وكان سبب هذا التدهور العسكري عدم التزام جماعة من جيش المسلمين بقرارات الرسول ، واستعجلوا لجمع الغنائم بعد الانتصار الأولي، حيث كان "خالد بن الوليد"، ينتظر خلف الجبل وقام بحركة التفاف على جيش المسلمين من المؤخرة، وتغيرت كفة الحرب لصالح قريش حتى أنه جرح رسول اللّه ـ وشاع في المعركة أنه قد قُتل.
الموقع الجغرافي
يقع جبل أحد شمال المدينة المنورة على مسافةٍ وقدرها ميل تقريباً. ويعرف هذا الجبل باحمرار تربته، ويعد من أكبر جبال المدينة وأعلاها، حيث يصل ارتفاعه إلى أكثر من 1000 متر عن سطح البحر.
تاريخ الغزوة
وقعت غزوة أحد يوم السبت لسبع ليالٍ خلت من شهر شوال، وقيل لإحدى عشرة ليلة مضت من شهر شوال في السنة الثالثة للهجرة النبوية الشريفة على رأي أكثر المؤرخين.
وقد شذّ من قال في السنة الرابعة للهجرة النبوية.
أسبابها
كانت مكة تحترق غيظاً على المسلمين مما أصابها في معركة بدر من مأساة الهزيمة وقتل الصناديد والأشراف، وكانت تجيش فيها نزعات الانتقام وأخذ الثأر، حتى إن قريشاً كانوا قد منعوا البكاء على قتلاهم في بدر، ومنعوا من الاستعجال في فداء الأسارى حتى لا يتفطن المسلمون مدى مأساتهم وحزنهم.
يذكر ابن إسحاق: أن أهم أسباب هذه الغزوة هي أخذ الثأر والقضاء على المسلمين، فاتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين تشفي غيظها وتروي غلة حقدها، وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة.
وأول ما فعلوه بهذا الصدد أنهم احتجزوا العير التي كان قد نجا بها أبو سفيان والتي كانت سبباً لمعركة بدر، وقالوا للذين كانت فيها أموالهم: "يا معشر قريش، إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأراً". فأجابوا لذلك، فباعوها، وكانت ألف بعير، والمال خمسين ألف دينار، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾.
ومن أهم الأسباب الاقتصادية، أن المسلمين كانوا قد سيطروا على الطرق التجارية المؤدية من مكة المكرمة إلى الشام وإلى العراق سيطرة تامة، ومنعوا قوافل قريش من سلوك هاتين الطريقين؛ فلم يبق أمام قريش إلا التجارة مع الحبشة، وهي تجارة غير رابحة بالنسبة إلى التجارة مع الشام ومع العراق، وبذلك حلّت بتجارة قريش- التي تعتمد عليها في حياتها كل الاعتماد- نكبة قاصمة قاضية.
ما قبل المعركة
تجهيز قريش للمعركة
بعثت قريش رسلها إلى قبائل كنانة وتهامة يستنصرونهم، وبرز أبو سفيان زعيماً لقريش بلا منازع، بعد أن قُتل منافساه "عتبة بن ربيعة الأموي" و"أبو جهل المخزومي".
وخرجت قريش بحدّها وجدّها، وأحابيشها ومن تابعها، وأخرجوا معهم بالظعن خمس عشرة امرأة، فيهن "هند بنت عتبة" زوجة أبي سفيان لئلا يفروا، وليُذكّرنهم قتلى بدر.
وبلغ تعداد جيش المشركين ثلاثة آلاف مقاتل وقيل خمسة آلاف، بينهم سبعمائة دارع، ومئتا فارس على المشهور. وقيل: مئة، ومئة رام، ومعهم ألف -وقيل ثلاثة آلاف- بعير.
وصول الخبر إلى المدينة
يوجد قولان في كيفية وصول الخبر إلى المدينة حول تجهيز قريش لمعركة جديدة:
الأول: أن "العباس بن عبد المطلب" كتب إلى النبي يخبره بمسير قريش، وبكيفية أحوالهم، وبعددهم، مع رجل غفاري، على أن يصل إلى المدينة في ثلاثة أيام، فقدم الغفاري المدينة، وسلم الكتاب إلى النبي ، وهو على باب مسجد قباء فقرأه له "أبي بن كعب"، فأمره ص بالكتمان. كي لا يفسح المجل أمام الحرب النفسية، التي لابد وأن يمارسها اليهود والمنافقين من المسلمين، وليفوت الفرصة عليهم في إعلام قريش بالخطط التي سيتبعها جيش المسلمين في المواجهة.
