الخميني (رض) صنيعة الحوزة القميّة.. في ذكرى ثورته الـ39!!

الأربعاء 7 فبراير 2018 - 06:01 بتوقيت غرينتش
الخميني (رض) صنيعة الحوزة القميّة.. في ذكرى ثورته الـ39!!

خاص الكوثر-الكوثر: مفاخر الحواضرالعلمية في عالمنا الاسلامي وبالتحديد في عالم التشيع كثيرة فالحوزات التي بدأت من المدينة والكوفة. انتهت الى مدارس معروفة في بغداد والحلة.. وبسبب الفتنة والقهر الذي طال علماء أهل بيت (ع) انتقلت الحوزة العلمية الى النجف الأشرف.. يعني الى حاضرة جديدة على مقربة من الكوفة التاريخية (عاصمة الخلافة العلوية والخلافة المهدوية لاحقاً) وواحدة من اقدس البقاع على الأرض، أرض الغري، مدفن هود وصالح وادم ونوح.. وبالطبع أميرالمومنين سيد الأوصياء الأمام علي بن ابي طالب سلام الله عليه.

وهذا الشكل من المؤسسات المعرفية المجاورة لمراقد الأولياء اصبحت منهجية في عالم التشيع، فظهرت بعدها الحوزة السامرائية والكاظمية والمشهدية والقمية والزينبية... فكان لوجود المرقد اثرة الكبير في استمرارية الحوزة والاستفادة المادية والمعنوية من وجودها بجانبه.. لذلك لا نعجب اذا ما خبت او اندثرت او ضعفت حوزات معروفة كأصفهان والحلة وجبل عامل... وغيرها.

وقيمة اي حاضرة علمية لا تنحصر في طول عمرها وعدد العلماء الكبار الذين تخرجوا منها او درّسوا فيها فقط، وان كانت هذه الامور تشكل قيمة علمية بالمعنى الدقيق. لأننا هنا نتحدث عن دين وشريعة تشكل دستوراً في الحياة ومنهجية في التعاطي مع الواقع الاجتماعي والسياسي وحتى الاقتصادي للامة.. بل في مدى تفاعلها مع الواقع الذي أشرنا اليه.. فليس من المفخرة ان تقدم الأمة خيرة شبابها قرابين في طريق الدين واعلاء كلمته، ويصل الأمر ببعض "هوامش" الحواضر الدينية الى التعاون مع السلطة او الاحتلال والاستعمار في قتل المتدينين لأنهم سياسيين، لأنهم سياسيين خرجوا على واقع الخنوع الذي عاشته الأمة فترات طويلة، وقد حصل هذا في واقعنا!!

الثورة الاسلامية في ايران التي هي عصارة الفكر الشيعي المتمرد على الظلم والروح العلوية الثورية الاصيلة، وكانت في الحقيقة نتاجاً لإمتزاج حوزتين في عالمنا الاسلامي ـ من حيث المضمون والمحتوى ـ الحوزة التقليدية التي أسسها المرحوم المرجع الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي (رضوان الله عليه) في عام 1934ميلادي، والمضامين العرفانية والفلسفية التي انتقلت من خلال بعض الرموز وفي مقدمتهم الأمام الخميني من حوزة إصفهان وحواضر تبريز وسبزوار الى الحوزة القميّة ..علماً ان الحوزة في قم كانت ولاتزال يغلب عليها الطابع التقليدي واحيانا المناهض للتحرك الثوري والفكر الفلسفي، وهو ما يمكن قراءته بوضوح أو من بين ما عرف بمنشور "روحانيت" الذي أصدره الأمام الخميني في أواسط ثمانينيات القرن الماضي والذي شن فيه هجوما عاصفا على بعض الاتجاهات المعروفة في الحوزة، لكنها ـ أي الحوزة القمية ـ ومقارنة بالحوزات الاخرى تعتبر متقدمة كثيراّ لأسباب تاريخية واجتماعية ترتبط بشكل العلاقة بين علماء الدين في ايران عامة والقميين منهم خاصة بالشعب والأمة.

