ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه:
( ...يَوْمَ يَقُومُ الأَشهادُ ) .( [1])
وفي آية أُخرى يشير سبحانه إلى مضمون الشهادة حيث يقول سبحانه: ( ...يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشهادُ هؤلاءِ الَّذينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ... ) .( [2])
ويمكن تقسيم الشهود في يوم القيامة إلى طائفتين أو صنفين:
الطائفة الأُولى: الشهود مثل (اللّه والأنبياء ...).
الطائفة الثانية: أعضاء البدن.
وهنا يمكن الإشارة إلى نوع آخر من الشهود وإن كان يحتاج إلى بحث مستقل، وهذا الشاهد هو تجسّم الأعمال.
إنّ المراد من «تجسّم الأعمال» هو أنّ أعمال الإنسان الأعم من الحسنة والسيّئة تتجلّى بصورة خاصة يوم القيامة، فالأفعال الحسنة تظهر بصورة موجودات جميلة تسرّ الناظرين، والأعمال القبيحة والذنوب تظهر بصورة موجودات قبيحة المنظر كريهة الشكل والصورة، بنحو يُعدّ ذلك بنفسه نوعاً من العقاب للمجرمين والمذنبين وشاهداً على جرائمهم وذنوبهم.
ونحن هنا نستعرض الطائفة الأُولى من الشهود الذين هم من خارج الإنسان وروحه والذين تعرّض القرآن الكريم في آيات كثيرة لذكرهم.
1. اللّه جلّ جلاله
الشاهد الأوّل على سلوك الإنسان وعمله وتصرفاته هو اللّه سبحانه وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية في هذا العالم، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة حيث قال سبحانه:
( ...لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ ) .( [3]) وفي آية أُخرى يقول سبحانه:
( ...إِنَّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْء شَهيدٌ ) .( [4])
وقال تعالى أيضاً:
( ...فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ ) .( [5])
2. الأنبياء
يؤكّد القرآن الكريم وبوضوح تام أنّه يوجد في كلّ أُمّة شهيد يشهد على أعمال تلك الأُمّة يوم القيامة حيث قال سبحانه:
( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهيد وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤلاءِ شَهيداً ) .( [6])
وقد جاء هذا المعنى في آيات أُخرى بصورة كلّية.( [7])
ولقد استظهر المفسّرون أنّ المراد من الشاهد هنا هو نبيّ كلّ أُمّة، بشهادة أنّه سبحانه صرّح بأنّ السيد المسيح(عليه السلام) يكون شهيداً على أُمّته، قال تعالى:
( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّلَيُؤْمِنَنَّ بِِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهيداً ) .( [8])
إذاً يمكن استظهار أنّ شهود كلّ أُمّة أنبياؤها. وهنا بحث آخر ينبغي الالتفات إليه وهو أنّ الآية السالفة الذكر قد أثبتت الشهادة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حيث جاء فيها: ( وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤلاءِ شَهيداً ) ، وحينئذ يقع البحث في المقصود من قوله: ( عَلى هؤلاءِ ) ، هل هم الأنبياء أم أُممهم؟
يوجد احتمالان ذكر المرحوم الطبرسي الاحتمال الأوّل منهما ولم يتعرض لذكر الاحتمال الثاني، ويمكن القول بقرينة كلمة ( هؤلاء ) في قوله تعالى: ( وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤلاءِ شَهيداً ) انّ المراد هو أُمّة النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) .
3. نبي الإسلام
لقد أوضحت الآيات السابقة انّ النبي الأكرم شاهد على أعمال أُمّته وما يصدر منهم، ولكن هناك آيات تشير إلى هذا المعنى بصورة صريحة وواضحة، ولذلك حاولنا أن نفردها في البحث هنا.
فلقد وصفت بعض الآيات الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه شاهد ومبشر، قال تعالى:
( يا أَيُّهَا النَّبيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً... ) .( [9])
فمن الممكن أن يكون المقصود من الشاهد هنا هو الشهادة على أعمال عباده يوم القيامة.
