بقلم علي محسن راضي
ان الله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه عن القران الكريم:
“لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”(الحشر:21(
تؤكد الدراسات الجديدة أن حفظ القرآن يقي من الأمراض ويقوي مناعة الجسم ويزيد المؤمن إبداعاً وراحة نفسية . إن أفضل عمل على الإطلاق يمكن لإنسان أن يقوم به هو تلاوة القرآن والعمل بما فيه وتطبيق ما أمر به الله والابتعاد عما نهى عنه الله. ومن خلال تجربتي الشخصية مع القرآن لمدة تزيد عن عشرين عاماً أصبح لدي قناعة راسخة وهي أن القرآن يؤثر بشكل كبير على شخصية الإنسان، ولهذا يرد في الحديث النبوي الشريف :
"خياركم من تعلم القرآن وعلمه".
عندما تقرأ بعض الأوقات كتاباً في البرمجة اللغوية العصبية أو في فن إدارة الوقت أو في فن التعامل مع الآخرين، يقول لك المؤلف:
إن قراءتك لهذا الكتاب قد تغير حياتك، ومعنى هذا أن أي كتاب يقرأه الإنسان يؤثر على سلوكه وعلى شخصيته لأن الشخصية هي نتاج ثقافة الإنسان وتجاربه وما يقرأ ويسمع ويرى.
طبعاً هذه كتب بشرية يبقى تأثيرها محدوداً جداً، ولكن عندما يكون الحديث عن كتاب الله تعالى الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما في نفسه وأعلم بما يصلحه، فإنه من الطبيعي أن نجد في هذا الكتاب العظيم كل المعلومات التي يحتاجها الإنسان في حياته وآخرته. فهو النور وهو الشفاء وهو الهدى، وفيه نجد الماضي والمستقبل، وهو الكتاب الذي قال الله عنه:
“لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ” (فصلت: 42(
ويمكنني أن أؤكد لك أخي الحبيب بأن كل آية تقرأها وتتدبرها وتحفظها يمكن أن تحدث تغييراً في حياتك! فكيف بمن يقرأ القرآن ويحفظه في صدره؟
بلا شك أن تلاوة الآيات وتدبرها والاستماع إليها بخشوع، يعيد بناء شخصية الإنسان من جديد، حيث أن القرآن يحوي القواعد والأسس الثابتة لبناء الشخصية.
وبتركيز بسيط في مدى تأثير القرآن على شخصية الإنسان، بل تأثير آية واحدة منه فقط، مثلا عندما قرأت قوله سبحانه وتعالى:
“وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”(البقرة: 216)
نجد أن هذه الآية تحوي قانوناً محكماً يجلب السعادة لمن يطبقه في حياته.
قبل قراءة هذه الآية يجد المرء حزنا بسبب حدوث خسارة أو مصيبة ما أو يجد شيئاً من الخوف من المستقبل، لأنه يتوقع أمراً سيئاً قد يحدث، أو يمر بلحظات من القلق نتيجة انتظاره لشيء ما يرغب في تحقيقه، وهكذا مجموعة من المظاهر التي تجعل شخصية الانسان قلقة أحياناً.
فبعد تأمل هذه الآية وتدبرها جيداً بل طويلاً، يجد بأن الله تعالى قد قدَّر كل شيء، ولن يحدث شيء إلا بأمره، ولن يختار للناس إلا الخير لأنه يعلم المستقبل، أما البشرية فلا تعلم .
وهكذا تصبح النظرة لكل شيء نظرة متفائلة بدلاً من التشاؤم، يصبح الفرح بكل ما يحدث مع الانسان حتى ولو كان محزناً في الظاهر، وأصبح يتوقع حدوث الخير دائماً ولو أن الحسابات تخالف ذلك.
فالله سبحانه وتعالى كتب علينا كل ما سيحدث معنا، فلماذا الحزن؟
ومادام الله عزوجل موجوداً وقريباً ويرى ويسمع ويتحكم في هذا الكون فلم الخوف أو القلق أو الاكتئاب؟
وبما أن الله عزوجل قد قدَّر علينا هذا الأمر واختاره لنا فلا بدّ أن يكون فيه الخير والنفع والسعادة...
وهكذا تتغير الشخصية تغيراً جذرياً، وتنقلب إلى شخصية متفائلة وسعيدة وتتخلص من مشاكل كثيرة كان من المحتمل أن تحدث لولا أن منَّ الله عزوجل علينا بتدبر هذه الآية وفهمها وتطبيقها في حياتنا العملية.
وخلاصة القول: إن التمسك بالقرآن والمحافظة على تلاوته يؤثر إيجابياً على شخصية الإنسان، ويرفع النظام المناعي لدينا، ويقينا من الأمراض النفسية، ويساعدنا على النجاح واتخاذ القرارات الصائبة، إن القرآن هو طريقنا للإبداع والقيادة والسعادة والنجاح.
قال الامام علي امير المؤمنين عليه السلام :
ليكن كل كلامكم ذكر الله ، وقراءة القرآن ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل : أي الاعمال أفضل عندالله ؟ قال : قراءة القرآن، وأن تموت، ولسانك رطب من ذكرالله .