ان الذي حرّك الحوزة العلمية التقليدية في قم وجعلها تدخل التاريخ من اوسع ابوابه، هم حملة الفكر العرفاني والفلسفي والمدرسة الصدرائية التي بقيت منبوذة في حواضرعديدة ومنها الحوزة القميّة لفترة طويلة.. هذا الفكر الذي حول الاسفار الاربعة الى سلوك ثوري وحراك جماهيري.. وبالتالي دولة هزت اركان الصهاينة ورعاتهم واذنابهم في العالم.. زلزال كما وصفه بيغن!

اذاً ليس مما يفخر به محاربة الأفكار الفلسفية بما يرجعنا قرونا الى الوراء في السجال المشهور بين الفقهاء والفلاسفة، ولا فخر في إبتعاد الحوزة عن السياسية والنجاة بالنفس وترك الأمة أمام الظلمة والجائرين.. والغريب ان هناك الكثير من المراجع يمارس الولاية المطلقة للفقية، اكثر مما مارسها الامام الخميني والامام الخامنئي، لكنه في الوقت ذاته يتحدث عن عدم ايمانه بولاية الفقيه!!

ان الحوزه القميّة او الشق السياسي والفلسفي للحوزه القميّة قدمت للأمة حلم الانبياء على حدً تعبير المفكر والفيلسوف والقائد السياسي المرجع الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله تعالى عليه) وقدم التشيع الذي كاد ان تصبح مؤسسته الدينية في بعض اوجهها نسخة عن الكهنوت الفاتيكاني.. بل ذهب أحد ابناء المراجع الى قيادة مشروع مدعوم من بريطانيا بهذا الاتجاه!!

وبابتعاد الحوزة العلمية ـ على خلاف سيرة كبار فقهائها وعلمائها الاجلّاء ـ عن آمال الأمة وتطلعاتها وهمومها، والانكفاء على الدرس الذي تقلص وانحصر بالفقه والاصول، ظهرت ارستقراطيات دينية وبيوتات وشأنيات لم يعرفها التشيع العلوي ومذهب سيد الوصيين وأبنائه الطاهرين الذين تتخذ الحوزات العلمية من مراقدهم جواراً لها.

لقد أصبح بقيادة المرجع القمّي (الامام الخميني) للتشيع دولة، بل قوة اقليمية لا تقوى اقوى قوة في العالم على الاعتداء عليها منذ قرابة اربعة عقود.. في حين ان اميركا إجتاحت العراق مرّة ونصف!! نصف خلال عقد ونيف من الزمن!!.. نيف في الـ 1991 وكاملة في 2003 وعلى مرأى وسمع من حوزة النجف الاشرف (واقصد هؤلاء الذين يفتخرون بعدم سياسية الحوزة ويعيبون على غيرها!!).

والحوزة القميّة هي التي حمت مراقد أهل البيت عليهم السلام وحواضر العلم الصادقيّة أمام الهجوم البربري الوهابي، الذي كان يصرّح باخراج زينب سلام الله عليها من الشام.. وأفشل أكبر مشروع أميركي وهابي في سوريا والعراق (داعش)، التي أراد لها الأميركان أن تبقى ثلاثين سنة، أو أكثر!

ان الذين يريدون ان يدقوا إسفيناً بين الحواضرالعلمية الاسلامية (الشيعية) بدعوات مشكوكة وغير واقعية وتحت عناوين مجهولة المصدر والانتماء، ويهاجمون بشتى الاشكال الجمهورية الاسلامية في ايران التي فجر ينبوعها واقام مؤسساتها الفكر الخميني، مرّة من خلال التشكيك بنظامها واخرى بستهداف شخص وفكر مؤسسها وثالثة بالقلق على حوزتها!..انما هم واحدة من حالتين لا ثالث لها: حقد وحسد او غباء، وان كنت ارجح الاول.. فالناجح محسود ومحقود عليه دائماً.. هل وصلت الفكرة؟!

بقلم: علاء الرضايي

 

105-101