وفي آية أُخرى يقول سبحانه:
( إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ... ) .( [10])
ومع الأخذ بعين الاعتبار انّ الشهادة فرع التحمّل والشهود ـ أي انّ الشهادة تتم بعد علم الشاهد بالواقعة أو الحادثة ـ ندرك أنّ الآية المباركة دليل واضح على سعة وشمولية علم النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) للأعمال الظاهرية والباطنية، للأُمّة الإسلامية.
4. الملائكة
الشاهد الآخر على أعمال العباد وأفعالهم، الملائكة المراقبون لأعمال العباد والذين يستنسخون عملهم ويشهدون عليهم يوم القيامة أمام محكمة العدل الإلهي، فإنّ طائفة من الملائكة مهمتهم جلب المجرمين إلى ساحة المحكمة، وطائفة من الملائكة تشهد على أعمالهم وأفعالهم، قال تعالى:
( وَجاءَتْ كُلُّ نَفْس مَعَها سائِقٌ وَشَهيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَة مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطائَكَ فَبَصَرُكَ الْيَومَ حَديدٌ * وَقالَ قَرينُهُ هذا مالَدَيَّ عَتيدٌ ) .( [11])
يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) :
«سائقٌ يَسُوقُها إلى مَحْشَرِها وَشاهِدٌ يَشْهَدُعَلَيْها بِعَمَلِها».( [12])
وقد وردت الإشارة إلى شهادة الملائكة في آيات أُخرى، منها قوله سبحانه:
( ما يَلْفِظُ مِنْ قَول إِلاّ لَدَيْهِ رَقيبٌ عَتيدٌ ) .( [13])
ويقول سبحانه:
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظينَ * كِراماً كاتِبينَ * يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ) .( [14])
5. الأرض
الشاهد الآخر الذي يشهد على أعمال العباد وتصرفاتهم، الأرض التي يجري عليها العمل الصالح أو الطالح، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه:
( يَوْمَئِذ تُحَدِّثُ أَخْبارَها * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوحى لَها ) .( [15])
لم تشر الآية إلى نوع المخبر عنه وانّ الأرض تخبر عن أيّ شيء؟ ولكن بقرينة كون الآية تتحدث عن بعث الناس يوم القيامة وانّهم سيرون أعمالهم التي اقترفوها يوم القيامة، يتّضح بجلاء أنّ إخبار الأرض يتعلّق بأعمال العباد الصالحة منها أو الطالحة، خيراً أو شراً، ولذلك أردفها مباشرة بالحديث عن ثواب الأعمال وجزائها حيث قال سبحانه:
( يَوْمَئِذ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوا أَعْمالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ ) .( [16])
والجدير بالذكر انّه ليس كلّ نقاط الأرض تشهد على الإنسان، بل الذي يشهد منها هو البقعة التي ارتكب الإنسان العمل عليها خيراً أم شراً، ولقد أكّدت الروايات هذا المعنى.
سأل أبو كهمس أبا عبد اللّه(عليه السلام) فقال: يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ قال(عليه السلام): «لا، بل هاهنا وهاهنا، فإنّها تشهد له يوم القيامة».( [17]) ولقد وردت في المصادر الحديثية روايات كثيرة في خصوص شهادة الأرض على أعمال الإنسان في يوم القيامة، وقد جاءت هذه الروايات في الأبواب المتعلّقة بالصلاة الواجبة والمستحبة،والحجّ، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و...، ولكثرتها يحتاج بحثها ودراستها إلى بحث مستقل وشامل خارج عن حدود البحث هنا، ولقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: «أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأنّه بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا».( [18])
ولقد أزاحت الآيات والروايات الستار عن وجه الحقيقة وأشارت إلى تلك المعارف الدقيقة في وقت كان يغط العالم فيه بسبات ويعيش الجهل المطبق وانعدام الفكر والمعرفة،وهذا شاهد صدق على أحقّية المعارف الإسلامية وانّها تنبع من عين صافية وتنزل من لدن عليم حكيم.
ولقد أشار الحكيم الرومي إلى هذه الحقيقة بأبيات رائعة استوصى مضامينها من آيات الذكرر الحكيم والروايات الشريفة.( [19]):
6. الزمان
إذا كانت الأرض وبشهادة الآيات القرآنية تشهد يوم القيامة بما جرى عليها من عمل وما اقترف من أفعال، كذلك الزمان ليله ونهاره يشهدان على الإنسان بما اقترف من أعمال.
