إنَّ بناء هذه الآلات معقَدٌ ودقيقٌ بالقدر الذي يُمكن أن يكون شرح كلٍّ منها موضوعاً لعلمٍ مستقلٍ ، وقد دوِّنت كتبٌ كثيرة بهذا الخصوص حيث تُعتبر في الحقيقةِ مجموعةً من أسرار التوحيد ، ودروس ، وبلاغات ونغمات لمعرفة اللَّه تُردُدها هذه الأعضاء في مسامع روح الإنسان ، فمن غير الممكن أن يتأملَ المرءُ في بناء هذه الأعضاء ولا يخضع اجلالًا امام قدرة وعظمة خالقها ، سواء اعترف بلسانه أم لا.
بهذا التمهيد نُيممُ وجوهنا صوب القرآن الكريم ونتأمل خاشعين في الآيات التالية :
1- {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ والافْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. (النحل/ 78)
2- {وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفئِدةَ قَلِيْلًا مَّا تَشْكُرُونَ} (المؤمنون/ 78)
3- {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّماءِ وَالأَرضِ أَمَّنْ يَملِكُ السَّمْعَ وَالأَبصَارَ .... وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ افَلَا تَتَّقُونَ}. (يونس/ 31)
4- {أَلَم نَجْعَلْ لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وشَفَتَيْنِ}. (البلد 8 و9)
5- {قُلْ أَرأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوْبِكُمْ مَّنْ الهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأتِيْكُمْ بِهِ أنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُوْنَ}. (الانعام/ 46 )
6- {سَنُرِيْهِمْ آيَاتِنَا فِى الآفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّىَ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت/ 53)
شرح المفردات :
«السَّمْع» : تعني في الأصل قوّة السَّمع ، وقد تطلق على الأذن أيضاً ، وقد وَردَ هذا اللفظ بمعنى الاستماع ، واستجابة الدعوة والقبول والتجسس أيضاً ، وإذا ما استخدمت في ما يخص الباري تعالى فهي تعني علمه واطلاعه على المسموعات ، و«اسماع» جمع «سمع» إلّا أنَّ هذا اللفظ لم يُستخدم في القرآن الكريم اطلاقاً ، ولعلّه بسبب أنّ «السمع» تستعملُ في معنى الجمع أيضاً «1».
«بَصَرْ» : وتعني (العين) وتستخدمُ أيضاً بمعنى «قوة النظر» ، ويُستعمل هذا اللفظ في معنى قوة العقل والفهم أيضاً ، فيقال لها «بصر» و«بصيرة» (جمع بصر ، «ابصار» وجمع بصيرة «بصائر»).
إلّا أنَّ لفظ بصيرة لا يُطلقُ على العين أبداً ، بل يُقال لها «بَصَرْ» والعجيب أنَّ لفظ البصير يُطلقُ أحياناً على المكفوفين ، ولكن يظهرُ أنّ هذا الاستعمال ليس بسبب علاقة التضاد ، بل لأنَّ المكفوفين غالباً ما يتميزون بقوة إدراكٍ فائقة ، ويتلافون فقدانهم لقوة البصر بقوة التفكير والبصيرة «2».
واعتبر بعضُ أرباب اللغة كمؤلف «المصباح» أنَّ المعنى الأصلي ل «بَصَر» هو النور الذي نتمكن من خلاله من رؤية الموجودات ، وفي «المقاييس» ذُكر لها معنيان : الأول الاطلاق على الشيء ، والثاني ضخامة وسمك الشيء ، ولكن يبدو أنَّ المعنى الأول والذي أوردَهُ الراغب في المفردات أيضاً أكثر صواباً وتناسباً مع موارد هذا اللفظ.
و «افئدة» : جمع «فؤاد» من مادة «فَأد» (على وزن وَعد) وتعني في الأصل «الشوي» ، لذا يُقال «فؤاد» للأفكار والعقول الناضجة ، وقد يأتي هذا اللفظ بمعنى القلب ، أو غلاف القلب أيضاً ، وقال بعضهم أيضاً أنَّ هذا اللفظ يطلق على القلب والعقل حينما يكون متنوراً ومشرقاً ، وقال بعضهم إنَ «فؤاد» تعني مركز القلب يُطلقُ على مجموعهِ.
و «العَيْن» : ذات معانٍ كثيرة والمعروف أنَّ لهذا اللفظ سبعين معنىً في لغة العرب.