الثاني: وهو ما ذهب إليه الواقدي: أن نفراً من خزاعة فيهم "عمرو بن سالم" سَرَوا من مكة أربعاً، فوافوا قريشاً، وقد عسكروا بذي طوى، فلما وصلوا المدينة أخبروا رسول الله الخبر، ثم انصرفوا.
مسير جيش المشركين باتجاه المدينة
لما انتهت قريش إلى الأبواء، اقترحت "هند بن عتبة" زوجة أبي سفيان أن ينبشوا قبر أم رسول الله ، لكي يفدي رفات أمه بالمال الكثير. فقام أبا سفيان باستشارة أهل الرأي من قريش، فقالوا: "لا تذكر من هذا شيئاً، فلو فعلنا نبشت بنو بكر وخزاعة موتانا".
وأكملت قريش المسير حتى نزلت بذي الحليفة، وسرحوا إبلهم في زروع المدينة، التي كان المسلمون قد أخلوها من آلة الزرع قبل ذلك. وأرسل النبي ص بعض العيون لمراقبتهم، وأرسل أيضاً "الحباب بن المنذر" سراً لمعرفة عددهم وعدتهم، فرجع إلى رسول الله وأخبره، فأمره النبي بالكتمان.
استشارة النبي ص لأصحابه
يقول المؤرخون: أنه لما اقترب المشركون من المدينة، وانتشر الحراس من المسلمين فيها، وخصوصاً حول مسجد الرسول ، جمع رسول الله أصحابه للتشاور في أمر الجيش والذي لم يواجه المسلمون مثله من قبل عدةً وعتاداً.
ويُذكر أيضاً، أن رسول الله أخبر أصحابه أنه رأى في منامه الشريف، بقراً يذبح، وأن في سيفه ثلمة، وأنه في درع حصينة، فأول البقر: بناسٍ من أصحابه يقتلون. والثلمة: برجلٍ من أهل بيته يقتل. والدرع: بالمدينة.
اختلفت آراء أصحاب رسول الله بين البقاء في المدينة والدفاع عنها، وبين الخروج من المدينة لملاقاة جيش المشركين، محتجين بذلك: "بأن إقامتهم في المدينة ستجعل عدوهم يظن فيهم الجبن". وكان رأي الأكثرية من أصحابه.
فنزل رسول الله على رأي الأكثرية، ودخل إلى منزله ليلبس لامة الحرب. وفي هذه الأثناء أدركهم الندم على إصرارهم على النبي بالخروج، والذي كان رأيه صلى الله عليه وآله وسلم بالبقاء في المدينة. فلما خرج النبي عليهم وهو لابس لامة الحرب وليتوجه مع أصحابه لحرب قريش، قالوا: "يا رسول الله، أمكث كما أمرتنا. فقال : ما ينبغي لنبي أخذ لامة الحرب أن يرجع حتى يقاتل".
ومما أثاره المؤرخون في هذا الصدد: هو هل أن رأي رسول الله بالبقاء في المدينة، وحياً أم رأياً خاصاً؟
يجاب على هذا التساؤل بالقول: لو كان الحكم بالبقاء في المدينة حكماً إلهياً لثبت عليه رسول الله ، أو على الأقل لظل فيها بعد رجوع أصحابه عن إصرارهم بالخروج لملاقاة الأعداء. فرأي النبي ص كان رأياً شخصياً وليس وحياً.
ويبرز الهدف الرئيسي من استشارة رسول الله ص لأصحابه، هو عدم إشعار أتباعه بأنهم مسلوبون الشخصية والفكر والرأي وأنهم مجرد ألة لتنفيذ الأوامر، بل أراد أن يشعرهم أن لهم شخصيتهم وفكرهم المتميز وأنه لا يفكر دونهم. وكذلك لجلب محبتهم وثقتهم وإظهار العطف والليونة معهم، وأنه لا يفرض عليهم الرأي فرضاً.