روى الكليني عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال:«إنّ النهار إذا جاء قال يابن آدم : اعمل في يومك هذا خيراً أشهد لك به عند ربّك يوم القيامة، فإنّي لم آتك فيما مضى ولا آتك فيما بقي، وإذا جاء الليل قال مثل ذلك».( [20])
كما روى عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) عن أبيه(عليه السلام) قال: «الليل إذا أقبل نادى مناد بصوت يسمعه الخلائق إلاّ الثقلين: يابن آدم إنّي على ما فيّ شهيد فخذ منّي ، فإنّي لو طلعت الشمس لم تزدد فيّ حسنة ولم تستعتب فيّ من سيئة، وكذلك يقول النهار إذا أدبر الليل».( [21])
7. القرآن
دلّت بعض الروايات على أنّ القرآن الكريم يظهر يوم القيامة بصورة إنسان ليشهد على الأُمّة وعلى طريقة تعاملهم معه، ويشكي إلى اللّه سبحانه وتعالى هجرهم له، وفي نفس الوقت يشهد بحق من حفظوه وصانوه واعتنوا به.
فقد روى سعد الخفاف، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال: «...إنّه سبحانه يخاطب القرآن الكريم ويقول: يا حجّتي في الأرض... كيف رأيت عبادي؟ فيقول: منهم من صانني وحافظ عليَّ ولم يضيع شيئاً، ومنهم من ضيّعني واستخف بحقّي وكذب وأنا حجّتك على جميع خلقك،فيقول اللّه تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لأُثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ولأُعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب».( [22])
8. صحيفة الأعمال
من الشهود الذين يشهدون على الإنسان يوم القيامة صحيفة أعماله التي تحتوي على جميع أعماله الحسنة والسيّئة الخيّرة والشريرة.
ولقد أكّد القرآن الكريم وفي آيات كثيرة وجود هذه الصحيفة حيث قال سبحانه:
( ...قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ ) .( [23])
وقال تعالى في آية أُخرى:
( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْويهُمْ بَلى وَرُسُلنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) .( [24])
فهاتان الآيتان صريحتان في أنّ الملائكة يكتبون كلّ ما يصدر من الإنسان ويحصون عليه جميع حركاته وسكناته الظاهرة والخفيّة إلاّ أنّهما لم تتعرضا إلى مسألة الشهادة يوم القيامة، ولكن من الواضح أنّ الكتابة لابدّ أن تكون نابعة من غرض وهدف، وإلاّ لأصبح هذا التدوين وهذه الكتابة لغواً، وما هذا الغرض إلاّ لأجل الاحتجاج على الإنسان يوم القيامة فتكون الكتابة مقدّمة للاحتجاج، ولذلك نرى القرآن الكريم يصرّح في آية أُخرى:
( وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقينَ مِمّا فيهِ... ) .( [25])
وفي آية أُخرى:
( ...وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذ يَخْسَرُالْمُبْطِلُونَ * وَتَرى كُلَّ أُمَّة جاثِيَةً كُلُّ أُمَّة تُدْعى إِلى كِتابِها... * هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ... ) .( [26])
والعجيب هنا أنّ هذه الصحيفة بنحو من الدقّة في تدوين وتسجيل الأعمال: دقيقها وجليلها، بل والأُمور الخفية جـداً حتّـى أنّ المجرمين يتعجّبون من هذه الدقّة، ولقد حكى لنا القرآن الكريم حالهم يوم القيامة بقوله سبحانه:
( ...ما لِ هذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرةً وَلاكَبيرةً إِلاّ أَحْصاها... ) .( [27])
وفي آية أُخرى يصرّح القرآن الكريم أنّ كلّ إنسان تعلّق صحيفة عمله في عنقه:
( وَكُلَّ إِنْسان أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقيهُ مَنْشُوراً ) .( [28])
إلى هنا تمّ البحث عن الشهود الذين هم من خارج نفس الإنسان، وحان الوقت للحديث عن الشهود من داخل الإنسان.
