العيد.. بين المفهوم والمقتضى
المناسبات أمر يعيش في فطرة الأمم وضميرها منذ القِدم، لقضية مفرحة أو حزينة، أو لميثاق وعهد يُبرَمان في يوم معيّن، أو لواقعة دينيّة أو تاريخيّة لها أثرها العميق في حياة الأُمّة.
فتُحيا تلك المناسبات اعتزازاً بها وإعظاماً لشأنها، ولتُثير في وجدان الناس قضيّةً ما أو مفهوماً سامياً، ولتجدّد حالة روحيّة ونفسيّة خشيةَ أن يصيبها الفتور أو يغطيها غبار النسيان.
ومن هذه المناسبات: العيد، وقد تعاهدته الأجيال يوماً يُدخل البهجة على الصدور، ويجدّد حياة المجتمع، فتعمّ البشرى وتُزال الأتعاب فيه والأحزان، ويكون اللقاء السعيد بين الأهل والأصدقاء، فتنشرح الأسارير وتذوب الضغائن والأحقاد.
وقد يكون وراء العيد واقعة مقدّسة أو قضيّة ذات اعتبار واهتمام كبيرين عند بعض الشعوب.. فقد روي أنّ آدم عليه السّلام ذكر نوحاً عليه السّلام وقال: إنّ الله باعثٌ نبيّاً اسمه نوح، وإنّه يدعو إلى الله فيكذّبونه، فيقتلهم الله بالطوفان... وأوصى آدم عليه السّلام إلى ولده هبة الله: إنّ من أدركه منكم فلْيؤمن به ولْيتّبعه وليصدّق به؛ فإنّه ينجو من الغرق...
وقد كان آدم عليه السّلام أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة، فيكون يومَ عيدٍ لهم.(1)
وكان ميقات اجتماع السحرة مع موسى عليه السّلام في يوم النيروز، وكان يوم عيد لهم يجتمع إليه الناس من الآفاق، قال لهم: موعدُكم يوم الزينة؛ إذ كان يوم عيد يتزيّنون فيه ويُزيّنون فيه الأسواق.(2)
وكان لأصحاب الرَّسّ عيد في كلّ سنة يجتمعون فيه عند شجرة الصَّنَوبر ويقرّبون القربان، ويشعلون فيه النيران.. ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف.(3)
وذكر الواقديّ أنّه لمّا أتى على رسول الله صلّى الله عليه وآله في بطن أُمّه ستّة أشهر خرج أهل المدينة واليمن إلى العيد، وكان رسمهم أنّهم يمرّون في كلّ سنة ستّة أعياد، وكانوا يذهبون عند شجرة عظيمة يقال لها: ذات أنواط، وهي التي سمّاها الله تعالى في كتابه « ومَناةَ الثالثةَ الأُخرى » (4). فذهبوا في ذلك وأكلوا وشربوا وفرحوا وتقاربوا من الشجرة، وإذا بصيحة عظيمة من وسط الشجرة، وهو هاتف يقول: يا أهل اليمن، ويا أهل اليمامة، ويا أهل البحرين، ويا من عبد الأصنام، ويا من سجد للأوثان! جاء الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقا. يا قوم قد جاءكم الهلاك... ففزعوا من ذلك وانهزموا راجعين إلى منازلهم، متحيّرين متعجبّين من ذلك.(5)
ومن قبل ذلك حدّثنا القرآن الكريم في قصّة عيسى عليه السّلام بهذه الآيات الشريفة، قال تعالى: « وإذْ أوحيتُ إلى الحَواريّين أن آمِنُوا بي وبرسولي، قالوا آمنّا واشهدْ بأنّنا مسلمون * إذْ قال الحواريّون يا عيسى بنَ مريمَ هل يستطيعُ ربُّك أن يُنزِّلَ علينا مائدةً من السماء قال اتّقُوا اللهَ إن كنتم مؤمنين * قالوا نريد أن نأكلَ منها وتطمئنَّ قلوبُنا أنْ قد صدقْتَنا ونكونَ عليها من الشاهدين * قال عيسى بنُ مريمَ اللهمّ ربَّنا أنزِلْ علينا مائدةً من السماءِ تكونُ لنا عيداً لأوّلِنا وآخِرِنا وآيةً منك وارزقْنا وأنت خيرُ الرازقين ».(6)
وقد ذكر عيسى عليه السّلام عنواناً لهذه المائدة النازلة، هو الغرض له ولأصحابه من سؤال نزولها، وهو أن تُنزَّل فتكون عيداً له ولجميع أُمّته، فجعل الموضوع في قالب حسَن، ليخرج عن كونه سؤالاً للآية مع وجود آيات إلهيّةٍ كبرى بين أيديهم وتحت مشاهدتهم، فيكون نزول المائدة عيداً من شأنه أن يجمع الكلمة، ويجدّد حياة الأُمّة، وينشّط نفوس العائدين، ويُعلن ـ كلّما عاد ـ عظمة الدين. فقال عليه السّلام: « عيداً لأوّلِنا وآخِرِنا » ، أي: لأوّل جماعتنا من الأُمّة وآخِرِ مَن يلحق بهم.. فإنّ العيد مشتقّ من العَود، ولا يكون عيداً إلاّ إذا عاد حيناً بعد حين، وفي الخلف بعد السلف من غير تحديد. وقيل: العيد: كلّ يوم مَجْمَع، ومعناه: اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور.
