أين مكان وجود الجنّ؟!

الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 06:44 بتوقيت غرينتش
 أين مكان وجود الجنّ؟!

أفكار ورؤى – الكوثر: يتناقل الناس الأحاديث والأخبار عن الجنّ، حيث يتفاعلون مع ذكر اسمه، ويبنون الكثير من التفسيرات والتأويلات لما يحصل معهم...

 

محمد عبدالله فضل الله

خلق الله تعالى معشر الجنّ وهم على خصوصيات مختلفة عن الإنس {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ* وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ}[الرّحمن: 14- 15].

 

ويتناقل الناس الأحاديث والأخبار عن هذا المخلوق، حيث يتفاعلون مع ذكر اسمه، ويبنون الكثير من التفسيرات والتأويلات لما يحصل معهم، من سماع صوت غريب، أو توهّم شيء مخيف على أساس وجود الجنّ وتدخّله فيهم...

 

ومن جملة ما يجري التساؤل عنه، مكان وجود الجنّ، كونهم مخلوقين مثلنا. وورد كثير من الأخبار حول ذلك، ومنها وجودهم في الكهوف وبطون الأودية وفي الأسواق وفي الحمامات وأماكن النجاسات والُخرب، فقد ورد عند أهل السنة والجماعة أخبار عن سلمان، قال: "لا تكوننّ، إن استطعت، أوّل من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته". [صحيح مسلم].

 

وجاء في مرويات أخرى، أنَّ أكثر خروج الجنّ من أماكنها في وقت اللّيل عند سكون الأصوات، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (رض)، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ(ص) يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَنَهِيقَ الْحِمَارِ بِالْلَيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ، وأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِِ الْرِّجْلُ، فَإِنَّ اللهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ". [أخرجه أحمد (3/306 ، رقم 14322)].

 

ويجيب العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) عن سؤال حول مكان وجود الجنّ، بقوله: "الجن موجود، وقد يستمر وجوده مادامت الحياة قائمة على هذه الأرض، وأمّا أماكن سكنهم، فإن ذلك قد لا يكون متيسّراً لنا معرفته على وجه التحقيق، وإن قيل إنّ منازلهم في المغاور والأماكن غير المأهولة.. والله العالم، وكلّ ما يتناقله الناس عن إمكانية تسخيرهم او استحضارهم قد لا يكون واقعياً، وإن كان ذلك ممكناً في حدّ ذاته". [استفتاءات عقائد].

 

ونحن نسلّم بوجود هذا المخلوق بنصّ القرآن الكريم، ولكن مكان سكناه لا يعلمه إلا الله تعالى، فلا سبيل لنا كبشر للتحقق من هذه الأمكنة على وجه التحديد والدقّة، أو أن نصل إليهم، لخصوصيات لا يعلم حكمتها إلا الخالق. ولا بدّ لنا من الوقوف عند هكذا أخبار وموضوعات، حتى لا نقع في الخلط والوهم والتّخيّل الذي يربك حياتنا، فعالم الجنّ لا يخضع للحس والتجربة والعيان، إلا ما شاء الله له ذلك، لعلّة وحكمة حصلت مع أنبياء، كسليمان(ع).

 

ويبقى أنّ السؤال عن مكان الجنّ لا ينفع ولا يضرّ في ثمرته العمليّة.