وربما تكون المسألة المطروحة هي أنْ تتخذ الخلافات السياسية مواقع مذهبية، بحيث يكون فريق من مذهب معين في موقع سياسي معين، ويكون فريق من مذهب آخر في موقع سياسي آخر، لتتغذى الحرب السياسية من المواقع المذهبية.

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

*من كتاب "أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة".