زوجة علي بن مظاهر، امرأة مؤمنة، موالية لأهل البيت(عليهم السلام)، حضرت واقعة الطف مع زوجها، وأبت أن تترك عيال الحسين(عليه السلام) وحدهم، بل واستهم بكلّ ما جرى عليهم، ولها محاورة لطيفة مع زوجها تدلّ عليّ عمق إيمانها وحبّها للإمام الحسين(عليه السلام).
ففي ليلة عاشوراء، وحينما جمع الحسين(عليه السلام) أصحابه ليستعلم حالهم، وبعد أن تكلّموا ما تكلّموا، وخطب هو(عليه السلام) فيهم، وكان ممّا قال: (ومن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد".
فقام علي بن مظاهر وقال: لماذا يا سيّدي؟
فقال(عليه السلام): "إنّ نسائي تُسبى بعد قتلي، وأخاف على نسائكم من السبي".
فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته، فقامت زوجته اجلالاً له، فاستقبلته وتبسّمت في وجهه، فقال لها: دعيني والتبّسم.
فقالت: يا ابن مظاهر انّي سمعتُ غريب فاطمة خطب فيكم، وسمعتُ في آخرها همهمة ودمدمة فما علمت ما يقول.
قال: يا هذه إنّ الحسين(عليه السلام) قال لنا: "ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمّها؛ لأنّي غداً اُقتل ونسائي تُسبى" .
فقالت: وما أنت صانع؟
قال: قومي حتى الحقك ببني عمّك بني أسد .
فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة وقالت: والله ما أنصفتني يا ابن مظاهر، أيسرّك أن تُسبى بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنا آمنة من السبي .
أيسرّك أن تُسلب زينب(عليها السلام) ازارها من رأسها وأنا أستتر بازاري.
أيسرّك أن تذهب من بنات الزهراء(عليها السلام) أقراطها وأنا أتزيّن بقرطي.
أيسرّك أن يبيّض وجهك عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) ويسوّد وجهي عند فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء .
فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين(عليه السلام) وهو يبكي، فقال له الحسين(عليه السلام): "ما يبكيك؟"
فقال : يا سيّدي أبت الأسديّة إلاّ مواساتكم .
فبكى الحسين(عليه السلام)، وقال: "جُزيتم منا خيراً"(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ معالي السبطين 1 : 340