محمد بن الحنفية (ره) وموقفه من واقعة الطف
ليس بخافٍ علينا ما لمن التحق بركب الحسين عليه السلام في كربلاء من منزلة رفيعة عند الله عز وجل وانه بلغ الفتح العظيم لدرجة اصبح الخروج مع الحسين عليه السلام هو المعيار الحقيقي لمن عاش تلك الفترة في ضمان رضا الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) واهل بيته عليهم السلام.
ومن هذا المنطلق اثيرت عدة استفهامات لمن يعرف عنهم من محبي اهل البيت عليهم السلام ولم يلتحقوا بالحسين لما خرج من مكة ومن بين هذه الشخصيات محمد بن الحنفية ويقارن موقفه مع العباس بن ام البنين وكلاهما ولدا علي بن ابي طالب عليه السلام.
الحقيقة التي يجب ان يعيها كل من يخوض في هذا الامر ان يتجنب الحكم على ابن الحنفية قبل استيعاب الوضع الذي كان عليه ذلك الزمان ونحن لا نرى ان هنالك خطأ في موقف ابن الحنفية .
البعض قال لماذا لم يخرج واذا كان مريضا لماذا لم يرسل اولاده الذين يزيدون على العشرة مع الحسين عليه السلام أسوة بعبد الله بن جعفر الطيار ومن هذه التاويلات يراد لها ان تخلق سلبية موقف ابن الحنفية .
ولو تمعنا جيداً بالظروف والوقائع يتضح لنا ان ابن الحنفية ما اخطأ في موقفه هذا ، فلو قلنا انه كان مريضاً بين ضعف البصر وشلل احدى يديه فانهم سيقولون لماذا لم يرسل اولاده مع الحسين عليه السلام ويجب التبصر جيداً قبل الحكم .
اولاً خروج الحسين عليه السلام من مكة كان لغرض البيعة وليس للحرب كما جاء في رسائل اهل الكوفة له طالبين منه القدوم اليهم للبيعة والتأمر عليهم ، وثانياً لما خرج الحسين عليه السلام كان الامر مستتباً له لما كان الوالي على الكوفة هو النعمان بن بشير وهذا الرجل له مواقف ايجابية مع اهل البيت عليهم السلام وفي قلبه ميول لهم بالرغم من انه والي يزيد على الكوفة وقد روي انه كان يسير على بغلته فرأى في الطريق الحسين عليه السلام هذا قبل ولايته على الكوفة فنزل من بغلته وطلب من الحسين عليه السلام الركوب احتراماً له بل واصر عليه لما رأى امتناع الحسين ، هذا موقف وموقف آخر لما دخل اللعين ابن زياد الكوفة مرتدياً زي الحسين عليه السلام قفل ابن بشير ابواب قصر الامارة طالباً من الحسين الرجوع ولم يؤلب الجيش او يستعد لمواجهة الحسين عليه السلام كما يفعل الولاة ، والموقف الآخر الذي اثنت عليه زينب عليها السلام هو لما اصطحبهم من الشام الى المدينة بعد السبي فكان قمة في الاخلاق والاحسان اليهم حتى انهم اذا وقفوا ليستريحوا كان يبتعد عنهم ليأخذوا راحتهم في التصرف وأرادت زينب عليها السلام ان تكرمه فرفض ذلك قائلاً انه يعلم ما هي منزلتهم عند الله ورسوله.
يضاف الى ذلك إن الحسين عليه السلام لما كان يلتقي بأحد ما قبل استشهاد مسلم عليه السلام ما كان يعرض عليهم اللحوق به لان الامر لم يكن للقتال .
والاهم من ذلك للدفاع عن موقف محمد بن الحنفية ان مقتل الحسين عليه السلام كان حديث القوم منذ عهد رسول الله (ص) حتى ان إبن عباس لما سئل لم لم تلتحق بالحسين وصحبه؟ قال ان اسماء صحبه كانت معلومة لدينا قبل خروجهم وما كان اسمي معهم وهذا نفسه ينطبق على ابن الحنفية واولاده ويذكر القارئ الكريم الرواية التي قال فيها عمر بن سعد للحسين عليه السلام ان الناس تزعم اني قاتلك ما احمقهم فقال الحسين عليه السلام بل ما احلمهم في صدق قولهم ( معنى الحديث ) ونفس الامر لما التقى ميثم التمار بحبيب بن مظاهر وهما على فرسيهما وتحدث ميثم عن مقتل حبيب وحبيب عن مقتل ميثم حتى اعتقد الناس انهما مجنونان .
فالذي يلوم موقف محمد بن الحنفية من اين له انه خاف من الموت بعدم الخروج مع الحسين عليه السلام اي انه من اين له علم بمقتل الحسين ؟ اليس من الاخبار المتواترة عن رسول الله وابن عمه علي عليهما السلام وهذه الاخبار لم تذكر ابن الحنفية معهم.
وثورة المختار الرائعة التي يتحدث التاريخ عنها فإن لإبن الحنفية الفضل الاول في قيامها بعدما اختلف ابن الاشتر مع المختار في النهوض واخذ رأي الامام السجاد عليه السلام بهذا الامر وتدخل إبن الحنفية واطلق شرارة الثورة التي اقتصت من قتلة الحسين عليه السلام .
واخيراً لا يستحسن الخوض بمثل هكذا مواقف وتخطئة او تبرئة اصحاب العلاقة فالامر لو كان فيه لغط ما تركه المعصوم هكذا وانما اثارة اللغط يكون من قبلنا في زمن الغيبة .