العمل والتسلح بالحق من أسباب النجاح

الأحد 31 مارس 2019 - 09:31 بتوقيت غرينتش
العمل والتسلح بالحق من أسباب النجاح

مفاهيم قرآنية – الكوثر:

 

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {اِذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}[طه: 42].

 

في كتاب الله تعالى، الكثير من العبر والدّروس التي تحملنا على الوقوف على ما تعنيه وما تدعو إليه من خير وبركة ونفع للإنسان والحياة. ففي خطاب الله تعالى لنبيّه موسى (ع) وأخيه هارون، خطابٌ لنا جميعاً، في كلّ عصر ومكان، بأن نكون من العباد المجاهدين العاملين الحركيّين المتميّزين بالهمّة والنّشاط والحيويّة، الذين لا يعرفون الكسل والخمول والتّثاقل والخنوع، فدعوة الله لموسى وأخيه، دعوة إلى التعاون الجماعي الذي يؤتي ثماره، وتعويد على الإحساس الجماعيّ المهمّ في حياة المجتمعات، بعيداً من الفردانية والذاتية.

 

والعمل لا بدَّ وأن يرتكز على علامات ودلائل واضحة وقائمة على الحقّ والحقيقة، فلا يمكن أن ينجح عمل أو تنجح حركة من دون توخّيها للحقّ وتسلّحها به.

 

وفي الآية المباركة نهيٌ عن التَّباطؤ والتلكّؤ، بل القيام بما يلزم من مواقف وخطوات بكلّ مثابرة وإرادة ومواجهة وعزيمة، فإذا لم ينجح الأمر من البداية، فربما ينجح في المرة التّالية.

 

من هنا، فإنّ ذكر الله، بما فيه من قوّة ونفع وسموّ قيمة ومعنى، هو خير دليل وخير مرشد لنا في صراعنا مع الباطل وأهله.

 

في تفسير القرطبي جاء حول الآية: {اِذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}: "اذهب أنت وأخوك بآياتي"، قال ابن عباس: يريد التسع الآيات التي أنزلت عليه. "ولا تنيا في ذكري"، قال ابن عبّاس: تضعفا أي في أمر الرّسالة؛ وقاله قتادة. وقيل: تفترّا...

 

ويقال: ونيت في الأمر أني ونًى وونياً، أي ضعفت ، فأنا وانٍ، وناقة وانية، وأونيتها أنا أضعفتها وأتعبتها: وفلان لا يني كذا، أي لايزال، وبه فسّر أبان معنى الآية واستشهد بقول طرفة :

 

كأنّ القدور الراسيات أمامهم قباب بنوها لا تني أبداً تغلي

 

وعن ابن عباس أيضاً: لا تبطئا. وفي قراءة ابن مسعود: "ولا تهنا في ذكري" وتحميدي وتمجيدي وتبليغ رسالتي".

 

وفي تفسير "من وحي القرآن"، ج 15، للمرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)، جاء حول هذه الآية:

 

"{اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي} التي أَنْزَلْتُ عليك قسماً منها وستتلوها الآيات الأخرى، {وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْري}، أي لا يعتريكما الفتور والوهن في ذكري، في ما يمثّله ذكر الله من الدعوة إلى الإيمان في خطّ الصراط المستقيم الذي يقود عباده المؤمنين إليه، وفي ما يوحيه في وعيهما الفكري والروحي، ليستمدّا منه القوّة على مواصلة الجهد، وتحمّل الصعوبات، وليراقباه في كلّ موقف من مواقف المسيرة التي تدفع للقلق وللاهتزاز في مواقع الزلزال النفسي والعملي.

 

وهذا هو ما يحتاجه كلّ داعية في مسيرة الدّعوة إلى الله، على مستوى الجهاد الفكري، أو على صعيد الجهاد العملي الحركي، وذلك بأن ينفتح على الله في عمق فكره وشعوره، ليبقى مرتبطاً بالهدف الذي يتحرَّك نحوه وهو رضا الله، لأنَّ الاستغراق في العمل الحركيّ قد يجعل الإنسان مشدوداً إليه، بحيث ينسى الغاية في حركة الوسيلة، وربما انحرف عن بعض خصوصيّات المسؤوليّات الشرعيّة في الممارسات العمليّة في نظرته الذاتيّة إلى طبيعة العمل والعلاقات، ولكي لا تتحوّل حركة الدّعوة إلى حالة صنميّة في الوعي الحزبي أو الطائفي، في الدائرة الفكرية أو الشعورية".

 

إنّنا كمجتمع إيمانيّ، لا بدّ وأن نتحرّك وفق مفاهيم القرآن ودعوته في كلّ ساحات الحياة، بأن نجعل رضا الله هو الهدف، حتى نكون فعلاً من أهل الإخلاص والطّاعة والتّقوى.

 

المصدر: موقع بينات