تجهيز المسلمين للمعركة
بعد استشارة النبي لأصحابه ولبسه لامة الحرب، استخلف على المدينة "ابن أم مكتوم" وعقد الألوية. فأعطى اللواء لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب .
إلا أن البعض قال: عن لواء المهاجرين كان مع علي، وقيل: مع "مصعب بن عمير" .والصحيح أنه كان مع علي في أحد، وبدر، وفي كل مشهد. وكان لواء الأوس مع "أسيد بن حضير"، ولواء الخزرج مع "حباب بن المنذر"، وقيل مع "سعد بن عبادة".
ثم خرج رسول الله من المدينة ومعه: ألف رجل، ويقال: تسعمائة، وقال البعض الآخر: تسعمائة وخمسين، منهم مئة دارع. وليس معهم فرس. وقيل مع النبي ص فرسه، وفرس "لأبي بردة بن نيار"،[34] وقيل كان معهم فرس واحد.
بعد خروج جيش المسلمين من المدينة باتجاه أُحد، رجع "ابن أُبي" بمن معه من المنافقين وأهل الريب، وكانوا ثلاثمائة رجل، وقيل: أن النبي أمرهم بالانصراف، لكفرهم. فبقي مع رسول الله سبعمائة من أصحابه، أو ستمائة.
التعبئة للقتال
لما وصل النبي ص إلى منطقة القتال، اختار أن ينزل إلى جانب جبل أحد، بحيث يكون ظهرهم إلى الجبل. ثم عبأ أصحابه، وصار يسوي صفوفهم، وأمرهم أن لا يقاتلوا أحداً حتى يأمرهم. وكان على يسار المسلمين جبل اسمه "جبل عينين"، وهو جبل على شفير قناة، وكانت فيه ثغرة، فأقام عليها خمسين رجلاً من الرماة، عليهم "عبدالله بن جبير"، وأوصاه أن يردوا الخيل عنهم، وأن لا يبرحوا أمكنتهم في أي حال من الأحوال، سواء النصر أو الهزيمة حتى يرسل لهم. وكان شعار المسلمين يوم أحد: أمت، أمت.
ومن جهة أخرى: فقد عبأ المشركون قواهم استعداداً للحرب، وأرسل أبو سفيان إلى الأنصار: "خلوا بيننا وبين ابن عمنا، فننصرف عنكم، فلا حاجة بنا إلى قتالكم"، فردوا عليه بما يكره.
أحداث المعركة
كان أول من رمى بسهم في صفوف المسلمين "أبو عامر الفاسق" في خمسين ممن معه، بعد أن حاول استمالة قومه من الأوس، فتراموا مع المسلمين ثم ولوا مدبرين.
وحرض أبو سفيان بني عبد الدار، حاملي لواء المشركين على الحرب، وجعل النساء يضربنّ الدفوف، ويحرضنهم بالأشعار. وطلب "طلحة بن أبي طلحة"، حامل لواء المشركين البراز، فبرز إليه علي عليه السلام فقتله.
شنّ رماة المسلمين الذين كانوا في الشعب حملات عديدة لخيل المشركين، حيث رشقوا خيلهم بالنبل، حتى رُدّت على أعقابها.
واقتتل الناس، وحميت الحرب. وحارب المسلمون دفاعاً عن دينهم، وعن وطنهم، ومن ثم شدّ أصحاب رسول الله ص على كتائب المشركين، فجعلوا يضربون وجوههم، حتى انتقضت صفوفهم.
قتل أصحاب اللواء
بعد مقتل "طلحة بن أبي طلحة" قائد لواء المشركين، حمل اللواء أخوه "عثمان بن أبي طلحة"، فقُتل، ثم "أبو سعيد" أخوهما، ثم "مسافع"، ثم "كلاب بن طلحة بن أبي طلحة"، ثم أخوه "الجلاس"، ثم "أرطأة بن شرحبيل"، ثم "شريح بن قانط"، ثم "صواب"، فقتلوا جميعاً، وبقي لواؤهم مطروحاً على الأرض، وهُزموا، حتى أخذته إحدى نسائهم، وهي "عمرة بنت علقمة الحارثية"، فتراجعت قريش إلى لوائها، وقيل: إن أصحاب اللواء بلغوا أحد عشر رجلاً.