وهذا العيد الذي نزلت فيه مائدة السماء هو ممّا اختصّ الله تعالى به قوم عيسى عليه السّلام كما اختُصّوا بنوع الآية المنْزَلة.(7)
وجاء الإسلام الحنيف.. فكانت أعياده: الفِطْر، والأضحى، والجمعة إذْ هو يوم عبادة وصلاة جامعة ولقاء وتضامن بين المسلمين، ثمّ كان أعظم الأعياد يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الله تبارك وتعالى بالاسلام ديناً للناس، إذ كان بذلك تنصيب الإمام عليّ عليه السّلام أميراً للمؤمنين، ووصيّاً لرسول ربّ العالمين، وقيّماً خليفةً على هذا الدين. حتّى قالت اليهود لعمر بن الخطّاب: لو علينا ـ معشرَ اليهود ـ نزلت هذه الآية: « اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممْتُ عليكم نعمتي ورضِيتُ لكمُ الإسلام ديناً » (8)، ونعلم اليومَ الذي أُنزلت فيه، لآتّخذنا ذلك اليوم عيدا(9).
والمناسبات هي ذكريات، والذكريات محطّات اعتبار وتأمّل تُثمر عنهما دروس وعبر. فحلول سنة جديدة يعني ذَهابَ عامٍ آخَر من أعمارنا، واقتراب خطوةٍ كبيرة نحو آجالنا.. فأمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه يقول: نفَس المرء خُطاه إلى أجَله.(10)
وهنا لابدّ من وقفةِ تفكّر، ومن مراجعة الماضي والتبصّر في الحاضر والاستعداد للمستقبل. إذ ينبغي على المرء العاقل ألاّ يغفل عن مسيرة الحياة وهي تطوي الأيّام والأعوام، وتلفّ خلال ذلك أعمار الناس وآجالهم، فالخاسر من لها وبذّر أوقاته وطاقاته، فتمرّ عليه الذكريات والسنوات دون أن يعتبر، وينظر إلى الهلال فلم يفهم منه إلاّ أنه إشارة إلى شهر جديد، أو عام جديد، والشاعر يعاتب نفسه يذكّرها قائلاً:
يبشّرني الهلالُ بنقص عمري
|
|
وأفرح كلّما هلّ الهلالُ
|
وتلك الآية الأبلغ تخاطبنا: « يا أيّها الذين آمَنوا اتّقوا اللهَ ولْتنظرْ نفْسٌ ما قدّمتْ لغدٍ واتّقُوا الله إنّ الله خبيرٌ بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نَسُوا اللهَ فأنساهم أنفسهم، أُولئك همُ الفاسقون ».(11)
وقد جاء في حِكم النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ومواعظه الشريفة قوله: وأمّا علامة الفاسق فأربعة: اللَّهو، واللَّغو، والعدوان، والبهتان.(12)
فالعيد يوم سرور، ويوم اعتبار وتفكّر في آن واحد.. ولم يُجعَل للعبث واللهو واللغو، ولا لانطلاق الناس في المعاصي والآثام وإفساد الأعمال الصالحة السالفة. بل هو خاتمة طيّبة لأيّامِ عبادة مضت، وفاتحةٌ خيّرة لأيّام طاعة أقبلت.
