الدعاء في الاعتراف وطلب التوبة

السبت 18 فبراير 2017 - 10:44 بتوقيت غرينتش

الدعاء الثاني عشر

 

اللَّهُمَّ : إنَّهُ يَحْجُبُنِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ ، خِلاَلٌ ثَلاثٌ ، وَتَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ ، يَحْجُبُنِي : أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأتُ عَنْهُ ، وَنَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إلَيْهِ ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ فَقَصَّـرْتُ فِي شُكْرِهَـا . وَيَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إلَيْكَ ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّـهِ إلَيْكَ  ، إذْ جَمِيعُ إحْسَانِكَ تَفَضُّلٌ ، وَإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ .

 فَهَا أَنَا ذَا يَا إلهِيْ : وَاقِفٌ بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ المُسْتَسْلِمِ الذَّلِيْل ، وَسَائِلُكَ عَلَى الْحَيَاءِ مِنّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعِيْلِ .

 مُقـرٌّ لَكَ : بأَنّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إحْسَانِـكَ إلاَّ بِالاِقْلاَعِ عَنْ عِصْيَانِكَ ، وَلَمْ أَخْلُ فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا مِنِ امْتِنَانِكَ .

 فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ ؟ وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ ؟

 سُبْحَانَكَ ! لاَ أَيْأَسُ مِنْكَ ، وَقَدْ فَتَحْتَ لِيَ بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ .

بَلْ أَقُولُ : مَقَالَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ ، الْمُسْتَخِفِّ بِحُرْمَةِ رَبِّهِ ، الَّذِي عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ فَجَلَّتْ ، وَأَدْبَرَتْ أَيّامُهُ فَوَلَّتْ ، حَتَّى إذَا رَأى مُدَّةَ الْعَمَلِ قَدِ انْقَضَتْ ، وَغَايَةَ الْعُمُرِ قَدِ انْتَهَتْ  ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لا مَحيصَ لَهُ مِنْكَ  ، وَلاَ مَهْرَبَ لَهُ عَنْكَ .

تَلَقَّاكَ : بِالانَابَةِ  ، وَأَخْلَصَ لَكَ التَّوْبَةَ  ، فَقَامَ إلَيْكَ بِقَلْبِ طَاهِر نَقِيٍّ ، ثُمَّ دَعَاكَ بِصَوْت حَائِل خَفِيٍّ  ، قَدْ تَطَأطَأَ لَكَ فَانْحَنى ، وَنَكَّسَ رَأسَهُ فَانْثَنَى ، قَدْ أَرْعَشَتْ خَشْيَتُهُ رِجْلَيْهِ ، وَغَرَّقَتْ دُمُوعُهُ خَدَّيْهِ  .

 يَدْعُوكَ : بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ انْتَابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَطَافَ بِهِ الْمُسْتَغْفِرُونَ  ، وَيَا مَنْ عَفْوُهُ أكْثَرُ مِنْ نِقْمَتِهِ ، وَيَا مَنْ رِضَاهُ أَوْفَرُ مِنْ سَخَطِهِ ، وَيَا مَنْ تَحَمَّدَ إلَى خَلْقِهِ بِحُسْنِ التَّجاوُزِ  ، وَيَا مَنْ عَوَّدَ عِبادَهُ قَبُولَ الانَابَةِ  ، وَيَا مَنِ اسْتَصْلَحَ فَاسِدَهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَيَا مَنْ رَضِيَ مِنْ فِعْلِهِمْ بِالْيَسيرِ ، وَيَا مَنْ كَافى قَلِيْلَهُمْ بِالْكَثِيرِ ، وَيَا مَنْ ضَمِنَ لَهُمْ إجَابَةَ الدُّعاءِ ، وَيَا مَنْ وَعَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفَضُّلِهِ حُسْنَ الْجَزاءِ .

 مَا أَنَ : بِأَعْصَى مَنْ عَصَاكَ فَغَفَرْتَ لَهُ  ، وَمَا أَنَا بِأَلْوَمِ مَنِ اعْتَذَرَ إلَيْكَ فَقَبِلْتَ مِنْهُ ، وَمَا أَنَا بِأَظْلَمِ مَنْ تَابَ إلَيْكَ فَعُدْتَ عَلَيْهِ .

 أَتُوبُ إلَيْكَ : فِي مَقَامِي هَذَا ، تَوْبَةَ نَادِم عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ ، مُشْفِق مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ ، خَالِصِ الْحَيَاءِ مِمَّا وَقَعَ فِيْهِ ، عَالِم بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ لاَ يَتَعـاظَمُكَ ، وَأَنَّ التَّجَـاوُزَ عَنِ الاثْمِ الْجَلِيْلِ لا يَسْتَصْعِبُكَ  ، وَأَنَّ احْتِمَالَ الْجنَايَاتِ الْفَـاحِشَةِ لا يَتَكَأَّدُكَ .

 وَأَنَّ أَحَبَّ عِبَادِكَ إلَيْكَ : مَنْ تَرَكَ الاسْتِكْبَارَ عَلَيْكَ ، وَجَانَبَ الاِصْرَارَ ، وَلَزِمَ الاسْتِغْفَارَ ، وَأَنَا أَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ أَنْ أَسْتَكْبِرَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أصِـرَّ ،  وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا قَصَّرْتُ فِيهِ  ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا عَجَزْتُ عَنْهُ .

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَهَبْ لِي مَا يَجبُ عَلَيَّ لَكَ  ، وَعَافِنِي مِمَّا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ ، وَأجِرْنِي مِمَّا يَخَافُهُ أَهْلُ الاساءَةِ ، فَإنَّكَ مَلِيءٌ بِالْعَفْوِ ، مَرْجُوٌّ لِلْمَغْفِرَةِ ، مَعْرُوفٌ بِالتَّجَاوُزِ  .

 لَيْسَ لِحَاجَتِي : مَطْلَبٌ سِوَاكَ ، وَلا لِذَنْبِي غَافِرٌ غَيْرُكَ ، حَاشَاكَ ، وَلاَ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إلاّ إيَّاكَ ، إنَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ .

صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاقْض حَاجَتِي وَأَنْجِحْ طَلِبَتِي ، وَاغْفِرْ ذَنْبِي ، وَآمِنْ خَوْفَ نَفْسِيْ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ، وَذلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .