هذا الشهيد
هو الحرّ بن يزيد التميميّ الرياحيّ، من سادات الكوفة (1)، ومن أشراف العرب ووجوهها، ومن شجعان المسلمين. جاء في ( معالي السبطين ): كان الحرّ شريفاً في قومه، ورئيساً في الكوفة (2). وعرّفه الشيخ محمّد السماوي قائلاً: كان الحرّ شريفاً في قومه جاهليّةً وإسلاماً.. (3)
مسايرة.. لئلاّ
أُرسل الحرّ على رأس ألف فارس من قِبل عبيدالله بن زياد ليصدّ الإمامَ الحسين عليه السّلام عن دخول الكوفة. قال أهل المقاتل: إنّ الحرّ لمّا انحاز إلى الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء قال له: لمّا وجّهني عبيدالله بن زياد إليك، خَرَجتُ من القصر فنُودِيتُ من خلفي: أبشِرْ بخير! فالتَفَتُّ فلم أرَ أحداً.. فقلت: واللهِ ما هذه بشارةٌ وأنا أسير إلى الحسين، وما أُحدّث نفسي باتّباعك. فقال له الإمام الحسين عليه السّلام:
ـ أصبتَ أجراً وخيراً (4).
أجل، نُوديَ الحرّ مُبشَّراً، وكان ذاك هو نداء العناية الإلهيّة.. ذلك بعد أن قَطَع الفَيافي باتّجاه الحجاز، وكان الإمام الحسين عليه السّلام بموكبه الشريف متّجهاً نحو الكوفة. روى أبو مخنف عن عبدالله بن سليم والمذري بن المُشمَعِلّ الأسديَّين أنّهما قالا:
أقبلَ الحسين عليه السّلام حتّى نَزَل « شَراف »، فلمّا كان في السَّحَر أمرَ فِتْيانَه فاستَقَوا من الماء فأكثَروا، ثمّ ساروا منها فقطعوا صدر يومهم حتّى انتصف النهار، ثمّ إنّ رجلاً قال: الله أكبر!
فقال الحسين عليه السّلام: الله أكبر، لِمَ كَبَّرت ؟
قال: رأيتُ النخل.
فقال له الأسديّان: إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلةً قطّ!
فقال لنا الحسين: فما تَرَيانهِ رأى ؟
قلنا: نراه رأى هَوادِي الخَيل.
فقال: وأنا ـ واللهِ ـ أرى ذلك.. أمَا لَنا ملجأ نلجأ إليه، نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم في وجهٍ واحد ؟
قلنا له: بلى، هذا « ذو حَسْم » إلى جَنْبك، تميل إليه عن يسارك، فإنْ سبقتَ إليه فهو كما تريد.
فأخذ ذاتَ اليسار ومِلْنا معه، فما كان بأسرعَ مِن أن طَلَعَتْ علينا هَوادي الخيل فتبيّناها وعَدَلنا، فلمّا رأونا قد عَدَلنا عن الطريق عَدَلوا إلينا، كأنّ أسنّتَهُم اليَعاسيب، وكأنّ راياتهم أجنحة الطير.
قال الأسديّان: فاستَبَقْنا إلى « ذي حَسْم » فسَبَقناهم إليه، فنزل الحسين فأمر بأبنيته فضُرِبت.. وجاء القوم ـ وهم ألف فارس ـ مع الحرّ بن يزيد الرياحيّ، حتّى وقف هو وخَيلُه مقابل الحسين في حَرّ الظهيرة، والحسينُ وأصحابه معتمّون متقلّدو أسيافهم، فقال الحسين لفتيانه:
ـ اسقُوا القومَ وارووهم من الماء ورَشِّفوا الخيلَ تَرشيفاً.