خطب أمير المؤمنين عليه السّلام يوم فطر فقال:
أيّها الناس، إنّ يومكم هذا يومٌ يُثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، وهو أشبه بيوم قيامكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاّكم خروجَكم من الأجداث إلى ربّكم، وإذكروا بوقوفكم في مصلاّكم وقوفَكم بين يدَي ربّكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعَكم إلى منازلكم في الجنّة.
عباد الله، إنّ أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديَهم ملَك في آخِر يوم من شهر رمضان: أبشِروا عباد الله فقد غُفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون ؟!.(13)
يقول أهل المعرفة: إنّ العيد عبارة عن وقت اختاره الله جلّ جلاله من بين الأيّام؛ لإطلاق الجوائز والإنعام على العباد، ليجتمعوا على أخذ العطايا. وأذّن تعالى بالإذن للحضور بين يديه، والاستكانة بين يديه، بالاعتراف بالعبوديّة والاستغفار من الذنوب، ثمّ عَرْضِ الحوائج وبسط الآمال، وقد وعد جلّ وعلا بالإجابة لهم، وإعطائهم فوق آمالهم؛ بل فوق ما خطر على قلوبهم، وأحبّ تبارك وتعالى لعباده في يوم العيد أن يُحسنوا ظنّهم بربّهم، وأن يرجّحوا رجاءهم.(14)
فالغافل حقّاً من غفل عن معنى العيد، والخاسر من لم يعمل بمقتضياته، فجذَبه اللهو وشغله، ولم يفهم أنّ العيد يوم سعادة بأداء عبادة، ويوم سرور يُزال فيه الكره والجفاء، فيُصلَح ذات البين، وتكون الصلة بدل القطيعة، والمحبّة بدل البغضاء، وتعمّ المحبّة والأُلفة بين الأهل والإخوان والأصدقاء والجيران..
وتلك دعوات الإمام السجّاد صلوات الله عليه في صحيفته المباركة، حيث يقول:
اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وأبدِلْني من بِغضة أهل الشَّنآنِ المحبّة، ومن حسد أهل البغي المودّة، ومن ظِنّة أهل الصلاح الثقة، ومن عداوة الأدنين الوَلاية، ومن عقوق ذوي الأرحام المَبَرّة، ومن خذلان الأقربين النُّصرة، ومن حُبّ المُدارين تصحيح المِقة، ومن ردّ المُلابسين كرَمَ العِشرة، ومن مرارة خوف الظالمين حلاوة الأمَنة...
اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وسدّدني لأن أُعارض مَن غشّني بالنُّصح، وأجزيَ من هجرني بالبِرّ، وأُثيبَ من حرمني بالبذل، وأُكافيَ من قطعني بالصلة، وأُخالفَ من اغتابني إلى حُسن الذِّكر، وأن أشكر الحسنة، وأُغضيَ عن السّيئة.
اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وحَلِّني بحِلْية الصالحين، وألبِسْني زينة المتّقين.. في بسط العدل، وكظم الغيظ، وإطفاء النائرة، وضمّ أهل الفُرقة، وإصلاح ذات البين، وإفشاء العارفة، وسَتر العائبة، ولِين العريكة، وخفض الجَناح، وحسن السيرة، وسكون الريح، وطيب المُخالقة، والسّبق إلى الفضيلة، وإيثار التفضّل، وترك التعيير، والإفضال على غير المستحقّ..(15)
وفيما يعني العيد من مفهوم أنّه لقاء، تلتقي فيه الأيدي بالمصافحة، والأوجه بالمعانقة، والقلوب على المحبّة، والنفوس على الصفاء.. وتُعقد فيه مجالس الوئام، ولكنّ هناك محذوراً لابدّ من اجتنابه، فهو يقتحم محافل الناس غالباً، ذلك هو الاستغراق الذي يكون فيه تلف الوقت وسرد الأحاديث الباطلة.
والمسلم الواعي يحترم الوقت ويحرص عليه؛ إذ هو رأس ماله يتاجر به مع الله تبارك وتعالى ويستثمره في مرضاته، وقد نذر عمره أن يكون مبذولاً في طاعة الله.. وطاعة الله لا تنحصر بظواهر الصلاة والصيام والحجّ، فصلة ذوي الأرحام والإخوان، والشفقة على المحرومين والمساكين ـ لا سيّما في المناسبات المفرحة والأعياد ـ ، وقضاء حوائج المؤمنين.. كلّها صور من طاعة الله تبارك وتعالى. ولكن، لابدّ من تقسيم ساعات العمر. يقول الإمام موسى الكاظم عليه السّلام: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثِّقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويُخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذّاتكم في غير محرّم.(16)
فلا إفراط ولا تفريط، إنّما حياة المؤمن توازن واعتدال، وتلبية لحاجات الدنيا والآخرة، وانصراف إلى زرع الباقيات الصالحات لجنْيِها هناك ثواباً طيّباً ومرضاةً من الله أكبر.. في ظلّ قوله تعالى: « ولا تنسَ نصيبَك من الدنيا » (17) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تنس صحّتك وقوّتك وفراغك وشبابك ونشاطك، أن تطلب بها الآخرة(18).
