ودخل الرئيس دونالد ترمب بقوة على خط أحدث جولة في تصعيد واشنطن تجاه الحزب الله ، عندما غرد قبل يومين بأن بلاده لن تنسى جنودها الـ 241 الذين قتلهم الحزب عام 1983، في إشارة لتفجير مقر المارينز في العاصمة بيروت "حسب ما جاء في حسابه على تويتر" .
تصريح ترمب -عبر حسابه على تويتر- جاء في الذكرى الـ 34 للتفجير، وبعد يوم من تصريح نائبه مايك بينس بأن تفجير بيروت "كان الشرارة الأولى لانطلاق الحرب ضد الإرهاب !" مؤكدا أن واشنطن "ستنقل الحرب لأرض الإرهابيين ووفق شروطنا" حسب ما قال.
هذه التصريحات جاءت في سياق تصعيد أميركي بدأ منذ أشهر ضد المقاومة البنانية، وفي سياق التصعيد مع إيران ، وقد بدأت في ساحات الكونغرس، وانتقلت إلى مجلس الأمن الدولي، فيما لا يعرف أحد إلى أين ستنتهي.
حمية وشكر
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت واشنطن رصد مكافأة مقدارها 12 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقال قياديين في حزب الله لبنان.
والقياديان هما طلال حمية -الذي تتهمه واشنطن بأنه "مدير الذراع التنفيذي الدولي لحزب الله لبنان" وأنه ضالع في عمليات أدت لخطف أميركيين- ورصدت سبعة ملايين دولار لاعتقاله.
والثاني هو فؤاد شكر المسؤول عن العمليات العسكرية الأخيرة في سوريا، وفق ما تدعي واشنطن. وأشارت إلى أنه ضالع في هجوم أدى لمقتل أكثر من مئتين من المارينز في بيروت عام 1983.
وكانت الولايات المتحدة قد فشلت في تعديل تفويض قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في جنوب لبنان، في مسعى للتضييق على المقاومة اللبنانية، وهو الأمر الذي رفضه حلفاؤها الأوروبيون.
ثلاثة تشريعات
وتسعى واشنطن لإقرار ثلاثة تشريعات الهدف منها التضييق على حزب الله وايران و الخط المقاومة الاسلامية في المنطقة .
التشريع الأول يتعلق بالصواريخ البالستية، ويشمل كل الجهات من أشخاص ومؤسسات ودول ساهمت في امتلاك إيران هذه الأسلحة، وكل الأطراف التي تستفيد منها أو من استخدامها، والثاني يتعلق بمطالبة الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله "تنظيما إرهابيا"، والضغط على الأوروبيين لفرض عقوبات على المقاومة اللبنانية.
أما الثالث فيتعلق بفرض عقوبات على الحزب الله لبنان على خلفية مشاركته في الحرب في سوريا.
وتثير التشريعات ذعر المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية التي تتوقع أن تمسها جولة العقوبات الأميركية الجديدة والتي تأتي استكمالا لعقوبات أقرت عام 2015 .
"إسرائيل" والسعودية
"إسرائيل" التي لا تكف عن توجيه الاتهامات لحزب الله لبنان، دخلت على خط التصعيد مع المقاومة اللبنانية الذي تمدد من الوجود على حدودها مع لبنان ليقيم قواعد بالقرب من حدودها مع الجولان المحتل، وفقا لما تنشره وسائل إعلام إسرائيلية بين الفينة والأخرى.
ومؤخرا صعد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من لهجته تجاه حزب الله لبنان، حيث اعتبر نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن احتمالات الحرب مع حزب الله واردة، وذلك في سياق رده على قيام تل أبيب بإسقاط طائرة من دون طيار قالت إن حزب الله سيرها نحو "إسرائيل".
العقوبات الامريكية ضد الحزب المليشياوي الارهابي في لبنان جيدة ولكن الحل بتحالف دولي صارم لمواجهته ومن يعمل معه لتحقيق الامن والسلام الاقليمي حسب ماقال .
السعودية -التي تعيش على وقع توتر متصاعد في علاقاتها بإيران، وتعلن بين الحينة والأخرى مواقف متشددة من حزب الله لبنان و المقاومة الاسلامية في المنطقة - لم تكتف على لسان وزيرها لشؤون الخليج (الفارسي) ثامر السبهان بالترحيب بـ العقوبات الأميركية على إيران مطلع الشهر الجاري، بل ذهب للدعوة لتحالف دولي لمواجهة الحزب الله لبنان والمقاومة الاسلامية في المنطقة .
ورد أمين عام حزب الله لبنان سماحة السيد حسن نصر الله على دعوة السبهان باعتبار أنها "اعتراف ضمني بقوة الحزب الله كقوة إقليمية في المنطقة " تحتاج لتحالف دولي لمواجهتها، وأن العقوبات الأميركية ليست حلا معتبرا أن حزب الله أكبر من أن يواجهه السبهان وسادته بتحالف .
احتمالات الحرب
"إسرائيليا"، تبدو احتمالات الحرب مستبعدة، فتل أبيب تكتفي منذ فترة بتوجيه ضربات لحزب الله لبنان في سوريا، إما عبر ضرب قوافله قرب الحدود اللبنانية، أو استهداف قيادات وعناصر لحزب الله لبنان كما حدث أكثر من مرة.
ويرصد تحليل -نشره معهد واشنطن عن احتمالات هذه الحرب- أن تل أبيب تدرك أن حربا أخرى ستكون مكلفة جدا لها. ويشير إلى ترسانة حزب الله التي ارتفعت من ٣٣ ألف صاروخ وقذيفة قبل عام ٢٠٠٦ إلى ١٥٠ ألفا تقريبا في الوقت الحاضر، وهذه الأسلحة أكثر تقدما اليوم وقد تسبب أضرارا جسيمة "لإسرائيل".
وفي نفس السياق، يؤكد المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير أن المعطيات على الأرض لا تؤشر لأي مواجهة محتملة مع "إسرائيل".
وقال قصير -في تحليل لمعهد كارنيغي- إن "إسرائيل" تريد من الحرب أن تحقق لها أهدافها دون وقوع أضرار على الداخل، وهو ما يبدو صعبا في ضوء تطوير حزب الله لقدراته القتالية والصاروخية بشكل غير مسبوق، خاصة أن الحرب السورية حولته إلى "قوة إقليمية يتجاوز حدود لبنان، وبات اليوم أقرب للجيش منه إلى مجرد قوات محلية".
وبينما يرى مراقبون أن الحرب مستبعدة ضمن المعطيات الحالية، فإن احتمالات اندلاعها قد تأتي في سياق المواجهة الأميركية الإيرانية غير المباشرة باستهداف الذراع المقاومة بالمنطقة، أو في سياق رد "إسرائيلي" قد يشمل مؤسسات الدولتين السورية واللبنانية، عوضا عن احتمالات أن تندلع المواجهة تبعا لحسابات داخلية لدى "إسرائيل" حيث كان سياسيون الصهاينة يهربون دائما من أزماتهم عبر شن الحروب على غزة وجنوب لبنان بالذات.
المصدر : الجزيرة
25 -104