إلّا أنَّ المعنى الاصلي ل «العين» هو العضو الخاص بالنظر ، وقد يأتي أيضاً بمعنى قوة البصر.
ولكن لها معانٍ كنائية ومجازية كثيرة برزت على هيئة معانٍ حقيقية نتيجة لكثرة الاستعمال ، فمثلًا يقال للينبوع «عين» لأنَّه يشبه العين ، ويقال للجاسوس والمكلف بالتجسس والاستطلاع «عين» أيضاً ، كما يُطلقُ هذا اللفظ على ذوي المكانة وعلى الشمس والذهب أيضاً لأنَّ الذهبَ من بين الفلزات كالعين بين الأعضاء ، وكذلك «الشمس» بين النجوم ، وكالمرموقين من بين أبناء قومهم ، كما يُطلقُ هذا اللفظ أيضاً على الثروة والمتاع الذي يمكن الاستفادة منه ، وثقب الحلقة ، والبصيرة والاطلاع على الشيء كلٌّ في محلِّه ، وسُمِّيت الحور العين بهذا الاسم لأنّها ذات عيونٍ جميلةٍ وواسعة.
و «اللسان» : تعني عضو التكلُّم ، ووردت أيضاً بمعنى قوة البيان ، وتُطلقُ أيضاً ككنايةٍ على الأشخاص المتكلمين نيابة عن جماعة ما ، كما يُقال ل «ألْسِنة» (جمع لسان) أيضاً ، ويُستخدم هذا اللفظ بصيغة المذكَّر والمؤنث إلّا أنّه جاء في القرآن الكريم بصيغة المذكر.
و «شَفَة» : على وزن (سَعَة) وتستخدم بصيغة التثنية «شفتان» «3».
ومفهوم «مشافهة» يعني مقابلة الشخص والاستماع إلى شيءٍ ما من شفتيه ، وورد هذا اللفظ بمعنى شاطيء «النهر» وساحل «البحر» لأنَّه شفة له.
الدور الحساس لآلات المعرفة :
يقول في الآية الاولى كتعريفٍ بالذات الإلهيّة المقدّسة وبيانٍ لآياته في خلقِ الإنسان :
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ امَّهاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً
إنَّ هذا التعبير يُبيِّنُ بجلاء أنَّ صفحة القلب تخلو من جميع المعارف عند الولادة ، إلّا أنّ بعض المفسِّرين قالوا إنَّ المقصود ليس العلم الحضوري للإنسان بذاته ، أو بتعبير آخر إنّ المقصود هو العلم بالأشياء الخارجية ، وذكروا ذلك كشاهدٍ في قوله تعالى : {وَمِنْكُمْ مَّنْ يُرَدُّ إِلىَ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَىْ لَا يَعْلَمَ بَعدَ عِلْمٍ شَيْئاً} (النحل/ 70)
والانسان في سنِ الشيخوخة يعلمُ بوجوده إلّا انَّه يُحتملُ جهلِ الوليد بوجوده في بداية الولادة وأول ما يُدركه هو وجوده.
ثم يضيفُ : وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلكُمْ تَشْكُرُونَ.
لقد جعلَ اللَّه العينَ والاذنَ كي يُدركا المحسوسات ، والعقل لإدراك المعقولات ، وتَطّلعون على العالم الخارجي من خلال وسائل المعرفة الثلاث هذه ، ثمَّ تقومون بشكر هذه النِّعم وتتوجهون قبل كلِّ شيء لمعرفة ذلك الخالق الذي منحكُم وسائل العلم والمعرفة.
ولإدراك أهميّة العين والاذن والعقل يكفي تصور الحالة التي تتمخض عن فقدان أحدهما (فضلًا عن كليهما) ، فما هو حال مكفوف البصر ، أو الأخرس أو المجنون أو جميعهم؟ وكم ينأى عن مواهب هذا العالم العظيم؟ وقبل كلِّ شيءً يفقد موهبة العلم والاطلاع التي هي أفضل المواهب ومقدمةٌ للتَنعُمِ بالمواهب الاخرى.
وقال بعضهم إنَّ المقصود من «شيئاً» في الآية أعلاه هو حق المنعم ، وقال بعض آخر : إنّ المقصود هو مصالحه ، وفسَّرها قسمٌ منهم على أنّها السعادة والشقاء ، أو الميثاق الإلهي في يوم : «ألستُ بربِّكم» ، إلّا أنّ اطلاقَ الآية ينفي كلَّ اشكال التقييد فتشمل كلَّ شيء.