والعيد مناسبة طيّبة لأن ينهض فيها المؤمن لزيارة الأهل والأحباب، ويتطيّب فيها ويلبس الزينة الحلال.. وذاك لا يعارض أن يبكّر لصلاة العيد، ويجدّد العهد مع أئمّته الطاهرين، وأن يزور سيّد الشهداء عليه السّلام، وربّما ذرفت عيناه قطرات ولاء، وبثّ فؤادُه نفثاتِ شوقٍ ووفاء.
ولكي يبلغ المرء عيده الحقيقيّ نراه يتحرّز من اللهو واللغو، فهو يخشى على قلبه أن يُطبَع عليه، أو يُختم عليه، أو يعمى أو يُحجب، أو يزيغ أو يقسو، أو يمرض أو يموت.. بل هو يسعى أن يكون قلبه منشرحاً سليماً مطمئنّاً طاهراً سليماً نيّراً حيّاً، وذلك يتأتى بالإيمان والتقوى والعمل الصالح. جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: مَن أحيى ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.(19)
وورد عن الإمام عليّ سلام الله عليه قوله: إنّما هو عيدُ من غُفر له.(20) وقوله عليه السّلام في بعض الأعياد: إنّما هو عيدٌ لمن قبِل الله صيامه، وشكر قيامه، وكلُّ يوم لا يُعصى اللهُ فيه فهو عيد.(21)
فإذا أدّى العبد فرائضه، وأحسّ بقلبه رحمة الله.. من غفران أو رضوان من خلال علامات واضحة، كان قد تلذّذ بمعنى العيد وأدركه.. لا سيّما إذا مسح على يُتم، أو رفع حرجاً، أو فرّج عن مغموم، أو قضى حاجة لمحرَج، أو أدخل السرور على حزين كئيب محروم.
وهكذا نفهم أنّ العيد الحقيقيّ إنّما يُبلَغ من خلال طلب مرضاة الله جلّ وعلا، ونوالِ درجات القرب منه تبارك وتعالى. وذلك يتأتّى بأداء ما يحبّ هو سبحانه من الأعمال العباديّة، والأخلاقيّة والإنسانيّة.
وشهر رمضان الكريم، وكذا المناسبات الدينيّة.. فرصة رحبة لبلوغ ذلك. يمرّ الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون، فيقف قائلاً: إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلْقه، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وقصّر آخَرون فخابوا. فالعجب كلّ العجب من ضاحك لاعب في اليوم الذي يُثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون! وأيم الله، لو كُشف الغطاء لعلموا أنّ المحسن مشغول بإحسانه، والمسيئ مشغول بإساءته.(22)
ومن الأعمال العباديّة التي يفوز به المؤمن ما ذكره العلماء مستخلَصاً من روايات أهل البيت عليهم السّلام:
1ـ التكبير بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العيد، وصورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا.
2ـ إخراج زكاة الفطرة قبل صلاة العيد، على التفصيل المبيَّن في كتب الفقه. وهي من الواجبات المؤكّدة، وشرطٌ في قبول صوم شهر رمضان.
3ـ الغُسل، ووقته من الفجر إلى حين أداء صلاة العيد.
4ـ تحسين الثياب واستعمال الطِّيب.
5ـ الإفطار أوّل النهار قبل صلاة العيد، والأفضل أن يكون على
التمر أو شيء من الحلوى.
6ـ الخروج لصلاة العيد بعد طلوع الشمس، والدعاء عند التهيّؤ للخروج:
اللهمّ مَن تهيّأ في هذا اليوم أو تعبّأ، أو أعدّ واستعدّ لوِفادةٍ إلى مخلوق رجاءَ رِفده ونوافله وفواضله وعطاياه، فإنّ إليك يا سيّدي تهيئتي وتعبئتي، وإعدادي واستعدادي؛ رجاءَ رِفدك وجوائزك ونوافلك وفواضلك وفضائلك وعطاياك.
