منذ موت عبد الله واعتلاء ابن سلمان رئاسة المنظمة الوهابية بدا واضحا للعيان أن المنظمة الشريرة تعاني من الاحتضار غير المبكر بينما هي تعيش وهم البقاء الأبدي.
لو كان ضمن الفاعلين في المنظمة من يمتلك شيئا من الحكمة لقام برصد حالة الشيخوخة المتقدمة التي تعاني منها ومعها المنظمة الصهيونية التوأم وأدرك على الفور أن زمن التوسع والتمدد وفرض مزيد من الهيمنة قد ولى وأن حتمية التاريخ توجب عليهم اتباع سياسات تراجعية تبقي ما لديهم من أرصدة القوة والثروة وتقبل بالتعايش مع القوى المنافسة بدلا من الانقضاض عليها ومحاولة ابتلاعها.
لم تنشأ قناعتنا هذه من مجرد ملاحظات وإحصاءات مثلما يفعل بعض المحللين الذين يقارنون عدد الدبابات والطائرات بين دولة وأخرى ثم يخلصون إلى نتيجة مفادها أن هذه الدولة ستنتصر على تلك وهي نظرة ليست فقط سطحية بل مخالفة لتجارب التاريخ القديم والمعاصر التي شهدت هزائم كبرى لقوى كبرى بالمخالفة لتلك الاستنتاجات الأولية.
أيضا فالوهابية حركة شيطانية جمعت بين أفكار الخوارج التكفيرية ونزعة الأمويين السلطوية وأساليبهم القمعية فضلا عن تحالفها العميق مع الصهيونية وفلول الصليبية المعادية حتى النخاع لكل ما هو إسلامي وإنساني وبالتالي ففناؤها من المحتوم حسب الوعد الإلهي (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) الأنبياء (18).
لو لم يكن للحق أهل وأنصار لما كان لنا أن نترقب انتصارا محتوما ولو كان الحق وأهله في موقع القدرة والاستعداد عندما استولى هؤلاء الضباع على أقدس مقدسات الأمة الإسلامية لما تمكنوا من فعل ما فعلوه ثم البقاء حيث هم أكثر من تسعين عاما.
المهم أن ابن سلمان جاء وعبر سياساته الحمقاء والمتهورة ليكملحكم القدر النافذ (وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
لو لم تواجه المنظمة الإرهابية الوهابية (أم المنظمات) على وزن (أم الجماعات) إلا واحدة من تلك الهزائم في سوريا والعراق والآن في اليمن لكفتها ولكن القدرة الإلهية أبت إلا أن تساند المظلومين المستضعفين وأن تعجل نصرهم فكانت واقعة خاشقجي القشة التي قصمت ظهر بعير المستكبرين.
كلنا يعلم القدرات المتواضعة لإعلام المقاومة التي لا تقارن بكم الهيمنة الاستكبارية على الفضاء الإعلامي الكوني حيث لم يكتفوا بهذا بل توسعوا في سياسات الحجب والتعتيم، لتأتي واقعة خاشقجي لتقلب الموازين ويجد ابن سلمان نفسه في مأزق لا يستطيع الفكاك منه وتنهال قرارات الإدانة على رأسه ورأس منظمته الإرهابية.
وبينما انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح الذباب الالكتروني أراد الله أن يذل هؤلاء الجبابرة بذبابة خاشقجي وهم الذين كانوا يرون أنفسهم ديناصورات ووحوش كاسرة ليثبت لهم أنه العلي الأعلى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج (73).
على كل المخلصين الواعين أن يتهيأوا ويهيئوا الأرض لمرحلة ما بعد الوهابية وهي مرحلة جديدة ولا يمكن إطلاقا أن تكون مجرد عودة إلى ما قبلها.
دكتور أحمد راسم النفيس