عندما انتهى أبوذر من قراءة الرسالة كتب في جوابها: لا تعاد أحب الناس إليك ولا تسيء إليه، فلما وصل الجواب إلى الرجل وقرأه لم يفهم منه شيئا، فتسائل في نفسه: ماذا يريد أبوذر بهذا، لا تعاد أحب الناس إليك؟ إن هذا- لعمري- لمن أوضح الواضحات، أفيعقل أن يعادي الإنسان أحب محبوب لديه وأن يسيء إليه فالذي أدريه إنه ليس فقط لا يسيء إليه بل ويفديه بماله وروحه. ثم فكر في نفسه مليا وقال: يجب أن لا أنسى شخصية كاتب هذه الوصية، إنه أبوذر، إنه لقمان هذه الأمة وحكيمها، فلأطلب منه توضيحا لما أوصاني به فكتب إليه رسالة أخرى طالبا منه توضيح ما كتب.
فكتب أبوذر في الجواب: إن مقصودي من أحب وأعز الأشخاص لديك هو نفسك، ولست أقصد شخصا آخر، فأنت تحب نفسك أكثر مما تحب الآخرين ولذلك قلت لك: لا تسيء إلى أحب الناس إليك ومعناه أن لا تسيء إلى نفسك، ألا تعلم بأن كل ذنب وكل جرم يرتكبه الإنسان يعود ضرره على نفسه؟
*قصص الابرار، الشيخ مرتضى مطهري، التعارف، ص76-77.