خاص الكوثر - العشرات
يشكل استخدام التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب اليوم، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 90% من المراهقين بين 13 و17 سنة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي، مع 75% يمتلكون هواتف ذكية تمكنهم من الوصول إلى الإنترنت في أي وقت ومكان. هذا الواقع الجديد يجعل مهمة التربية أكثر تعقيدًا، إذ يواجه الآباء تحديات متعددة نتيجة التأثيرات السلبية لاستخدام التكنولوجيا بشكل مفرط.
أبرز هذه التحديات تشمل إدمان الشاشات، حيث يقضي الأطفال والمراهقون ساعات طويلة على التطبيقات، مما يؤثر على صحة عيونهم، ونمط نومهم، وتركيزهم، وكذلك على تواصلهم الاجتماعي. إضافة إلى ذلك، تواجه الأسر خطر تعرض الأبناء لمحتوى غير مناسب أو متطرف على الإنترنت، الأمر الذي يصعب مراقبته بشكل مستمر.
غياب الحوار العائلي الحقيقي أصبح ظاهرة ملحوظة مع انتشار استخدام الهواتف داخل المنازل، حيث تقل الجلسات العائلية واللقاءات ذات التفاعل البصري المباشر، ما يؤدي إلى فقدان بعض القيم الأساسية كالاحترام، والصبر، والمسؤولية، والتي كانت تُنقل من الأجيال السابقة.
إقرأ أيضاً:
هذه التحديات تترافق مع أزمة هوية وانتماء يعاني منها المراهقون بسبب تأثيرات المؤثرين الأجانب عبر الإنترنت، مما يهدد مفهوم الذات والقيم الوطنية.
لمواجهة هذه الظواهر، توصي الدراسات والخبراء بضرورة تبني استراتيجية متوازنة في التربية الرقمية تشمل: تحديد أوقات محددة لاستخدام الشاشات مع تخصيص وقت للعب والنشاطات البدنية، وتعليم الأبناء الرقابة الذاتية على المحتوى، وتشجيعهم على ممارسة الرياضة والقراءة والهوايات اليدوية، بالإضافة إلى تعزيز دور الأسرة في متابعة نشاطاتهم الرقمية بشكل دقيق لكن دون تجسس، وخلق أوقات خاصة للتواصل العائلي الحقيقي لتعزيز العلاقة بين الآباء والأبناء.
في النهاية، يبقى دور الوالدين محورياً في ترسيخ القيم من خلال تجارب إنسانية يومية مليئة بالحب والصبر والوعي، مع إدراك أن التربية ليست مهمة مؤقتة بل عملية مستمرة تتطلب التوازن بين الماضي الذي يحمل الجذور والحاضر الذي يشكل مستقبل الأجيال القادمة.