أمية بن سعد الطائي..الشهادة في سبيل الحق

الأربعاء 27 سبتمبر 2017 - 14:39 بتوقيت غرينتش
أمية بن سعد الطائي..الشهادة في سبيل الحق

أنصار الحسين-الكوثر

أُهْبة النَّفْس
لمّا أصبح الإمام الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء، وصلّى بأصحابه صلاة الصبح.. قام خطيباً فيهم، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الله تعالى أذِنَ في قَتْلِكم وقَتلي في هذا اليوم، فعليكم بالصبر والقتال.
ثمّ صَفَّهم للحرب، وكانوا اثنَينِ وثمانين فارساً وراجلاً.. وأقبل عمر بن سعد نحو الحسين عليه السّلام في ثلاثين ألفاً.. ولمّا نظر سيّد الشهداء صلوات الله عليه إلى كثرة أعدائه، وإلى جمعهم كأنّه السيل.. رفع يديه بالدعاء قائلاً:
اَللهمّ أنت ثقتي في كلِّ كَرْب، ورجائي في كلِّ شدّة، وأنت لي في كُلِّ أمرٍ نَزَل بي ثقةٌ وعُدّة، كم مِن هَمٍّ يَضْعُفُ فيه الفؤادُ وتَقِلُّ فيه الحِيلةُ، ويَخذُلُ فيه الصَّديقُ ويَشمَتُ فيه العدوّ، أنزَلْتُه بك، وشكوتُه إليك؛ رغبةً منّي إليك عمّن سواك، فكشَفتَه وفَرَّجْتَه، فأنت وليُّ كلِّ نعمة، ومُنتهى كلِّ رغبة (1).

الطحنة الأولى
بعد أن رمى عمر بن سعد يومَ عاشوراء سهمَه المشؤوم ورمى عسكرُه على أثره، كان للإمام الحسين عليه السّلام من أصحابه خمسون شهيداً (2)، وجُرح كثيرٌ من أصحاب أبي عبدالله الحسين عليه السّلام بعد تلك الرشقة الهائلة التي سدّدها المئات بل الآلاف مِن لؤماء عسكر عمر بن سعد، فنادى سيّدُ شبابِ أهلِ الجنّة عليه الصلاة والسلام بأصحابه: قوموا ـ رحمكمُ الله ـ إلى الموت الذي لابدّ منه، فإنّ هذه السِّهامَ رُسُلُ القوم إليكم (3). فقاموا، وقام فيهم أميّة بن سعدٍ الطائيّ.
ولمّا رأى شِمرُ بن ذي الجوشن ذلك الموقف، صاح بأصحابه: احملوا عليهم حملةَ رجلٍ واحد، وأفْنُوهم عن آخِرِهم!
قال الراوي: فتَفَرّق عسكرُ ابن سعد يميناً وشمالاً.. وجعلوا يرشقونهم بالنَّبل والسِّهام، ونهض أصحابُ الإمام الحسين عليه السّلام بعد ذلك فحملوا حملةً واحدة، واقتتلوا ساعةً من النهار، فكان فيهم عِدّةٌ أخرى من الشهداء، منهم: أُميّةُ بنُ سعدٍ الطائيّ رضوان الله عليه.

مَن ذا أُميّة بن سعد ؟
ذكر أصحاب السِّيَر ومترجمو الرجال أنّ هذا الرجل كان مِن أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، وكان تابعيّاً، نزل في الكوفة.. فلمّا سمع بقدوم الإمام الحسين عليه السّلام إلى كربلاء، خرج إليه إيّامَ المُهادَنة ( أي: ربّما أيّام التقاء الإمام الحسين عليه السّلام بجيش الحرّ بن يزيد الرياحيّ إلى يوم عاشوراء )، فلمّا أصبح يومُ عاشوراء كان أُميّةُ بن سعد الطائيّ أحدَ الشهداء بين يَدَي سيّد شباب أهل الجنّة أبي عبدالله الحسين صَلَواتُ الله عليه.
قال ( المحلّيّ ) (4) صاحب كتاب ( الحدائق الوردية ) (5): قُتِل أُميّة بن سعدٍ الطائيّ في أوّل الحرب ـ يعني في الحملة الأُولى (6).
فسلامٌ عليه من الله تبارك وتعالى، وسلامٌ عليه من الإمام جعفر الصادق عليه السّلام حيث يقول في زيارته لشهداء كربلاء يخاطبهم:
« السلامُ عليكُم يا أولياءَ اللهِ وأحبّاءه، السلامُ عليكم يا أصفياءَ اللهِ وأودّاءه، السلامُ عليكم يا أنصارَ دِينِ الله، السلامُ عليكم يا أنصارَ رسولِ الله، السلامُ عليكم يا أنصارَ أميرِ المؤمنين، السلامُ عليكم يا أنصارَ فاطمةَ سيّدةِ نساءِ العالمين، السلامُ عليكم يا أنصارَ أبي محمّدٍ الحسنِ بنِ عليٍّ الوليِّ الزكيِّ الناصِح، السلامُ عليك يا أنصارَ أبي عبدِالله. بأبي أنتم وأُمّي، طِبْتُم، وطابتِ الأرضُ التي فيها دُفِنْتُم، وفُزْتُم فَوزاً عظيماً، فياليتَني كنتُ معكم؛ فأفوزَ معكم » (7).