وهنا لماذا تقدَّمَ «السَّمع» على «الأبصار» ؟ فلعل ذلك يرجعُ إلى استخدام الاذن قبل العين ، لأنَّ العينَ لم تكن لديها القابلية على الرؤية في محيط رحم الام الذي يسودُه ظلامٌ
مطبقٌ ، وتكون حساسة جدّاً ازاء النور إلى حينٍ بعد الولادة ، لذلك فهي غالباً ما تكون مغمضة ، حتى تستعد تدريجاً لمواجهة النور ، إلّا أنَّ الاذن ليست كذلك فباعتقاد بعضهم أنّها تسمعُ الأصوات في عالم الجنين أيضاً ، وتتعرفُ على انغامِ قلب الأُم ! .
بالأضافة إلى أنَّ الاذن تعتبرُ وسيلةً لسماع رسالة الوحي الإلهي الذي هو أشرف المسموعات ، وكذلك وسيلة عامة لنقل العلوم من جيلٍ إلى جيلٍ آخر ، بينما ليست العينُ كذلك ، لا شكَّ أنَّ القراءة والكتابة وسيلةً لنقل العلوم إلّا أنّها ليست عامة وشاملة.
وجعلُ «الافئدة» وراءهما واضحُ الدليل أيضاً ، لأنَّ البَشر ينقلون المشاهدات والمسموعات إلى العقل ، ومن ثمَّ يقوم بتحليلها وتفكيكها وينتقي منها معلومات حديثة ويكتشف القوانين العامة للعالم «4».
وفي الآية الثانية يتابع الحقيقة التي وردت في الآية الآنفة ، وأشار إلى مسألة خلق الاذن والعين والقلب ، من أجل معرفة اللَّه ، مثيراً في الإنسان الشعور بالشكر الذي هو السُلَّم لمعرفة اللَّه تعالى ، مع هذا الاختلاف حيث يُعبَرُ عن خلق هذه الأعضاء بتعبير «انشاء» وفي الختام يوجِّهُ اللومّ والتأنيب لأولئك الذين قليلًا ما يشكرون اللَّه ، فيقول : وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيْلًا مَّا تَشْكُروُنَ.
و«الإنشاء» : كما يقول الراغب تعني في الأصل إيجاد الشيء وانمائهِ ، ولهذا يقال «ناشئة» للشباب.
إنَّ التعبير بإنشاء غالباً ما يخص الحيوانات ، بالرغم من استخدامها أحياناً في غير هذا المورد مثل : {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} (الواقعة/ 72)
ومن الممكن أن يكون هذا التعبير في الآية أعلاه إشارة إلى المسيرة التكاملية للعين والاذن والعقل خلال مرحلة الجنين ثم في مرحلة الطفولة ، حيث أَوْجَدَها الباري تعالى ثم يقوم بتربيتها.
ويقول في الآية الثالثة «كاستفهام تقريري» من المشركين الذين انفصلوا عن اللَّه وضلِّوا في وادي عبودية الأوثان : قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَملِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ.
منَ المسلَّم به أنَّ الأرزاق التي يحصل عليها الإنسان إمّا أنْ تكون من السماء (كالأمطار والهواء وضوء الشمس) أو من الأرض (كالنباتات والأشجار والمعادن المختلفة) فكذلك العلوم والمعارف فغالباً ما يحصل عليها الإنسان عن طريق العين والاذن ، لأنَّ هاتين الحاستين المهمتين تُعتبران وسيلةَ اتصالِ الإنسان بالعالم الخارجي ، وكلُّ هذه الأرزاق الماديّة والمعنوية من اللَّه تبارك وتعالى.
واللطيف أنّه عبَّر هنا بتعبير المالكية ، وبِما أنَّ المالكية هنا تكوينية فانها لن تنفصل عن مسألة «الخلق» وفي الحقيقة أصبح هذا التعبير من لوازمه ، وكذلك لن تكون منفصلةً عن مسألة «تدبير الامور» لذا يقول مستفسراً في نهاية الآية : {ومَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ} «5».
فيضيف مباشرة : «أنّهم وبالهام من وحي فطرتهم يقولون بسرعةٍ : إنَّ اللَّه هو مالك وخالق ومدِّبرُ هذه الامور» فَسَيَقُوْلُونَ اللَّهُ.
فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ.
أي ترك عبادة الأوثان والتوجه إلى غير اللَّه ، والابتعاد عن الذنوب والظلم.
