استمرار الاحتجاجات في السودان ... تسقط بس!

الأربعاء 20 مارس 2019 - 08:59 بتوقيت غرينتش
استمرار الاحتجاجات في السودان ... تسقط بس!

مقالات - الكوثر: الشعار الذي صاغته الجماهير السودانية الثائرة في الشوارع، تعبيرا منهم عن إرادة التغيير وتحديدا لاهدافهم المنشودة بدقة ، فكلمة "بس" باللهجة السودانية تعني ،فقط ،وهي دلالة قاطعة على انه لاتوجد خيارات لنظام الرئيس عمر البشير غير الرحيل.

هذا الشعار اعتبره البعض اقصائي فيما رآه اخرون اختزال لكل مكونات الشعب السوداني باختلافاتها العرقية والاثنية والسياسية في القوى الموقعة على اعلان الحرية والتغيير اي تجمع المهنيين السودانيين وبقية الاحزاب المعارضة الاخرى

الشعار اثار حفيظة بعض الاسلاميين السودانيين في الفترة الاخيرة وانبرى الكثير منهم لتفسير مضامينه واجمع اغلبهم على ان هدف مطلقو هذا الشعار اقصاء مكون اساسي في خارطة السياسة السودانية له قواعده وانصاره ولايمكن تجاوزه باي حال من الاحوال " اي الاسلاميين"

لايمكن لاي باحث في الشأن السوداني ان يغفل او يتغافل عن الدور الكبير الذي لعبة التيار الاسلامي على مر عقود والتضحيات الجسام التي قدمها لاسيما ان السمة الغالبة على معظم افراد الشعب السوداني هي التدين.

شباب الاسلاميين كان لهم دور كبير في هذا الحراك الذي انتظم الشارع السوداني منذ انطلاق شرارته الاولى في ديسمبر كانون الثاني من العام المنصرم وشاركوا بشكل فاعل وملحوظ في كل الفعاليات الجماهيرية كغيرهم من الشباب ، وهنا تجدر الاشارة الى ان الاسلاميين في السودان يعانون حالة انقسام كبير منذ مفاصلة رمضان الشهيرة بين الراحل الدكتور حسن الترابي والرئيس البشير حيث تأسس على اثرها حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي والمؤتمر الوطني بقيادة البشير ، ثم ما لبثت ان ظهرت في الساحة اسماء اخرى كالسائحون بقيادة دكتور غازي صلاح الدين . هذا بالاضافة الى جماعة الاخوان المسلمين التي لم تكن منذ البداية على توافق مع حزب الترابي ، اضف الى ذلك الجماعات السلفية وهي بنفسها انقسمت ازاء الحراك الدائر في البلاد فمنهم من وقف الى جانب الشارع ومنهم من ناصر الحكومة ولكل منطلقاته ومنافعه

بالرجوع الي شعار المرحلة " تسقط بس " حاول تجمع المهنيين السودانيين توضيح معالمه وإزالة اللبس واللقط الذي دار حوله حيث اشار الناطق باسم التجمع صلاح شعيب خلال حوار صحفي اجري معه الى ان " أي شعار سياسي يختزل معان فكرية وسياسية، ومن الخطل الكبير الحكم على هذا الشعار بانه فارغ من المعنى او عدمي او إقصائي، وتسآل من يقصي من؟ ومن هم الذين يقصون الناس أصلا وما زالوا؟ واشار الى القول بإن التجمع يحمل شعار عدميا او إقصائيا يعبر عن خفة سياسية.مؤكدا ان التجمع له أدبيات ومواثيق وبخلاف توافقه مع قوى إعلان الحرية والتغيير حول مستقبل البلاد فإن قادته ومؤيدي حراكه خبراء في شؤون الحكم الرشيد وهم مفكرون في كل مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة ويدركون معنى الثورة. ولماذا لا يرى نقاد التجمع لو كانوا حادبين ، الشعارات الأخرى الكثيفة ومن بينها (حرية ..سلام ..وعدالة)؟..مؤكدا ان ما يؤسس لتغيير يستند على الديموقراطية والتداول السلمي هو ايماننا ودعمنا لكل خطوة لإنهاء الاستبداد وهذا هو الموضوع الجوهري. إذن فليرم كل رام سياسي رميته أولا لخلق واقع ديموقراطي أفضل وهذ هي اولوية الحاضر السوداني".

الدكتور عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني وهو من الاحزاب التي تأسست في الفترة الاخيرة وتحظى بدعم كبير من الشباب السوداني ، الدقير وبعد خروجه من المعتقل اجرت احدى الصحف السودانية حوارا مطولا معه وسألته عن الشعار موضوع مقالنا فاجاب بان شعار " تسقط بس" شعار صاغته الجماهير الثائرة في الشوارع، وهو شعار يُعبِّر عن إرادة التغيير ، كلمة "بس" تعني ألّا خيار غير رحيل النظام، ولكنها أيضاً تتضمن إرادة إعادة البناء على أسسٍ جديدة وسليمة ، كما أن مفهوم التغيير أشمل من المطالبة بإسقاط النظام وإزاحة تشكيلة جهازه السياسي والإداري من سدة الحكم ،الشيء المطلوب إسقاطه - مع النظام - هو المفاهيم وأنماط التفكير والسياقات التي أفرزت النظام بشخوصه وسياساته ومكّنتهم من إفساد الواقع، لأن النظام وشخوصه وسياساته يمكن أن يُعاد إنتاجهم إذا لم تسقط معهم جملة المفاهيم والسياقات التي أفرزتهم.

الراهن السوداني يشير الى ان الحراك استنزف كافة الاطراف وان المعركة اصبحت معركة عض للاصابع والايام القادمة لاشك بانها ستكون حبلى بكثير من المفاجأت .

اسامة الشيخ