وليست المساعدة مقتصرة على النّاحية المادّيّة فقط، وإن كانت هي الّتي تتصدَّر المساعدات وتبرز أكثر من سواها، إلّا أنَّ المساعدة قد تتشعَّب وتتنوَّع وتشمل كلّ حاجة من حاجات الإنسان، سواء كانت مادّيّة أو اجتماعيّة أو علميّة أو في أيّ سياق إنسانيّ آخر.
وقد حثَّ الإسلام على مساعدة الآخرين، واعتبر ذلك جزءًا من أخلاقيَّات المؤمن وسلوكه في المجتمع، وتكريسًا لإنسانيَّته في تعامله مع الآخرين، وجعل له الثَّواب الكبير على كلّ خطوة يخطوها في قضاء حاجة أخيه، وقد ورد في بعض الآيات القرآنيّة: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}... وجاء في حديث الرّسول(ص): "من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدّنيا، نفّسَ اللهُ عنه كُرب الآخرة، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد..." ، وقال(ص): "من كان في حاجةِ أخيه، كان اللهُ في حاجتِه" .
وقال الإمام الصّادق(ع): "قال الله عزّ وجلّ: الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم".
ويقول الإمام الكاظم(ع) في هذا السِّياق: "عونك للضّعيف صدقة".
والصَّدقة هنا لا تقتصر على بعدها المادّيّ، وإلّا كان استخدم مفردة الفقير، إلّا أنّها تتَّسع لتتخطَّى النّاحية الماديّة إلى النّواحي الأخرى، الاجتماعيّة والنّفسيّة والعلميّة، وغيرها من الجوانب.
أمّا الضّعيف، فهو الّذي يكون في جانب معيَّن بحاجة إلى المساعدة، ولا يستطيع وحده أن يتخطَّى مشكلته أو أزمته، ليكون العون الّذي يمتدّ إليه من أخيه الإنسان انتشالاً له من ضعفه ومشاكله.
وعلى كلّ منّا أن يدرك، أنّه عندما يساعد الضَّعيف ويقف معه ويسنده، فإنّما سيأتي من يسنده هو أيضاً عندما يكون في حالة ضعف وبحاجة إلى مساعدة، لأنّ تعزيزنا للحسّ الإنسانيّ في المجتمع، سيرتدّ على جميع أفراده خيراً.
فما أجمل أن نكون من المحسنين، وأن نمدّ أيدينا إلى إخواننا بالخير دومًا، وأن نجعل من مجتمعاتنا مجتمعات قائمة على التَّكافل والتّعاون، لنشعر بإنسانيّتنا من جهة، ولنحصل على رضا الله من جهة أخرى!