ويقول في الآية الرابعة ضمن إشارته إلى جانب من نِعَمِ اللَّهِ على الإنسان لتحريك الاحساس بالشكر الذي هو مقدمة لـ «معرفة اللَّه» : أَلَمْ نَجْعَلْ لَّهُ عَيْنَيْنِ.
العينان اللتان يتمكن من خلالهما أنْ يرى عالم الوجود ، وأن يشاهد عجائب الخلق ، وأن ينظر إلى الشمس والقمر والنجوم وأنواع النباتات وأنواع الموجودات الحيّة والحيوانات ، وأنْ يتفرجَ على عجائب صُنعِ اللَّه ، وأن يُميزَ الخير من الشر ، ويُشَخصَ الصديقَ من العدو ، وأن ينقذَ نفسَهُ من مخالب الحوادث.
ثم يضيف وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ.
اللسان الذي يُمثلُ وسيلةَ اتصالهِ بالآخرين ، اللسان الذي يعتبرُ عاملًا في نقل العلوم والمعارف من جيل إلى آخر ومن قومٍ إلى آخرين ، اللسان الذي يردد ما يحتاجه ، وبه يدعو ويتوسل إلى المعبود جلَّ وعلا ، وهو الذي ينطق عن جميع ذرات وجوده.
وكذلك الشفاه التي تلعبُ دوراً مهماً في النطق ، وتتحمَّلُ مسؤولية تلفظ كثير من مخارج الحروف «6» بالإضافة إلى مساعدتها في شرب الماء واكل الطعام وهضمه والحفاظ على سوائل الفم ، بنحوٍ لو جُدعَ جانبٌ من الشفة فلن تصبح هذه الامور صعبةً بالنسبة للإنسان فحسب ، بل وسيكون منظرهُ وصورته باعثاً على الحسرة.
واللطيف أنّ القرآن يتحدث بعد هاتين الآيتين عن هداية الإنسان إلى الخير و(الشر) ، قائلًا : وَهَدَيْناهُ النَّجدَيْنِ.
إنَّ هذا التعبير البليغ يشيرُ إلى علاقة العين واللسان والشفاه بمسألة الهداية ومعرفة الخير والشر ، لأنّها تُعتبر آلاتٍ لهذا الهدف العظيم.
وفي الآية الخامسة يُلفتُ الانتباه إلى الحالة التي تحصل لدى الإنسان بسبب فقدانهِ للاذنِ والعين والعقل ، فيقول : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيْكُمْ بِهِ} «7».
ثم يضيف في نهاية الآية : {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} «8».
وفي الحقيقةِ أنَّ القرآن يريد أن يقول : إنَّ آلات المعرفة المهمّة تلك ليست ملكاً لكم لأنّها لو كانت كذلك لما سُلبت منكم فليس بالقليل اولئك الذين فقدوا نعمة السمع والبصر والعقل نتيجة لتأثير عوامل مختلفة ، اذن فهي ملك لخالقٍ آخر ، هذا من جهة.
ومن جهة اخرى ، بما أنَّ الأشياء تعرف بأضدادها فانَّ القرآن يريد أن يلفتَ نظرَ الإنسان إلى عظمة الخالق وواهب هذه النعم ، من خلال تذكيره بالوضع المؤلم الذي يطرأ للإنسان بسبب فقدان هذه النِّعم التي لا مثيل لها ، ويرشده عن هذا الطريق ويُحفزهُ إلى الخضوع أمام عظمته تعالى.
ويمكن أن يكون التعبير ب «أخذ» الاذن والعين بمعنى أخذ هذه الاعضاء ، أو أخذ قوة السمع والبصر أو كليهما.
وفي الآية الأخيرة من البحث التي تعتبر من آيات التوحيد ومعرفة اللَّه يُسلطُ الانظارَ على آياته قاطبةً في عالم الخلق بأسرِه ، فيقول : سَنُرِيْهِمْ آياتِنَا فِى الآفاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.
«آفاق» : جمع «افُق» وتعني الأطراف ، وعليه فانَ «آفاق الأرض» تعني أطراف الأرض ، و«آفاق السماء» تعني أطراف السماء ، وبما أنّها ذُكرت في آية البحث بشكلٍ مطلق ، فهي تشمل كل الأطراف شمالًا وجنوباً وشرقاً وغرباً.
و «أَنْفُس» : لها هنا معنىً واسع حيث تتضمن الروح والجسم أيضاً ، وجميع اعضاء الجسم التي هي موضوع بحثنا.
