أفكار ورؤى – الكوثر
لا وجه للمقارنة بين نبي الله نوح عليه السلام الذي وصفه رب العزة (إنه كان عبدا شكورا) حيث جعله سببا لنجاة المؤمنين ومن جعله الله بلاء للمستضعفين وسببا لهلاك قومه(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا).
الوجه الوحيد للمقارنة هو إصرار الإبنين على مبارزة الله وتحدي إرادته ووعده، والزعم بأن اللجوء إلى جبل أمريكي صهيوني شاهق سيمكنه من النجاة من أمر الله.
رد ابن نوح على النداء الأخير (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ)، قائلا (سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ).
وكذا ظن ابن سلمان أن اللجوء إلى الصهاينة سينقذه من الوعد الإلهي القادم لا محالة (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).
نتحدث عن وعد الله الذي نثق به أكثر من ثقتنا بما في أيدينا (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
أصبح التوكل على الصهاينة والركون إليهم وإلى حتمية انتصارهم التي لم تعد حتمية على الإطلاق هي الخيار الوحيد لابن سلمان ولذا خرج ما كان مكتوما من تعاون وتحالف بين الصهاينة والوهابية إلى العلن (فاليهود كما كل شعب، في أي مكان، يملكون الحق بالحياة في دولتهم الخاصة) كما (نفى ولي عهد السعودية وجود أي مشكلة مع اليهود، الذين يوجد بعضهم في بلاده آتين من أوروبا وأميركا، وينفي وجود حواجز عقائدية دينية تحول دون قبول حق إسرائيل في الوجود، وكل ما لديه من اعتبارات دينية هو عبارة عن «قلق» بشأن المسجد الأقصى، لا القدس كاملة).
أما العدو فهو إيران ولا أحد غير إيران (وهو يرى أن المرشد الإيراني علي خامنئي «يجعل هتلر يبدو جيداً». فالأخير أراد السيطرة على أوروبا، أمّا خامنئي فيريد غزو العالم!).
العالم الذي وقع اتفاقا نوويا مع إيران يعرف القيمة الحقيقية لهذا الحكي الفارغ الذي لا يعدو كونه محاولة فاشلة لاستعطاف دوائر الضغط العاملة في خدمة الكيان الصهيوني وأن هذا الكيان وتوأمه الوهابي هو من يشكل خطرا حقيقيا وتهديدا وجوديا لذاته.
تهديد لا يمكن الانتهاء منه إلا بالكف عن تهديد الآخرين ومحاولة إخضاعهم بقوة السلاح وأن الخطر الأكبر الذي يهدد الكيانين هو حروبهما الفاشلة في الإقليم لا فارق بين حرب الوهابية على اليمن أو تلك الحرب التي يريد الصهاينة شنها على حزب الله!!.
يعرف أو يتعين عليه أن يعرف ابن سلمان أن بقاء مملكته مرتبط بمصير حربه على اليمن المظلوم والمنتهك والمحاصر جوعا وعطشا ومرضا وأن كل يوم تستمر فيه هذه الحرب يقرب الطوفان المحتوم.
بوسع ابن سلمان أن يتجنب المصير الذي لقيه ابن نوح لو أنه تحلى بالشجاعة والالتزام الحقيقي بروح الإسلام وقيمه التي تؤكد على أن (المؤمنون إخوة) وأن يتفاوض على نهاية عادلة لهذه الحرب الظالمة وساعتها لن يحتاج لاستجداء اليهود ولا التبرع بمال المسلمين لترامب أملا في الوصول إلى قمة جبل لن تعصمه من أمر الله ولا أجله (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
دكتور أحمد راسم النفيس
03/04/2018مـ
الثلاثاء، 18 رجب، 1439هـ.