الجواب التفصيلي:
نقرأ في روايات متعددة في تفسير (بقية الله) أنّ المراد بها وجود المهدي عجل الله فرجه الشريف، أو بعض الأئمّة الآخرين(1)، ومن هذه الرّوايات ما نقل عن الإمام الباقر(عليه السلام)في كتاب إكمال الدين:
«أوّل ما ينطق به القائم(عليه السلام) حين يخرج هذه الآية (بقية الله خير لكم إنّ كنتم مؤمنين)(2) ثمّ يقول: أنا بقية الله وحجّته وخليفته عليكم، فلا يسلّم عليه مسلم إلاّ قال: السّلام عليك يا بقية الله في أرضه»(3).
وقد قلنا مراراً إنّ آيات القرآن بالرغم من نزولها في موارد خاصّة، إلاّ أنّها تحمل مفاهيم جامعة وكلية، بحيث يمكن أن يكون لها مصداق في العصور والقرون التالية وتنطبق على مجال أوسع أيضاً.
صحيح أنّ المخاطبين في الآية المتقدمة هم قوم شعيب، والمراد من (بقية الله) هو الربح ورأس المال الحلال أو الثواب الإلهي، إلاّ أنّ كل موجود نافع باق من قبل الله للبشرية، ويكون أساس سعادتها وخيرها يعدّ (بقية الله) أيضاً.
فجميع أنبياء الله ورسله المكرمين هم (بقية الله) وجميع القادة المصلحين الذين يبقون بعد الجهاد المرير في وجه الأعداء فوجودهم في الاُمّة يُعدّ (بقية الله) وكذلك الجنود المقاتلون إذا عادوا إلى ذويهم من ميدان القتال بعد انتصارهم على الأعداء فهم «بقية الله» ومن هنا فإنّ «المهدي الموعود»(عليه السلام) آخر إمام وأعظم قائد ثوري بعد النّبي(صلى الله عليه وآله) من أجلى مصاديق (بقية الله) وهو أجدر من غيره بهذا اللقب، خاصّة أنّه الوحيد الذي بقي بعد الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)(4).
الهوامش:
(1). «الكافي»، ج 1، ص 411، الحديث 2؛ «بحار الانوار»، ج 10، ص 153 و 154، الحديث 3، والمجلد 24، ص 211 و 212.
(2). سورة هود، الآية 86.
(3). نقلا عن تفسير الصافي، ذيل الآية مورد البحث؛ «بحار الانوار»، ج 24، ص 212؛ «اعلام الورى»، ص 463 (دار الكتب الاسلامية)؛ «كشف الغمة»، ج 2، ص 534 (مكتبة بني هاشمي، تبريز)؛ «كمال الدين»، ج 1، ص 330، الحديث 16 (دار الكتب الاسلامية).
(4). التجميع من كتاب: التفسير الأمثل، آية الله العظمى مكارم الشيرازي، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة والثلاثون، ج 9، ص 246.
مکتب المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر : وكالة شفقنا