فقام الفتية وسَقَوا القومَ من الماء حتّى أروَوهم، وأقبلوا يملأون القِصاع والطِّساس من الماء ثمّ يُدنونها من الفَرَس، فإذا عَبَّ فيه ثلاثاً أوأربعاً أوخمساً عُزِلَتْ عنه وسَقَوْا آخَر.. حتّى سَقَوا الخيلَ كلَّها.
ولم يَزَل الحرُّ مُوافِقاً حُسَيناً حتّى حضرت الصلاة ( صلاة الظهر )، فأمر الإمامُ الحسين عليه السّلام الحجّاجَ بن مسروق الجُعْفيّ أن يؤذّن فأذّن، فلمّا حضرت الإقامة خرج الحسين في إزارٍ ورداءٍ ونَعلَين، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثمّ قال:
أيُّها الناس، إنّها مَعذِرةٌ إلى الله عزّوجلّ وإليكم، وإنّي لَم آتِكم حتّى أتَتْني كتبُكم، وقَدِمَت علَيّ رسُلُكم أن أقْدِمْ علينا؛ فإنّه ليس لنا إمام، فلعلّ الله يجمعنا بك على الهدى. فإن كنتم على ذلك فقد جئتُكم، فإن تُعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم أقْدم مِصْرَكم، وإنْ لم تفعلوا وكنتم لِمَقْدَمي كارهين انصَرَفتُ عنكم إلى المكان الذي أقبلَتُ منه إليكم.
فسكتوا عنه.. وقالوا للمؤذّن: أقِمِ الصلاة. فأقام الصلاة، فقال الحسين عليه السّلام للحرّ: أتريد أن تُصلّي بأصحابك ؟ قال لا، بل تصلّي أنت ونصلّي بصلاتك.
فصلّى بهم الحسين، ثمّ إنّه دخل عليه السّلام واجتمع إليه أصحابُه، وانصرف الحرُّ إلى مكانه الذي كان فيه.. فلمّا كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيّأ أصحابُه للرحيل، وأمر مُناديَه فنادى بالعصر، وأقام فاستقدم الحسين فصلّى بالقوم، ثمّ سلّم وانصرف إلى القوم بوجهه، فحَمِد الله وأثنى عليه ثمّ قال:
ـ أمّا بعدُ ـ أيُّها الناس ـ فإنّكم إن تتّقوا وتَعرفوا الحقَّ لأهله يكنْ أرضى لله، ونحن ـ أهلَ البيت ـ أولى بولاية هذا الأمر عليكم مِن هؤلاء المُدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجَور والعُدوان، وإن أنتم كَرِهتمونا وجَهِلتُم حقَّنا، وكان رأيكم غيرَ ما أتَتْني كتبُكم وقَدِمتْ علَيّ رسلُكم، وانصرفتُ عنكم.
فقال له الحرّ بن يزيد: إنّا ـ واللهِ ـ ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر.
فقال الحسين: يا عُقْبة بن سَمعان، أخْرِج الخَرجَينِ اللذَينِ فيها كتبُهم إليّ. فأخرج خرجين مملوءين صحفاً، فنشرها بين أيديهم.
فقال الحرّ: فإنّا لسنا مِن هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أُمِرنا إذا نحن لَقِيناكَ أن لا نُفارقَك حتّى نُقْدِمَك على عبيدالله بن زياد.
فقال الحسين: الموتُ أدنى إليك مِن ذلك.
ثمّ قال عليه السّلام لأصحابه: قوموا فاركبوا.
ولمّا كَثُر الكلام بين الإمام الحسين والحرّ، قال الحرّ:
إنّي لم أُؤمَر بقتالك،وإنّما أُمِرتُ أن لا أُفارقك حتّى أُقدِمَك الكوفة، فإذا أبَيتَ فَخُذْ طريقاً لا تُدخلك الكوفة ولا تَردُّك إلى المدينة، تكون بيني وبينك نَصَفاً، حتّى أكتب إلى ابن زياد (5).