وفي روايةٍ عن الإمام "جعفر الصادق" عليه السلام، بعد ذكره قتل أمير المؤمنين علي عليه السلام لأصحاب اللواء: "وانهزم القوم، وطارت مخزوم، فضحها علي عليه السلام يومئذٍ".
نصر المسلمين
تفرقت كتائب المشركين بعد مقتل أصحاب اللواء، وانتكست رايتهم، وصار أصحاب الثغرة يرمونهم بالنبال، واقتتل الناس قتالاً شديداً، وأنزل الله نصره على المسلمين وكانت الهزيمة للمشركين.
واتبعهم المسلمون، يضعون السيف منهم حيث شاؤوا، حتى أجهضوهم، ووقعوا ينتهبون العسكر، ويأخذون ما فيه من الغنائم. وشوهدت هند وصواحبها منهزمات، وما دون أخذهن شيء لمن أراده.
هزيمة المسلمين بعد نصرهم
عندما رأى أصحاب الثغرة المشركين يهربون، وأن المسلمين يغتنمون، اختلفوا فيما بينهم، فترك بعضهم الثغرة ونزل لأجل الغنيمة خشية أن لا يحظوا بشيء منها.
فلما رأى "خالد بن الوليد" قلة الجنود على الثغرة، وأن ظهورهم أصبحت خالية، وخلاء الجبل، صاح في خيله، فمر بهم، وتبعه عكرمة في جماعة، فحملوا على من بقي في الثغرة، فقتلوهم جميعاً، ثم حملوا على المسلمين من خلفهم. ورأت قريش المنهزمة عودة رجالها للحرب، ورفعت الحارثية لواءهم الذي كان ملقى على الأرض، فعادوا للحرب من جديد.
لم يتمكن المسلمون من مقاومة هذه الحملة الضارية، خصوصاً بعد أن تفرقت صفوفهم، وهم في طلب المغانم، فضاعوا بين أعداءهم، وكان همُ كل واحدٍ منهم ان ينجو بنفسه. ووصل العدو إلى رسول الله ص، وقيل: أنه شُجّ في وجهه، وكُلٍمت شفته، ودُث بالحجارة حتى وقع.
وكان رسول الله ص يدعو أصحابه بأسمائهم، وهم يصعدون ولا يلوون، ولا يعرج عليه أحد، والنبل تأتيه من كل ناحية، واستمروا في هزيمتهم حتى الجبل، وبعضهم استمر في هزيمته لثلاثة أيام.
ولا صحة لقول أن رسول الله ص قد ترك موضعه وتراجع حتى بلغ الغار الذي في جبل أُحد، والدليل على ذلك: ما نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يتزحزح من موقفه، ولم يتراجع قيد شعرة.
وفي ظل اشتداد القتال، وهروب أصحاب الرسول ص، كان " وحشي بن حرب" يراقب "حمزة بن عبد المطلب" عم رسول الله ص، من خلف شجرةٍ أو حجر، فأتاه من ورائه، فدفع عليه حربته، فأصابته، فأقبل حمزة نحوه، فغلب، فوقع، فلما استشهد، جاءه وحشي وأخذ حربته.
وبعد استشهاده، أتت "هند بنت عتبة"، فمثلت به، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه ومذاكيره، ثم جعلت ذلك كالسوار في يدها، وقلائد في عنقها، وبقرت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تستغيثها.
دفاع علي (ع) عن الرسول (ص)
حين انهزم وفرّ الناس، غضب رسول الله صلى الله عليه وآله، ونظر إلى جنبه، فإذا بأمير المؤمنين علي عليه السلام، فقال له: "ما لك لم تلحق ببني أبيك؟!. فقال له علي عليه السلام: يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة".
وأصبح أمير المؤمنين علي عليه السلام يذوب في الدفاع عن النبي ص، ويفرق كتائب المشركين التي كانت تقصدهم لكي تنال من رسول الله ص. حتى لم يعد من تلك الكتائب أي أحد.