وهنا إلى من يعود الضمير في «أَنَّهُ الحَقُّ»؟ قال بعض المفسِّرين : المقصود هو القرآن ، والمقصود من آيات الآفاق الانتصارات التي حققها المسلمون في أطراف العالم ، والمقصود من آيات الانفس ، انتصاراتُهم في بلاد العرب أي اننا نُريهم الانتصارات في أطراف العالم وفي بلاد العرب كي يعلموا أنَّ القرآن حقٌ.
وقال بعضهم : المقصود هو «رسول اللَّه» صلى الله عليه وآله أو دينه ، حيث لا يتفاوت كثيراً مع التفسير الأول.
لكن الظاهر هو (كما فهمهُ عددٌ من المفسِّرين) أنَّ المقصود هو اللَّه ، أي أننا نُريهم آيات الآفاق والأنفس كي يتجلّى لهم أنَّ اللَّه هو الحق.
يُعدّ التعبير ب «آياتٍ» من جانبٍ ، والتعبير ب «الآفاق والانفس» من جانبٍ آخر بالإضافة إلى الآية التي تليها والتي تتحدث عن التوحيد شواهد على هذا التفسير ، علماً أنَّ هذه الآية تتوافق مع عدة آيات في القرآن الكريم التي تعرضُ آياتِ اللَّه في عرضِ الخلق ووجود الإنسان ، مثل : {وَفِى الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِيْنَ * وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الذاريات/ 20- 21)
وقد ذُكر هذا المعنى أيضاً في تفسير على بن إبراهيم ، على الرغم من أنَّ بعض الروايات ذكرت أنَّ ضمير ، (أنّه) يقصُد به الإمام المهدي «عج» ولكن الظاهر أنّه تفسيرٌ لبطون الآيات (والجمع بين التفاسير ممكن أيضاً) ، على أيةِ حالٍ ... ففي أيٍّ منها تمعنّا نرى من خلاله آثار علمه وقدرته تعالى ، وكلُّ نباتٍ ينبتُ من الأرض ينطق بنفسه ب «لا شريك له» و«قلب كلِّ ذرة نفتحهُ- نرى شمسَهُ في وسطهِ».
والتعبير ب «سنُريهم» (نظراً لأنَّ الفعل المضارع في مثل هذه الموارد يعني الاستمرارية)
يُعتبر إشارة لطيفة إلى هذه الحقيقة وهي أنَّ كلَّ يومٍ يمُرُّ من عمر الإنسان تنكشفُ له حقائق جديدة عن هذا العالم ، وتتجلى أسرارٌ خافية ، ففي كلِّ يومٍ يتوصل العلماء في مختبراتهم ومكتباتهم إلى اكتشافٍ حديث ، وتتضح آيات جديدة من آيات اللَّه ، ومن المسلَّم به أنَّ هذه المسألة ستستمر حتى لو انقضت ملايين السنين من عمر الخليقةِ ، فكم هو عجيب عالَم الخلق الواسع ، وكم عظيم خالقُه ؟
ومِنْ ثمَّ فاننا لا نعلمُ شيئاً عن مليارات السنين السابقة وما تلاها ، وليس لدينا أدنى اطلاع عن هذا الكتاب العتيق الذي فُقد فصلاه (الأول والأخير) وكلُ ما نعلمُه هو نزرٌ يسيرٌ يتعلقُ بجانبٍ من هذا العالم الواسع وفصل من هذا الكتاب الكبير : العظمة للَّه الواحد القهار.
نستنتجُ من مجموع ما مضى من الآيات أنَّ كلَّ عضوٍ من اعضاء جسمِ الإنسان ، بل كلَّ جزءٍ منها ، يعتبرُ مرآةً واضحةً للحق تعالى ، وآيةً مستقلةً وجليةً من علم وقدرةِ وحكمة وتدبير خالق الكون.
توضيحان
1- عجائب أعضاء الجسم
لو لم يكن في كلِّ الكَونِ موجودٌ سوى الإنسان ، ولم يكن في جميع كيان هذا الإنسان شىءٌ سوى عينٍ أو أُذُنٍ واحدة ، لصار ذلك سبباً لمعرفة الذات الإلهيّة المقدّسة وعلمهِ وقدرته ، لأنَّ بناءها دقيق ومعقّدٌ ومحبوكٌ بقدر لا يصدقُ أيُّ عقلٍ أنّها مِنْ صنعِ الصدفةِ أو الطبيعةِ العمياء والصمّاء ، بل نواجه في كلِّ مرحلةٍ من دراستها ، آيةً جديدةً من علم وقدرة ذلك الصانعِ الحكيم.