الهداية
جيش الكوفة الذي قاتَلَ الحسينَ عليه السّلام، كان قسمٌ منه من أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام الذين اشتركوا معه في حروبه، منهم: شَبْث بن رِبعيّ الذي أصبح فيما بعد قائد الرَّجّالة لعمر بن سعد، وقد سُمِع يقول: ألاَ تعجبون أنّا قاتَلْنا مع عليّ بن أبي طالب ومع ابنه الحسنِ آلَ أبي سفيان خمس سنين، ثمّ عَدَونا على ابنه ( الحسين ) وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سُميّة الزانية! ضَلال يا لَكَ مِن ضلال! (6)
وكان الحرُّ أوّلَ خارج على الإمام الحسين عليه السّلام تشمله العناية الإلهيّة، فيحظى بالسعادة الأبديّة، التي ليس بعدها سعادة. ففي يوم عاشوراء.. وبعد أن صفّ كلٌّ من الإمام الحسين عليه السّلام وابن سعد جيشَه للحرب، وبعد خُطَب سيّد الشهداء عليه السّلام وخُطَب أصحابه، أقبَلَ الحرّ على ابن سعد قائلاً:
أمُقاتِلٌ أنت هذا الرجل ؟!
قال: إي واللهِ قتالاً أيسَرُه أن تَسقُط الرؤوس وتَطيح الأيدي!
قال الحرّ: فما لَك في واحدةٍ من الخِصال التي عَرضَ عليكم رِضىً ؟
قال ابن سعد: أما واللهِ لو كان الأمر لي لَفَعلتُ، ولكنّ أميرك قد أبى!
فأقبل الحرّ حتّى وقف من الناس موقفاً، ومعه قُرّةُ بن قيس الرياحيّ، فقال: يا قرّة، هل سَقَيتَ فَرَسَك اليوم ؟ قال: لا. قال: أمَا تريد أن تَسقيَه ؟ قال قُرّة: فظننتُ ـ والله ـ أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال، وكَرِه أن أراه حين يصنع، فخاف أن أرفعه عليه.. فقلت له: أنا مُنطِلقٌ فساقِيه. قال قُرّة: فاعتَزَلتُ ذلك المكانَ الذي كان فيه، فوَاللهِ لو أطْلَعَني على الذي يريد لَخَرجتُ معه.
فأخذ الحرّ يدنو من الحسين قليلاً قليلاً.. فقال له المُهاجِر بن أوس الرياحيّ: ما تريد ؟ أتريد أن تَحمِل ؟! فسكت الحرّ، وأخَذَه مِثلُ العُرَواء ( أي الرِّعْدة ). فقال المهاجر: إنّ أمرَك لَمُريب! وما رأيت منك في موقفٍ قطُّ مِثْلَ شيءٍ أراه الآن، ولو قيل لي: مَن أشجع أهل الكوفة رَجُلاً ؟ لَما عَدَوتُك، فما هذا الذي أرى منك ؟!
قال الحرّ: إنّي ـ والله ـ أُخيّر نفسي بين الجنّةِ والنار، وواللهِ لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطِّعتُ وحُرِّقت.
ثمّ ضرب الحرّ فرسَه ولَحِق بالحسين عليه السّلام.. فلمّا دنا قلَبَ تِرسَه، فقالوا له: مُستأمَن (7). وقيل: ضَرَب فرسَه قاصداً إلى الحسين عليه السّلام ويدُه على رأسه وهو يقول:
اللهمّ إليك تبتُ فتُبْ علَيّ؛ فقد أرعَبتُ قلوب أوليائك وأولادِ بنت نبيّك (8).