وقد أصيب عليه السلام بجراحٍ كثيرة، قيل أنها نيف وستون جراحة، من طعنة ورمية وضربة. فجعل رسول الله ص يمسحها وهي تلتئم كأن لم تكن.
فنزل جبرائيل عليه السلام، فقال: " يا محمد، إن هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى! فقال ص: وما يمنعه، وهو مني وأنا منه؟! فقال جبرائيل: وأنا منكما". ثم سمع منادٍ من السماء:
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
فُسئل رسول الله ص عنه، فقال: هذا جبرائيل.
عودة المسلمين للقتال
بلغ الناس الذين هربوا من المعركة واستقروا على الجبل، أن رسول الله ص قد قتل، فحاول بعض المنافقين التأثير عليهم للعودة إلى دين الكفر، وبعضهم حاول اقناعهم بالاستسلام وأخذ الأمان قريش.
ثم أبشر "كعب بن مالك" المسلمين بأن النبي ص على قيد الحياة، فبدأوا يفيئونه زرافات، يذرهم ويحضّهم على القتال، وحرص أن يرجع بهم إلى مراكزهم الأولى، لأن ذلك سوف يجعل الجبل من خلفهم. فأبلوا على قلة عددهم بلاءً حسناً. وبقي بعض الذين كانوا على الجبل في أماكنهم لم يبرحوها ولم يتركوها.
انتهاء المعركة
بعد أن استجمع ثلة من المسلمين قوتهم، والتفوا حول النبي ص، اتجهوا إلى جبل أحد، واستقروا في سفحه، ولم يجاوزوه، فأرعب ذلك المشركين، لما رأوه من عودة المسلمين إلى مراكزهم الأولى، وتجميع صفوفهم، وارتفاع معنوياتهم من جديد. وإن كان لا يزال البعض منهم فوق الجبل، فخاف المشركون أن ينال المسلمون منهم من جديد، ويفعلوا بهم كما فعلوا في بداية الحرب، ففضلوا إنهاء الحرب، والانسحاب بسلام، وهكذا كان. وحينئذٍ أعلن أبو سفيان انتهاء المعركة.
فأشرف على الجبل، ونادى بأعلى صوته: "أعل هبل". فأجابه النبي ص، وقيل أنه صلى الله عليه وآله علّم علي عليه السلام فأجابه: "الله أعلى وأجل".
بعد ذلك أرسل رسول الله ص علياً عليه السلام في آثار جيش قريش، لينظر، فإن كانوا قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل، فهم يريدون مكة، وإن كان العكس، فهم يريدون المدينة، فذهب عليه السلام وعاد، فأخبره بأنهم امتطوا الإبل.
الصلاة على الشهداء ودفنهم
مكان دفن شهداء أحد
روى البعض أن النبي ص لم يصلّ على شهداء أحد، بخلاف ما يروي بعض أئمة الحديث. والثابت والصحيح عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد صلى عليهم ولم يغسلهم.
وقد كبّر رسول الله ص على حمزة سبعاً أو سبعين تكبيرة، وبعد ذلك كفنه وحنّطه، لأنه كان قد جُرد من ثيابه، وباقي الشهداء لم يكفنوا باعتبار أن الشهيد لا يكفن في الإسلام.[
وأمرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدفن الشهداء في الأماكن التي استشهدوا بها.
عدد شهداء أحد
بلغ عدد شهداء غزوة أحد من المسلمين سبعين شهيداً، أربعة من المهاجرين، والباقي من الأنصار. ويلاحظ من هذا أن أكثر الشهداء كانوا من الأنصار.
عدد قتلى المشركين
يقال أن عدد قتلى المشركين في معركة أحد بلغ ثمانية عشر رجلاً، وقيل: اثنان أو ثلاثة وعشرون، وقيل: ثمانية وعشرون. وقيل أكثر من ذلك، لأن حمزة قد قتل لوحده منهم واحداً وثلاثين رجلاً.
غزوة أحد في القرآن الكريم
لقد أشار القرآن الكريم، في سورة آل عمران إلى العديد من الآيات التي نزلت في "غزوة أحد". منها في أحداث المعركة، ومنها ما بعد المعركة. وهذه الآيات تبدأ من الآية "121"، وتنتهي بالآية "179".