فمن بين مئات الخصائص ومن خلال الدقّة في حاسة البصر ، أي العين ، يكفينا ذكر المواضع الآتية كي نعرف الغرابة المذهلة في هذا العضو :
1- العدسة المتغيِّرة : من المعروف أنَّ العينَ تُشبَّهُ بآلة التصوير ، بينما لا تصل أحدث آلات التصوير في العالم انْ تكون كأُلعوبةٍ أمام عين الإنسان ، لأنّها تحتوي على عدسة ثابتةٍ ، حيث يجب أنْ تُنظَّمَ وتُدارَ مِنْ قبل مصورٍ باستمرار من أجل التقاط الصور من عدة جهات ، إلّا أنَّ عدسةَ العينِ الواقعة خلف إنسان العين مباشرة ، تتغير دائماً بشكلٍ آلي ، فقد يتقلص قطرها أحياناً فيبلغ 5/ 1 ملميتر وأحياناً يتّسع حيث يبلغ 8 ملمترات فيسمح لها بالتقاط الصور من مناظر بعيدة وقريبةٍ جدّاً.
2- طبقات العين السبع : إنَّ العينَ تتألفَ أساساً من سبعةِ حجُب أو سبع طبقات وتُسمى «الصلبية» و«العِنَبية» و«المشيمية» و«الجليدية» و«الزُلالية» و«الزُّجاجية» و«الشَبكيّة» ، حيث لكل منها بناؤها الخاص بها وواجبها الذي تتحمله ، وشرحها يجرُّنا إلى الاطالة ، فيكفينا أن نعلمَ أنَّ اقَلَّ اختلاف فيها يؤدّي إلى اختلال النظر ، طبعاً تكمنُ خلف «الشبكية» أعصاب بصرية تنقل الصور التي تقع على الشبكية إلى الدماغ.
3- الحساسية ازاء الضوء : إنَّ تنظيم النور بالنسبة للمصورين يعتبر عملًا شاقاً ، وكثيراً ما تُكلَّفُ مجموعةٌ متخصصة بهذا العمل ، بينما تستطيع العين من خلال تغيير حساسيتها ازاء شدة الضوء أن تلتقط الصورَ من مناظر مختلفةٍ وفي نورٍ ضعيفٍ أو قويٍّ جدّاً.
4- الحركة المستمرة : إنَّ المصوّرين يديرون اجهزتهم باستمرار نحو اليمين واليسار وإلى الأعلى والأسفل ، ويستخدمون مختلف الآلات لهذا العمل ، بينما نجد أنَّ العضلات التي تحيط بكرة العين تُدير هذا الجهاز بحركةٍ خاطفة إلى الجهات الأربع بشكلٍ كاملٍ ، وتضاعف قدرة المناورة لديها للتصوير في جميع الجهات.
5- المركبات البسيطة والدقيقة : فمن أجل إعداد أجهزة التصوير يستفادُ من أقوى العدسات والفلزات ، بينما تم صنعُ العين من مواد لطيفةٍ وفي نفس الوقت قد تستمر في العمل مائة عامٍ لأنّها جهاز حي يستطيع بناء نفسه وتجديد قواه باستمرار ، بينما تعتبر الأجهزة التي يصنعها البشر اجهزةً ميتة !
6- اعداد شريط التصوير : يعتبر اعداد شريط التصوير بالنسبة لأجهزة التصوير عملًا
صعباً ويجب استعمال حلقاتٍ متباينة باستمرار من أجل التصوير ، بينما تصوِّرُ شبكيةُ العين ذاتياً على الدوام ، وبعد انتقاله وحفظِه في الدماغ يُمحا وتستعد لتصوير منظرٍ آخر ، ويُنجزُ هذا العمل بسرعةٍ عجيبةٍ ومدهشةٍ للغاية ، علماً أنَّ مسألة اخراج شريط التصوير التي تعتبر عملًا شاقاً ومستهلكاً للوقت لم تُطرح هنا.
7- الأجهزة الجانبية : من أجل أنْ تقومَ العين بإنجاز واجباتها فقد جُهزت بالكثير من اللوازم التي يعتبر كلٌ منها مدهشاً أيضاً.