الشهود من داخل الإنسان
إنّ المراد من هذا الصنف من الشهود هو أعضاء بدن الإنسان التي هي جزء من بدنه، أو التي ترتبط بالبدن بنحو من الأنحاء، ومن هذا الصنف:
الف: أعضاء البدن
من الأُمور المحيّرة والعجيبة يوم القيامة أنّ أعضاء الإنسان المجرم تشهد على جرائمها وما تقترفه من أعمال في الحياة الدنيا، بنحو لا تبقي عذراً للمجرم أو للحاضرين والناظرين.
يقول سبحانه:
( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْديهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) .( [29])
وفي آية أُخرى يؤكّد القرآن الكريم أنّ لسان الإنسان يختم عليه، ويفسح المجال للأعضاء الأُخرى لتدلي بشهادتها يوم القيامة، قال تعالى:
( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .( [30])
ب: شهادة الجلود
فإذا كانت الطائفة الأُولى من الآيات أشارت إلى شهادة أعضاء بدن الإنسان، فإنّ هناك طائفة أُخرى من الآيات تشير إلى أنّ من بين الشهود يوم القيامة جلد الإنسان نفسه يشهد على عمل الإنسان حيث قال تعالى:
( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللّهِ إِلَى النّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حتّى إِذا ما جآءُوُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ * وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) .( [31])
ففي هذه الآية شهادة على أنّ الجلود تشهد على الإنسان وأعماله بصورة مطلقة، فهي تشمل كلّ ما يصدر من الإنسان من عمل، سواء صدر هذا العمل من خلال يد الإنسان أو رجله أو ...، ولكن ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المراد من «الجلود» هو الكناية عن «الفروج»وليس مطلق الجلود، وإنّما كنّى القرآن الكريم عن ذلك بالجلود مراعاة للأدب والخلق والتنزّه في الكلام.
ولكنّ هذا التفسير لا يقوم على أساس محكم، أضف إلى ذلك أنّ كلمة «الفروج» قد وردت في القرآن الكريم حينما جاء الحديث عن مدح المؤمنين والثناء عليهم، حيث قال تعالى:
( وَالَّذينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ حافِظُونَ ) .( [32])
بقي هنا سؤال وهو أنّ المذنبين يعترضون على خصوص شهادة الجلود ولا يعترضون على شهادة سائر الأعضاء والجوارح فما هو وجهه؟
والجواب: انّ الجلود تشهد على ما يصدر عنها بالمباشرة، بخلاف السمع والبصر فإنّها كسائر الشهود تشهد بما ارتكبه غيرها.( [33])
إلى هنا اتّضح الكلام عن أصناف الشهود التي تشهد على الإنسان يوم القيامة.( [34])
--------------------------
[1] . غافر: 51.
[2] . هود: 18.
[3] . آل عمران: 98.
[4] . الحج: 17.
[5] . يونس: 46.
[6] . النساء: 41.
[7] . انظر: النحل:84و 89، القصص: 75.
[8] . النساء: 159.
[9] . الأحزاب:45، الفتح: 8.
[10] . المزمل: 15.
[11] . ق:21ـ 22.
[12] . نهج البلاغة: الخطبة 85.
[13] . ق: 18.
[14] . الانفطار:10ـ 12.
[15] . الزلزلة:4ـ 5.
[16] . الزلزلة:6ـ 8.
[17] . بحار الأنوار:7/318، باب16، الحديث15، وجاء في الحديث رقم 11: « والبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه » .
[18] . مجمع البيان:9ـ10/798، تفسير سورة الزلزلة.
[19] . مثنوي: الدفتر الثالث باللغة الفارسيّة.
[20] . بحار الأنوار:7/325، الباب16 من كتاب العدل والمعاد، الحديث22و 21.
[21] . بحار الأنوار:7/325، الباب16 من كتاب العدل والمعاد، الحديث22و 21.
[22] . بحار الأنوار:7/319ـ 320، الباب16 من كتاب العدل والمعاد، الحديث 16.
[23] . يونس: 20.
[24] . الزخرف: 80.
[25] . الكهف: 49.
[26] . الجاثية:27ـ 29.
[27] . الكهف: 49.
[28] . الإسراء: 13.
[29] . النور: 24.
[30] . يس: 65.
[31] . فصلت:19ـ 21.
[32] . المؤمنون: 5.
[33] . انظر تفسير الميزان:17/ 378.
[34] . منشور جاويد:9/328ـ 342.
موقع الشيخ جعفر السبحاني