سلّم الحرّ على الإمام الحسين عليه السّلام، وقال:
جَعَلني اللهُ فِداك يا ابنَ رسول الله، أنا صاحِبُك الذي حَبَستُك عن الرجوع، وسايرَتُك في الطريق وجَعْجَعتُ بك في هذا المكان. واللهِ الذي لا إله إلاّ هو، ما ظَنَنتُ أنّ القوم يَرُدّون عليك ما عَرَضتَ عليهم أبداً، ولا يَبلُغون منك هذه المنزلة.. فقلت في نفسي: لا أُبالي أن أُصانع القومَ في بعض أمرهم ولا يظنّون أنّي خَرَجتُ من طاعتهم، وأمّا هم فسيقبلون من حسينٍ هذه الخصالَ التي يَعرض عليهم. وواللهِ إنّي لو ظننتُهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي، ومُواسياً لك بنفسي حتّى أموتَ بين يديك، أفَتَرى لي توبة؟
قال الحسين عليه السّلام: نعم، يتوب اللهُ عليك ويغفر لك، فانزِلْ.
قال الحرّ: أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً، أُقاتلُهم على فرسي ساعة، وإلى النزول يصير آخِرُ أمري.
قال الحسين عليه السّلام: فاصنَعْ ما بدا لك (9).
الخُطبة
كانت خُطَب الإمام الحسين عليه السّلام في أعدائه مِن أجل تبيان الحقائق، « لِيَهْلِكَ مَن هَلَكَ عن بَيِّنةٍ وَيَحْيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنةٍ » (10)، ومن أجل أن يُرغّبَهم في الحقّ ويحذّرهم من الباطل. وسلك أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام هذا النهجَ في التوجيه والإرشاد وعرض الحقّ جليّاً أمام العيون. وكان أوّل عملٍ قام به الحرُّ الرياحيّ ـ بعد أن انحاز إلى معسكر الإمام الحسين عليه السّلام ـ هو خطبته في أهل الكوفة، قائلاً لهم:
يا أهل الكوفة لأمِّكمُ الهَبَل والعِبر! إذ دَعَوتُموه، حتّى إذا أتاكم أسلَمتمُوه، وزعمتم أنّكم قاتِلو أنفسِكُم دونه، ثمّ عَدَوتُم عليه لتقتلوه! أمسكتُم بنفسه، وأخَذتم بكَظْمه، واحَطتُم به من كلّ جانب، فمنعتموه التوجّه في بلاد الله العريضة حتّى يأمنَ ويأمَنَ أهلُ بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير.. لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع ضُرّاً، وحَلأتُموه ونساءه وصِبيتَه وأصحابَه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهوديّ والمجوسيّ والنصرانيّ، وتمرغ فيه خنازير السَّواد وكلابُه، وها هم قد صَرَعهم العطش، بئسما خَلَفْتم محمّداً في ذريّته، لا سقاكمُ الله يوم الظمأ إنْ لم تتوبوا وتَنزِعوا عمّا أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه!
فحمل عليه الرجّالة ترميه بالنَّبل، فأقبل حتّى وقف أمام الحسين عليه السّلام (11).
الارتقاء
بعد الحملة الأولى ـ وقد قُتل فيها أكثر أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام ـ خرج الحرّ إلى ساحة المعركة وخلفَه زهير بن القَين يحمي ظهره، فقاتل هو وزهير قتالاً شديداً، فكان إذا شدّ أحدهما.. فإن استلحم شدّ الآخر حتّى يخلّصَه، ففعلا ذلك ساعة (12).
وكان الحرّ بن يزيد الرياحيّ يرتجز قائلاً:
إنّـي أنـا الحـرُّ ومـأوى الضـيفِ أضـربُ فـي أعنـاقِكُم بـالسـيفِ
عن خيرِ مَن حلَّ بأرضِ الخَيفِ (13)
حمل الحرّ حملات.. واخترق صفوف القوم في مقدّماتها، حتّى ضُرب فرسُه على أُذنَيه وحاجبيه، فسالت دماؤه، فخرج له الحُصَين بن نُمَير التميميّ فقال له: هل لك ـ يا حرُّ ـ في المبارزة ؟
قال: نعم، قد شئت.