إنَّ وجودَ الغدد «الفوّارة» التي تَصبُّ السائل الخاص والشفّاف بشكلٍ دائمٍ في العين ، ويَسمح للأجفان أن تتحرك فوق فص العين بدونِ أقَّل تماسٍ خشنٍ ، وتسوق فضلات الماء الموجودة في أسفلها إلى الخارج ، فينحدر إلى بؤبؤ العين ، وللأجفان ردود فعل سريعة مقابل الحوادث المختلفة حيث تحافظ على العين من الصدمات ، وهجوم التراب والغبار ، أو الضوء الشديد ، وبناء «الأهداب» التي هي بمنزلة ستائر تسمح للعين بالاستنارة قليلًا مع كون العين مفتوحة وتحفظها من دخول الغبار والتراب ، واستقرار العين في صندوقٍ عظمي قويٍّ جدّاً كالقلعةِ المنيعة ، ووضع هذا الصندوق في مكانٍ مرتفعٍ من الجسم حيث يسمح لها أن ترى جوانبها كالراصد الذي يتمركز في المرصد ، ووجود الحواجب التي تُمثلُ درعاً لحمايتها ، وامور جمَّة اخرى حيث لكلٍّ منها قصةٌ لطيفةٌ ومدهشةٌ وغنية بالمعاني.
لو جمعنا كلَّ هذه الامور وتمعّنا فيها قليلًا فمن المسلَّم به اننا سنذعنُ أنَّ صانعَ العين كانَ مطلعاً على جميع الأنظمة المتعلقة بالعدسات ، وانعكاس الضوء ، ومسائل اخرى معقّدة من هذا القبيل ، وخلقَ مثل هذا الموجود العجيب بعلمه وقدرته الأزلية.
2- اللسان ، هذا العضو المحترف !
إنّ من بين الأعضاء التي تمت الإشارة إليها في الآيات المذكورة هو اللسان ، الذي يعتبر بحقٍ من عجائب خلق اللَّه ، ولو كان لهذا اللسان لسانُ ينطقُ عنه ، لشَرحَ لنا ما فيه من عجائب ، حينها يتضح لنا لماذا استند إليه القرآن الكريم.
لو القينا نظرةً قصيرةً على واجبات ومسؤوليات اللسان ، لأظهرت لنا جانباً من هذه الحقائق ، وإجمالًا فلّلسان ستة واجبات أساسية هي :
1- دور اللسان في هضم الطعام : لولا اللسان لما تمت عملية هضم الغذاء بشكل كامل ، ولبقي قسم من الغذاء غير مهضوم ، وسوف نضطر إلى تحريك الأكل بأصابعنا لتتم عملية مضغه بواسطة الأسنان فاللسان يُقلب الطعام باستمرار من ثلاث جهات بين الأسنان بحركاته السريعة الماهرة ، دون أنْ يبقى في وسطها! أجل قد يصيبُهُ التعبُ والعجزُ أحياناً فتَقتنصه الأسنان فيُصاب بشدّة ، وكأنَّ اللَّه يريد أنّ يثبت لنا بأنّ اللسان لو لم يمنح تلك المهارة الفائقة لتكرر هذا المشهد يومياً ولتعرض اللسان للجرح دائماً.
2- خلط الطعام بلعاب الفم : اللعاب هو ذلك السائل اللزج الذي يعمل على ترقيق وانزلاق الطعام وإعداده للبلع ، من جهة ، ومن جهة اخرى يجري عليه تفاعلات كيميائية خاصة ، ويُعدّه للبلع والهضم ، فاللسان هو الذي يتكفل بمسؤولية مزجه بهذا السائل الحيوي.
3- المساعدة في ابتلاع الطعام والماء : إنَّ اللسانَ يلعبُ دوراً أساسياً في نفوذ الطعام والماء ، فبالتجمُّع والالتصاق بسقف الفم والضغط على الماء والطعام يدفعه سريعاً نحو البلعوم ، ولو اصيب بشلل ليومٍ واحدٍ على سبيل المثال لتعسَّر ابتلاعُ لقمةٍ واحدةٍ ولعله يصبح مستحيلًا.
4- السيطرة على المواد الغذائية : يستطيع اللسان- وبسبب قوة التذوق الشديدة فيه- أن يشخص الكثير من المواد الضارة والسامة للجسم ، ويقذفها خارجاً ، ولولا دور اللسان في السيطرة الماهرة على باب الدخول إلى الجسم لأُصيبَ الإنسان بالأمراض بسرعة نتيجة لأكلهِ الأطعمة المضرّة ، ولأصبح عرضة للأخطار ، فالطعام المُر والمالح ، أو المتَبَّل ، أو الفاسد والمتعفن يميزه اللسانُ أولًا ، فيمنَعه من الورود إلى الجسم ، أجل- هذا الحارس الغذائي مكلَّفٌ بالسيطرة على جميع المأكولات والمشروبات ليلًا ونهاراً.