وقد غدوتُ إلى عيد من أعياد أُمّة نبيّك محمّدٍ صلوات الله عليه وعلى آله، ولم أفِدْ إليك اليوم بعملٍ صالح أثق به قدّمتُه، ولا توجّهت بمخلوق أمّلتُه، ولكن أتيتك خاضعاً مُقرّاً بذنوبي وإساءتي إلى نفسي. فياعظيمُ يا عظيم يا عظيم، إغفر ليَ العظيمَ من ذنوبي؛ فإنّه لا يَغفر الذنوبَ العظام إلاّ أنت، يا لا إله إلاّ أنت، يا أرحم الراحمين.
7ـ صلاة العيد.. وفيها خمس تكبيرات بعد القراءة، يقنت فيها المصلّي ويقول: اللهمّ أهلَ الكبرياء والعظمة، وأهلَ الجُود والجبروت، وأهلَ التقوى والمغفرة، أسألك بحقّ هذا اليوم، الذي جعلتَه للمسلمين عيدا، ولمحمّد صلّى الله عليه وآله ذخراً وشرفاً ومزيدا، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تُدخلني في كلّ خير أدخلتَ فيه محمّداً وآل محمّد، وأن تُخرجني من كلّ سوء أخرجت منه محمّداً وآل محمّد، صلواتك عليه وعليهم. اللهمّ إنّي أسألك خيرَ ما سألك منه عبادُك الصالحون، وأعوذ بك ممّا استعاذ منه عبادُك المخلَصون.
8ـ وردت دعوات كثيرة بعد صلاة العيد، ولعلّ أحسنها هو الدعاء السادس والأربعون من أدعية الصحيفة السجّاديّة المباركة، وأوّله: يا مَن يرحمُ مَن لا يرحمه العباد، ويا من يقبل من لا تقبله البلاد... وآخره: فصلّ على محمّد وآله، واسمع نجواي، واستجب دعائي ولا تختم يومي بخيبتي، ولا تجْبهني بالردّ في مسألتي، وأكرِمْ من عندِك منصرَفي، وإليك منقلَبي. إنّك غير ضائق بما تريد، ولا عاجزٍ عمّا تُسأل، وأنت على كلّ شيء قدير، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.
9ـ زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، وهي زيارة خاصّة يُزار بها في عيدَي الفطر والأضحى، مثبّتة في باب الزيارات الخاصّة.
10ـ قراءة دعاء الندبة، وهو للإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
وختاماً.. نرجو لكم أسعد الساعات وأهنأها تقضونها في هذا العيد المبارك الشريف، مقرونةً بمرضاة الله تعالى، ومشفوعة بالسعادة والخير والكرامة.
المصادر:
1ـ تفسير العيّاشيّ 309:1 ـ 311.
2ـ مجمع البيان، للشيخ الطبرسيّ 10:7 ـ 21.
3ـ علل الشرائع، للشيخ الصدوق 25 ـ 26.
4ـ سورة النجم / 20.
5ـ بحار الأنوار، للشيخ المجلسي 285:15 / ح 27.
6ـ سورة المائدة / 111 ـ 114.
7ـ يراجع: تفسير الميزان، للسيّد محمّد حسين الطباطبائي 235:6.
8ـ سورة المائدة / 3.
9ـ صحيح مسلم ـ مجلد 2313:4 / ح 4 ـ كتاب التفسير. والدرّ المنثور، للسيوطيّ 258:2.
10ـ نهج البلاغة: الحكمة 74.
11ـ سورة الحشر / 18 ـ 19.
12ـ تحف العقول عن آل الرسول صلّى الله عليه وآله، لابن شعبة الحرّانيّ 23.
13ـ تنبيه الخواطر، لورّام 392.
14ـ المراقبات، للشيخ جواد الملكيّ التبريزيّ 167.
15ـ الصحيفة السجّاديّة المباركة ـ الدعاء 20 في مكارم الأخلاق.
16ـ تحف العقول 302.
17ـ سورة القصص / 77.
18ـ معاني الأخبار، للشيخ الصدوق 325.
19ـ ثواب الأعمال، للشيخ الصدوق 76.
20ـ مناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب 99:2.
21ـ نهج البلاغة: الحكمة 428.
22ـ تحف العقول 170.