فبرز له.. يَصِفه الحُصينُ نفسه قائلاً: وكنتُ أنظر إليه.. فوَاللهِ لَكأنّ نفسَه كانت في يده. وقال أيّوب بن مشرح الخيوانيّ: جال الحرُّ على فرسه، فَرَميتُه بسهمٍ فحشا في فرسه، فما لبث أن رعد الفرس واضطرب وكبا، فوثب عنه الحرّ كأنّه ليث والسيف في يده وهو يقول:
إن تَعقِروا بي فأنا ابنُ الحرِّ أشجَعُ مِـن ذي لَبدٍ هِزَبْـرِ
قال: فما رأيتُ أحداً يَفْري فَرْيَه، فأخذ يقاتل راجلاً وهو يقول:
آلَيتُ لا أُقتَـلُ حتّـى أَقـتُـلا ولن أُصابَ اليـومَ إلاّ مُقْبِـلا
أضربُهم بالسيفِ ضرباً مُفْصِلا لا ناكلاً فيـهم ولا مُهَلِّلا (14)
وبقيَ الحرُّ يُدير رَحى الحرب وحدَه، ويحصد الرؤوس ويُخمد النفوس.. حتّى قتل في حملته الأخيرة ثمانين فارساً مِن أبطالهم، فضجّ العسكر، وصَعُب عليهم أمرُه، فنادى ابنُ سعد بالرُّماة والنبّالة فأحْدَقوا به مِن كلّ جانب حتّى صار درعُه كالقُنفُذ، فوقف وقفةَ المُستَميت، ونَزَل عن فرسه وعَقَرها لأنّها لم تستطع الاقتحام من كثرة السهام، وأخذ يكرّ عليهم راجلاً إلى أن سقط على الأرض وبه رَمَق، فكَرّ عليه أصحابُ الحسين عليه السّلام واحتملوه حتّى ألقَوه بين يدي الحسين عليه السّلام، فجعل يمسح الدمَ والتراب عن وجهه ويقول له: ما أخطَأتْ أمُّك إذْ سَمّتْك حرّاً، أنت الحرُّ في الدنيا والحرّ في الآخرة. ثم استعبر عليه السّلام (15).
تثمين
• خصّه الإمام المهديّ عليه السّلام في زيارته الشريفة المعروفة بـ « زيارة الناحية المقدّسة » بالسلام عليه، فقال:
السلامُ على الحرِّ بنِ يزيد الرياحيّ (16).
• وثمنّه الشيخ عبدالله المامقانيّ فقال: مَن سَبَر سيرةَ الحرّ وآدابه مع الحسين عليه السّلام، يعلم صِدقَ نيّته، وخُلوصَ إيمانه (17).
• وقال فيه السيّد محمّد هادي الحسينيّ الخراسانيّ: لهذه العلّة الغيبيّة والسرّ الإلهيّ، جعلَ اللهُ عزّوجلّ لهذا الشهيد السعيد نوعَ امتياز بين الشهداء، ومزيدَ اختصاصٍ من سائر سعداء كربلاء، حيث خصّه الله عزّوجلّ بمقامٍ مخصوص ومرقد مستقلّ ومشهدٍ منفرد، يتوجّه إليه الأولياء والعلماء من أقصى بلادهم، ويزورونه لإجابة دعائهم، فيقضي الله حوائجهم عند مشهده (18).
• وقال خير الدين الزركليّ: الحرّ.. قائد من أشراف تميم، أرسله الحُصين بن نُمير في ألف فارس لاعتراض الحسين رضي الله عنه في قصده الكوفة، فالتقى به، ولمّا أقبلت خيلُ الكوفة تريد قتلَ الحسين وأصحابه أبى الحرُّ أن يكون فيهم، فانصرف إلى الحسين فقاتلَ بين يديه قتالاً عجيباً.. حتّى قُتل (19).
رحمه الله ورضي عنه، وأسكنه المقامات العلى في جِنات الخُلد.