فضيلة الشيخ ميثم الفريجي
لا شك ان السفور المقنـَّع (حجاب الموضة) ظاهرة مستوردة غير متأصلة في المجتمع النسوي المحافظ؛ ولعلَّ من أهم مناشئ بروزها :
- الجهل الذي تتميّز به بعض النساء بحقيقة الحجاب الشرعي ولزومه وحكمة تشريعه.
- التأثّر بالموضة والأزياء الحديثة وحب الظهور كالأخريات من بنات جنسها على الرغم انهنّ مخالفات للشريعة والعرف الاجتماعي المحترم.
- الضغط الاجتماعي السلبي العام في أوساط تعيشها بعض النساء فتستسلم له ولو بالتدرّج .
- تأثير الفضائيات التلفزيونية وما تعرضه من مظاهر صاخبة وغير محتشمة وربما تفنّن بعض الفضائيات المحسوبة على الواقع الاسلامي للسفور المقنع من خلال النساء اللواتي يظهرن كمقدمات للبرامج ونشرات الأخبار والمسابقات وغيرها مع عدم الاعتناء بالحجاب الشرعي، ومزيد من المكياج والزينة والتفنّن في الاغراء فيصبحن قدوة سيئة للفتيات فتحصل المتابعة والتقليد حتى تصبح حالة مستحكمة تعيشها الفتاة، بل وتظن أنها على خير من خلال ما ترتديه من الحجاب المشوّه تبعاً لأولئك النسوة في الفضائيات المنسوبة إلى الاسلام، ومع الأسف هذا هو الواقع المعاش .
- تضييع فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هي صمّام أمان المجتمع، وبضياعها تنفتح أبواب المفاسد ويؤذن بوقاع من الله تعالى. ففي كتاب الكافي والتهذيب وعقاب الأعمال بالاسناد عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (إذا أمَّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله).
- غياب التربية الصالحة داخل الاسرة وفقد المثل والأسوة للاقتداء حال كون الأم لا تؤدي دورها التربوي الصحيح، وربما الاب لا يرى مانعاً في الحداثة ومحاكاة الموضة والموديل حتى لو كان ذلك على حساب العفة والطهارة والحجاب. وفي الحقيقة فإن هذه الفتاة تعيش حالة الازدواجية في داخلها وفي سلوكها، فهي من جهة تحاول أن تَبقى في حيِّز المحجَّبات لأسباب مختلفة :
عرف اجتماعي، أو ضغط أسري، أو مقدار ما تعلمه من الشرع هكذا ونحو ذلك .
ومن جهة أخرى هي تحاول أن تحاكي مَنْ حولها من النساء، وبمقدار الموضة والتحديث في صيحات الأزياء .
وبذلك تعيش حالة الازدواجية فتظهر بظاهرة السفور المقنّع لتجمع بين الأمرين كما تتصوّر. والموقف الشرعي تجاه ظاهرة (السفور المقنّع) معلوم وجلي بعد أن اجمع علماء المسلمين على وجوب الحجاب تبعاً للقرآن الكريم والسنة المطهّرة، وان الحجاب معناه الستر التام لجسد المرأة ما خلا قرص الوجه والكفين وبلباس فضفاض غير مجسّم وحاكي لمحاسن الجسد،
وان الحجاب سلوك عفيف يتمثل بالابتعاد عن كل ما يثير الريبة والشهوة في القول والفعل فضلا عمَّا ترتديه المرأة من الملابس التي تظهرها في صف السافرات اكثر من المحجّبات لذلك قلنا انه سفور مقنّع؛ مع وضوح الحكمة المتوخاة من تشريعه، فهو حصن للمرأة من نظرات الرجال الخائنة وسلوكهم المنحرف لذلك قيل ان الحجاب: (كرامة وعزة وآباء) .
فتكون هذه الظاهرة مرفوضة شرعاً، وتحشر صاحبتها في سجل السافرات إن لم تكن أسوء منهن لانتهاكها حرمة ما تحمله من الحجاب وظهورها بشكل يسفّهه في أنظار من حولها، فتدخل حينئذٍ في من سنَّ سنة سيئة فتحمل وزرها ووزر من عمل بها من النساء إلى يوم القيامة، فتحمل تبعتها حال تقليدها من قِبَل الأخريات، بل تتحمّل وزر هذه الظاهرة بجميع امتداداتها الزمانية والمكانية والاستحداثات التي تدخل عليها .
فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه واله ): ( من سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).
ومن هنا: نوجّه كلامنا الى بناتنا واخواتنا بأن يرجعن الى صف الحجاب الاسلامي الصحيح ويتركن ما ابتدعته شياطين الانس لإظهار المرأة مجرّد سلعة رخيصة تقلّبها أنظار وشهوات الرجال، وما ارادها الله تعالى الّا أبية محصنة مكرمة عزيزة طاهرة بحجابها وعفتها وسلوكها، فهنيئا للمحجَّبات الحقيقيات عزة في الدنيا وسعادة في الاخرة ورضوان من الله اكبر. و((لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ )).
المصدر : وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف/ الاجتهاد