اللعن في أصل اللغة دعاءٌ بالطرد من رحمة الله تعالى، وأما السبُّ فهو بمعنى الشتم والتعيير، ويدخل تحت هذا العنوان كلُ ما أوجب الإهانة أو الهتك من توصيفٍ يقتضي التحقير أو قذفٍ أو غير ذلك من موجبات الإهانة والهتك.
واللعن قد يكون من السبِّ والشتيمة كما لو كان بغير موجبٍ شرعي، ولم يُفهم منه الدعاء عُرفًا، وإنما فُهِمَ منه التوهين والازدراء أو التُهمة باستحقاق اللعن وارتكاب ما يُوجب اللعن.
وأما حكم اللعن فإن لم يكن داخلاً تحت عنوان السبّ فلا بأس به في نفسه ما لم يتعنْوَن بعنوانٍ آخر يقتضي التحريم. هذا لو كان المواجَه باللعن هو غير المؤمن وإلا فهو محرَّم مطلقاً، لأنَّه إما أن يكون لعنًا بمعنى الدعاء بالطرد، وإما أن يكون من السبِّ والشتيمة وكلاهما محرم, فالدعاء على المؤمن حرام وسبُّه أيضاً حرام. وبذلك يتضح حكم السب للمؤمن.
هذا وقد وردت روايات عديدة تنهى عن اللعن بغير موجب وعن سبِّ المؤمن:
منها: ما رُويَ عن أبي عبدالله (ع) عن أبيه الباقر(ع) قال: "اللعنةُ إذا خرجت من صاحبها تردَّدت بينه وبين الذي يُلعن فإن وجدت مساغًا وإلا عادت إلى صاحبها وكان أحقَّ بها, فاحذروا أن تلعنوا مؤمناً فيحلُّ بكم"(1).
ومنها: ما رُويَ عن الرسول (ص) قال: "سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر, وأكل لحمه معصية, وحرمةُ ماله كحرمة دمه"(2).
ومنها: ما رُويَ عن أبي جعفر (ع) قال: "ما من إنسانٍ يطعن في عين مؤمن إلا مات بشرِّ مِيتة وكان قمِناً أن لا يرجع إلى خير"(3).
ومعنى قوله (ع) "وكان قَمِناً بأن لا يرجع إلى خير" كان جديرًا بأن لا يرجع إلى خير.
ومنها: ما رُويَ عن أبي جعفر (ع) في قوله: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾(4) قال (ع): "قولوا للناس ما تُحبون أن يُقال لكم فإنَّ الله يبغض اللعَّان السبَّاب الطعَّان على المؤمنين المتفحِّش السائل المُلحف ويحبُّ الحيي الحليم العفيف المتعفِّف"(5).
الشيخ محمد صنقور
--------------------------
1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 69 ص 208.
2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 12 ص 281-282.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 12 ص 299.
4- سورة البقرة آية رقم 83.
5- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 75 ص 181.
المصدر: مركز الهدى للدراسات الاسلامية