خاص الكوثر - فلسطين الصمود
تروي أمٌّ فلسطينية حكاية رسمةٍ رسمتها ابنتها، وقد كانت قد رسمت إنسانًا مكفّنًا، وفهمت الأم أن ابنتها قد رسمت نفسها مكفّنة.
في أحد الأيام قالت لي ابنتي: "قرب موعد سفري."
فقلت لها: "أيُّ سفرٍ هذا الذي تتحدثين عنه؟" ولكن ظلت صامتة.
وفي يومٍ آخر، مرّ صاروخ فوق بيتنا لكنه لم يُصِب المنزل، فقلت لأولادي: "اتصلوا بأختكم." اتصلوا، لكنها لم تُجب. وبعد قليل، ردّ أحد الأشخاص على الهاتف وقال لي:
"يا أختي، صاحبة الهاتف استُشهدت."
إقرأ أيضاً:
نعم، هكذا هو اليقين بأنهم في طريقهم إلى النصر. إنهم لا يهابون الموت، ولا يخشون القتل أو الفناء، بل يستعدون له. هذا هو الصمود الذي رأيناه في هذه الرسامة الصغيرة، هذه الفتاة التي عرفت أنها في سفر.
هي تقول لأمها: "لا تشفقي، لا تمنعيني، فقد اقترب أوان رحلتي، اقترب أوان ذهابي.
يا أمي، لا تمنعي هذا السفر، فأنتِ دائمًا ما تمانعينه، وكأن السفر دائمًا في ذلك الاتجاه."
هذه هي الصلابة التي نجدها عند الأم وابنتها. الابنة تنعى نفسها من خلال ما رسمت وكتبت، ثم بعد ذلك، الأم تقبل وتتيقن أن ابنتها قد رحلت إلى بارئها، وتنقل للآخرين هذا الشكل الأسطوري من الصمود. هذا الصمود لا يضيع أبدًا عبثًا.