5- تنظيف الفم : لابدّ أنّكم قد تفحصتم يوماً أنَّ الفم واللسان ينشغلانِ بالحركة بعد الانتهاء من الطعام ، فهذه الحركة هي لتحريك وإزالة بقايا الطعام حيث تُجمع في فضاء الفم ثمَّ تُرسَلُ إلى القناة الهضمية ، وهذا العمل يتحملُه اللسان بشكلٍ أساسي وحتى انَّهُ ينظفُ الأسنان إلى حدٍ ما ، وخلاصة الأمر : يعتبر اللسان منظفاً ماهراً للفم.
6- النُطق : وأخيراً فانَّ أهمَّ وادقَّ واجبٍ للّسان هو البيان الذي استند إليه القرآن لا سيما فى بداية سورة الرحمن لتعريف اللَّه قائلًا : {الرَّحمَنُ عَلَّمَ الْقُرآنَ خَلَقَ الانْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ}. ومع أنَّ النطق يعتبر أمراً بسيطاً بسبب كثرة ممارسته ، إلّا أنّه يعتبر في الحقيقة من أكثر الأعمال تعقيداً حيث ينجزه الإنسان ب «لسانه» و«عقله».
فيجب أن يختار أولًا الكلمة المناسبة من بين عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من الكلمات وأحياناً أكثر من هذا العدد ، ثم يصدر الأوامر إلى اللسان أن يتحرك على مقاطع الحروف بحركاته الملتوية السريعة الماهرة ، وأن يُركِّبَ الحروف المطلوبة بمساعدة الرئة والحنجرة والأوتار الصوتية ويربطها فيما بينها وأن يكوِّنَ كلمةً واحدة ، ثم يختار الكلمة الثانية بنفس السرعة ، ويولدُ أصواتاً معينة ، ويستمر هكذا حتى تكتمل الجملة ، ولو اخطأ الذهنُ قليلًا في اختيار الكلمات فانّه يقصر عن استيعاب المعنى ولو حدث أدنى خطأ في حركات اللسان السريعة في فضاء الفم لما كانت هناك جملة واحدة مفيدة.
تأمّلوا الآن متكلماً يتحدث باتزانٍ وفصاحة وبلاغة ساعة كاملة ، لقد أدار لسانه في أطراف الفم آلاف المرّات واستند إلى مقاطع الحروف تماماً وذلك في محيط صغيرٍ تتقلص إمكانية المناورة فيه كثيراً فأيُّ عملٍ عجيبٍ واعجازيٍّ يؤدّيه؟ وهذا ليسَ إلّا عرضٌ لقدرة الخالق العظيم.
ومن المسلم به أنّ الشفاه تُكمِّلُ عمل اللسان ، وتقوم بتكوين بعض الحروف ، وهذا التنسيق بين هذين العضوين يمثل عملًا لطيفاً ومدهشاً وأهم منهُ العمل الفكري الذي يلازمه.
والخلاصة أنَّ لكلِّ عضو من الأعضاء الظاهرية أو الأجهزة الداخلية للجسم كالقلب والدماغ والشرايين وشبكة الأعصاب قصةً مفصَّلةً ومثيرة ، ولو أردنا أنْ نتطرق إلى أسرارها واحد تلو الآخر لاستلزمَ سبعين منّاً من الورق لأنّ من اليسير أن تمتلىء آلاف الكتب بأسرارها ، فالأفضل لنا أن نعترف بقصورنا في هذا المجال ونخضع إجلالًا على أعتاب قدرة الخالق العظيم ، ونترنَّم بقول الشاعر بصدد الخلق ونقول أيّها الإنسان : عجباً لك إذ لم يكن للعالم مجال لمشاهدتك فلماذا لا تنظر إلى نفسك متعجباً :
أو نقول :
أتزعُمُ انَّكَ جرمٌ صغيرٌ وفيك انطوى العالم الأكبرُ !
_______________________
(1) لسان العرب ، المفردات ، مجمع البحرين ، والتحقيق في كلمات القرآن الكريم.
(2) مفردات الراغب.
(3) لقد ذكر بعضهم أنَّ اصَلها «شَفْو» (ناقصة الواو) وبعضٌ «شَفَة» لأنّ مصغَّرها «شفيهة» وجمعها «شفاه».