خاص الكوثر - مقابلات
ويرى اللقيّس أن الثورة، منذ أيامها الأولى، لم تنطلق من منطق الخصومة السياسية التقليدية، بل من مشروعٍ روحيّ وأخلاقي أراد إعادة تعريف موقع الإنسان المؤمن في العالم. فشعار «لا شرقية ولا غربية» لم يكن حيادًا بين قطبين، بل إعلانًا لولادة نموذج ثالث يرفض الهيمنة من أي جهة كانت، ويقدّم رؤية قادرة على مخاطبة الإنسان في حاجاته الأصيلة، لا في احتياجات مزيفة صنعتها أدوات الدعاية الغربية.
واشار إلى أن الإمام الخميني أدرك مبكرًا حقيقة الدور الأميركي في المنطقة، فأزاح القناع عن صورةٍ لطالما قُدّمت كمدافع عن الحرية في مواجهة الإلحاد السوفيتي. هذا الكشف، بحسب اللقيّس، كان أشبه بتشخيص مبكر لمرضٍ خطير قبل استفحاله، وهو ما منح الشعوب القدرة على إعادة اكتشاف ذاتها وحقها في المقاومة وعدم الركون للظالم.
اقرأ ايضاً
ولفت إلى أنّ الثورة الإسلامية أعادت الاعتبار للدين كقيمة حركية في حياة الأمم، لا كمجموعة طقوس معزولة عن واقع الإنسان. فالإيمان، كما يقول، ليس درجاتٍ صفرية بين التديّن الكامل أو الانقطاع عنه؛ بل طيفٌ واسع يمكن أن تتقدمه قيمة المقاومة ورفض الظلم، وهي القيمة التي تتيح لأي شعبٍ – مسلمًا كان أو غير مسلم – أن يدخل في مسار الكرامة الإنسانية.
دور المقاومة في وعي الشعوب
ويؤكد اللقيّس أنّ أحد أهم عناصر أصالة الثورة كان منهجها التفاعلي مع الشعوب، حيث لم تفرض رؤيتها على أحد، بل عرضتها لمن يرغب، وبنت علاقاتها على أساس الشراكة لا الوصاية، على خلاف النماذج الغربية التي تقوم على التبعية الأمنيّة أو السياسية.
وانتقالًا إلى تطورات العامين الأخيرين، يشرح اللقيّس أنّ جبهة المقاومة اكتسبت شرعيةً متنامية من خلال تمايزها الأخلاقي والإنساني عن أعدائها، وأن هذا البعد هو «أقوى عناصر قوتها» لأنه يخلق جغرافيا جديدة للوعي الإسلامي ويدفع الشعوب إلى مزيد من الالتصاق بقيم العدل والحرية. كما أدى ذلك إلى اتساع موجة التضامن مع فلسطين وغزة، وإلى إعادة الاعتبار لفكرة الوحدة الإسلامية بعيدًا عن محاولات الفتنة التي رُوّجت لعقود.
ويرى ان المقاومة خلال هذه المرحلة لم تكتفِ بإثبات قدرتها، بل أصبحت أكثر معرفة بذاتها وبثبات مجتمعاتها، حيث أثبتت ساحاتها المختلفة أنها – رغم الخسائر والضغوط – قادرة على النهوض السريع والمبادرة. وهذا، كما يصفه، نموذج ملهم لكل الشعوب التي تُحاصر عسكريًا لكنها تملك إرادة البقاء والصمود.
وختم اللقيّس بالتأكيد أنّ المسؤولية المقبلة كبيرة، وأنّ المعركة لا تزال في أوجها، ما يستدعي جسر الفجوة في مجال التقانة، وتعزيز الخطاب العالمي القادر على تحويل التعاطف الشعبي إلى موقف سياسي عملي يُسهم في عزل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ويعترف بصراحة: «ما زلت أخشى ألّا نكون على مستوى هذا التحدي، خصوصًا في المعركة الإعلامية وصناعة النخب الواثقة .
أجرت الحوار: الدكتور معصومة فروزان